الأقباط متحدون - أسوان في الميزان
أخر تحديث ١٧:٠٢ | الثلاثاء ٨ ابريل ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣١٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أسوان في الميزان

صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه

مينا ملاك عازر

كلنا نعرف ما يجري في أسوان، دماء تسيل متدفقة كنهر لا يستطع أحد أن يوقفها للأسف، قتلى ومصابين ولكن علينا الا تعمينا كميات الدماء المراقة وتصمنا أصوات الرصاص الهادرة عن رؤية الحقيقة، وسماع صوت العقل، ومن هنا اسمح لي عزيزي القارئ أن أناقشك بالمنطق فيما يحدث واضعين أسوان في الميزان.

المسألة القبلية موجودة في كل مجتمعات العالم ولكن مع التمدن والحضارة تذوب النعرات ويعلو عليها الانتماء للدولة فتعلو قيمة الدولة أمام أي شيء آخر ولكن حين تغيب الدولة قيمة، ناهيك عن غيابات أخرى سيأتي محلها من الكلام فيما بعد، تتحول الصراعات إلى صراع كالذي دار بين الهوتو والتتسي مثلاً في رواندا- يحمينا ربنا- طبعاً هذا الصراع المشار إليه، كان له دوافع أخرى غير دوافع صراع أسوان لكن كانت نفس المقومات موجودة عدم إعلاء قيمة الدولة وغياباً لأجهزتها وانتشار السلاح بين أيدي المقاتلين والمقوم الوحيد الذي يغيب عن ما جرى بأسوان هو الدعم الخارجي لطرفي الصراع والذي كان متوافر في صراع الهوتو والتوتسي بسبب مصالح لدول الجوار ولدول كبرى.

تتجلى كارثة أسوان بصورة مؤسفة في مسألة غياب الدولة، وغياب الدولة هنا عن المشهد ليس في غياب الأمن أثناء الأحداث ولكن غياب الأمن أثناء وصول السلاح لأيدي المواطنين حتى يصبح بهذه الكثافة التي تؤدي لمذبحة كهذه، ثم استمر غيابه أثناء الأحداث بمنعها وعدم احترام الأطراف المتناحرة وجود الأمن، وشعور الأمن أنه عاجز وغير قادر على القضاء على فتنة، فقد كنا نقول أنها دولة بوليسية فغابت ولم نصل حتى تلك الدولة التي يبغضها البعض للأسف.

ولو نظرت من زاوية أخرى على طرق إنهاء الكارثة بأسوان، تستشعر أن الدولة تعترف بعجزها التام وعدم قدرتها على محاسبة الجناة وجمع السلاح وتظهر الحكومة التي يسمها الغرب بالقمع غير قادرة على قمع ما يجب قمعه حقاً، بل تلجأ لنفس الموروث العتيق البغيض وهو الحل العرفي الذي طالما لجأت إليه في صراعات اتسمت بالطائفية في كثير من الأماكن كان طرفيها المسلمين والمسيحيين، ومناشدة العقلاء وكأن هناك عقلاء في قبيلتين وصل الصراع بينهما لهذا الحد الدموي المقيت والمزعج لأي عاقل بحق.

كنا نقول أن الحكومة أيديها مرتعشة في كثير من الأحداث التي مرت على الوطن لكن هذه المرة أستطيع أن اصدقك القول حين أقول لك أن الحكومة كلها وليس أيديها فقط مشلولة وليست مرتعشة، الحكومة التي لا تستطيع أن تتدخل بشكل حاسم هي حكومة عاجزة عن التفكير وعن الأداء، الحكومة التي لا تستطيع ان تفرض وتمد سيطرتها على كل بقاع البلاد هي حكومة تعطي الفرصة للراغبين في نهش أوصال الوطن أن ينهشوا، كيف تريدون احتواء حلايب وشلاتين وأنتم لا تستطيعوا مد نفوذكم حتى أسوان، حقاً كارثة، نشكر الله عليها لأنها كشفت لنا ما فعله بنا مبارك من فساد تعليمي أدى لأن تكون مدرسة مصدر لشرار يشعل حريقاً، كارثة كشفت لنا ما فعلته بنا أنظمة متلاحقة برؤساء متعددين حين غابت الدولة عن أطرافها وتركتها للعقلاء وسيادة السلاح ، فغاب التأمين الحقيقي وغابت الدولة قامة وقيمة، وظهرت القبائل تتعامل مع بعضها البعض بأنفسها دون الحاجة لدولة ولوجود القانون والعدل وكأن لسان حالها منذ زمن بعيد "من النهارده مافيش حكومة أنا الحكومة"


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter