الأقباط متحدون - توقف قطار أحلامى
أخر تحديث ٠٠:٠٢ | الاثنين ٧ ابريل ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٢٩ | العدد ٣١٥٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

توقف قطار أحلامى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 بقلم اشرف دوس
يتوقف قطار المترو فى محطة لم ألتفت إلى اسمها، ليصعد شاب يضبط "استايل" حياته على خطوات تامر حسنى، من حيث طريقة تصفيف الشعر والملابس، يجلس في المكان الشاغر إلى جواري

ثم يضع يده في جيبه ليخرج جهازاً عجيب الأطوار، ينتمي إلى فصيل الموبايلات الصينى، لحظات وينطلق من هذا الكائن العجيب صوت أغانٍ مزعج، وقبل أن أطلب منه أن يخفض الصوت قليلاً، يكون المترو قد توقف فى المحطة التالية

والتى لم ألتفت إلى اسمها أيضاً، ليصعد عدد من الشباب لا يربطهم ببعضهم البعض سوى اقتنائهم لهذا الكائن الصيني المزعج، لحظات أخرى قليلة وتنطلق مجموعة من الأصوات المتداخلة والمختلفة، للدرجة التى جعلتني غير قادر على التمييز بين صوت الأغاني والقراّن والأدعية الدينية والترانيم، الأصوات كلها تتداخل وتتشابك، لتكون في النهاية صوتاً يتجسد لى على هيئة شبح مزعج يلتهم فى كل لحظة قوانا السمعية والعصبية، لننصهر مثل الجليد في بحور بلا بداية ولا نهاية من التلوث السمع أفكر في أن أسال واحداً منهم عن موقفه من حرية الآخرين

وعن سبب عدم استخدامه لسماعات الأذن، لكن نظرات أعينهم التى تحمل من العند والتحدي، أكثر مما تحمله من رغبة في التفاهم والتواصل، تمنعني. أسأل نفسي لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة من العشوائية والهمجية والتوتر الأخلاقي قبل النفسي، كيف أصبحنا نعانى من كل هذه الأمراض الاجتماعية، أفكر للحظات، وقبل أن أتوصل إلى الإجابة

أو ما يمكنني أن أوهم نفسي بأنه الإجابة، يجيبني كل هذا الكم من القبح والجهل والتخلف والعشوائية ومصادرة الحريات الذى يحيط بنا، ليجيبني مؤكداً أنه من عاشر المستحيلات وليس من رابعها أو حتى خامسها، أن يخرج من بين كل هذا قيمة واحدة للجمال. أفيق من غيبوبتى الذهنية التى وضعت نفسى فيها إجبارياً كمحاولة منى للهروب، على توقف القطار فى المحطة التى أقصدها ، أنزل، لأترك مقعدى شاغراً، ليس فى المترو فقط، ولكن فى الحياة أيضاً، بعد أن توقف قطار أحلامى بمجتمع أكثر نضجاً وتحضراً عند هذه اللحظة.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter