علاء الديب
ليس هذا كتابا عاديا تقابله كل أسبوع فى عروض الكتب بالجرائد والمجلات. كتب عنه وقدمه الكثيرون، والكلمة التى ترددت فى أكثر العروض: إنه كتاب «خطير». المؤلف: الأستاذ عبدالعظيم حماد، رئيس تحرير الأهرام سابقاً - كذلك رئيس تحرير جريدة الشروق سابقا، وقد عمل مراسلاً سياسياً للأهرام فى قلب أوروبا لأكثر من خمس سنوات: المقصود أنه صاحب خبرة ومعرفة سياسية أكاديمية، وعملية، وصاحب اتصالات ومعرفة نادرة، خاصة إذا عرفنا الموضوع الذى يتصدى له الكتاب الذى هو: «الثورة التائهة» هذا فى الجزء الأول وعنوانه الفرعى: «صراع الخوذة واللحية والميدان». الجزء الثانى: الذى نحن بصدده، والذى يبعث حيا معنى الخطورة الذى استشعرته فى الكتاب وفى التعليقات التى كتبت - وستكتب عنه - فقد اختار له المؤلف عنوانا يتكون من كلمات - فى نظرى - متفجرة وموحية: «الوحى الأمريكى»؟! هل أنزلت الولايات المتحدة وحيا جديدا على مقر الإرشاد لجماعة الإخوان؟! متى نزل الوحى؟ وأى شيطان: حمله؟ على من نزل؟ وما هى الفروض الجديدة والطقوس أستغفر الله - ومن الرب المعبود! ماذا فعل الإخوان بدين الإسلام!؟ وماذا فعلوا بنا؟ المقطع الثانى من العنوان يحمل معنى مفاجئا جديد.. قصة «الارتباط البناء» بين أمريكا والإخوان!
الارتباط البناء: أى مصطلحات أمريكية كاذبة خداعة؟! بناء ماذا، ومن، ولأجل ماذا ومصلحة من؟ ارتباط إيجابى يعنى؟ زواج! تبادل مصالح؟ أى مصالح؟ الإخوان أم مصالح أمريكا.. لا طبعا مصالح العالم والسلام والتنمية والرخاء والقضاء على الإرهاب الذى لصقوه بالإسلام.. أى إرهاب؟ الإرهاب الخارجى، أما الإرهاب الداخلى فإن الارتباط البناء لا يجرؤ أن يراه أحد، وأن رأى، فهو ليس إرهابا ولكنه اعتداء على حقوق الإنسان أو فوضى ناتجة عن انقلابات عسكرية مضادة للديمقراطية.
«الوحى الأمريكى» قصة الارتباط البناء بين أمريكا والإخوان، الجزء الثانى من الثورة التائهة: قصة الخوذة واللحية والميدان: للمؤلف «العارف» عبدالعظيم حماد الذى وعد على الأقل بجزء ثالث عن الحركات السلفية والإسلام السياسى. ملحمة معرفية سياسية مثيرة تصدر فى وقتها. قامت دار «المحروسة» بطباعة الجزء الأول فى وقت أحجم فيه كبار الناشرين عن إصداره، لأنه كان يناقش المجلس العسكرى ويفضح - فيما يقال - أسرار مأساة عبارة السلام. وقد قامت سلسلة إنسانيات فى مشروع مكتبة الأسرة بعمل هى جديرة به عندما طبعت بسعر زهيد الجزء الثانى لكى يكون بين يدى كل من يريد أن يعرف ما خفى من سر التنظيم السرطانى الذى كاد يودى بالبلد: حمانا الله منه وأولى خطوات الشفاء - المعرفة.
بعد أن يهدى الأستاذ حماد كتابه للشهداء: جيكا، ومحمد كريستى، ومحمد الجندى، وعمرو سعد، والحسينى أبوضيف والطبيبة الشابة شيماء. يقول فى نهاية الإهداء الطويل:
«أهدى هذا الجهد لإنارة ركن حالك الإظلام عن سبق إصرار وتكتم فى غياهب دنيا الإخوان. إنه الركن الذى يقبع فيه أصدقاؤهم الجدد من الأمريكيين والصهاينة بمشاركة أو مبادأة من إخوان أمريكا وأوروبا»، فى تصرف «ثعبانى» تكرر كثيرا من أحد الإخوان الكبار الذى لم يكن يطيق إخفاء فرحة بما صار فيه من «أملة»! فقد صار مسؤولا كبيرا ومرشحا لتصعيدات جديدة، لم يعد قادراً على إخفاء «البرجماتية» التى صارت هى الدين الرسمى للجماعة: وهى - إن كان مازال عندك شك - هى الاسم الأمريكى للانتهازية. هى تعنى: لا شىء «اسمه» القيم. لا وجود إلا «للمصالح» من يفكر فى «أى شىء اسمه قيم: فاشل: لا رجاء منه. قال هذا الثعبان الإخوانى - الذى لابد أنك ستعرفه -: «على الإخوان ألا يتعاملوا مع معاهدة السلام المصرية على أساس الحرام والحلال، وإنما الواجب هو التعامل معها بمعايير المصلحة».
كان ذلك 2007، سرعان ما نفى مكتب الإرشاد، ولم يحدث شىء. كأن لا شىء سوى الحلال والحرام. كرر نفس الثعبان تصريحا مشابها وهم فى السلطة عن عودة اليهود المصريين: الذين طردهم عبدالناصر (عبدالناصر لم يفعل) ونفى مكتب الإرشاد، ولبد الثعبان ينتظر دوراً جديداً، أو يغير جلده!! فى عيونه وابتساماته واختفاء أى أثر للتقوى أو رضا الرب على وجهه وكيانه دليل يكفينى: أستعفر الله. سأل المؤلف، هذا الشخص متى تغير موقف الإخوان من أمريكا.. لم يجب وأحاله إلى يوسف ندا، وعصام الحداد.
الأساتذة الكبار الذين صمموا خطة وتنفيذ فكرة الارتباط البناء: مارك لينش وجون سبيزيتو.
حاملة الوحى الشيطانى هى السيدة مادلين أولبرايت وطاقمها المساعد. أما أيام وليالى نزول الوحى فإن الكتاب يرصدها فى لقاءات معلنة، تقارب العشرة، هنا فى المقطم، وهناك فى الولايات المتحدة: ليلة استقالة أو إقالة مهدى عاكف، والليلة التى تقرر فيها انضمام الإخوان إلى شباب الثورة فى الميدان، أما الليلة الكبيرة، فهى الليلة التى أقنع فيها جون كيرى قيادات الإخوان بترشيح إخوانى لمنصب الرئاسة، تحسبا للمد الذى كان يحققه وقتها السلفيون.
فى فقرة مضيئة يقول الكتاب: الملاحظ أنه بينما يعمل «اللوبى» اليهودى فى أمريكا بنجاح على تطويع السياسة الأمريكية لمصالح وأهداف إسرائيل، فإن المطلوب من اللوبى الإسلامى فى الولايات المتحدة هو تطويع جماعتهم الأم للمطالب الأمريكية لتمكينها من الوصول للسلطة فى مصر، ثم فى بقية الدول العربية، ثم تطويع سياسات هذه الدول وفى المقدمة منها مصر - للالتزامات الأمريكية نحو إسرائيل.
نقلآ عن المصري اليوم