عرض / سامية عياد
اليوم يتم عمل الميرون المقدس للمرة 38 فى تاريخ الكنيسة القبطية ، "من اعتمد ينبغى أن يمسح أيضا ، لكى يصير بواسطة المسحة ممسوحا لله ويأخذ نعمة المسيح" (قول للقديس كبريانوس) ، "على هذا الأساس نحن مسيحيين لأننا ممسوحين بزيت الله " (القديس ثاؤفيليس الأنطاكى) ، "إن الختم الروحى تعقب العماد ، لأنه بعد الميلاد يجب على المعمد أن يكتمل ، وهذا يصير عندما ينسكب الروح القدس من خلال استدعاء الكاهن للروح القدس" ( القديس أمبروسيوس) ، وتوضح أقوال آباء الكنيسة الأولين مدى قدسية سر الميرون .
يتم عمل الميرون المقدس بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون لعمل الميرون بكمية " ألف كيلو" زيت زيتون ، يجرى طريقة طبخ الميرون بأسلوب تقنى جديد فيه استخدام الزيوت العطرية المستخلصة على أعلى درجات النقاء من المواد السبعة والعشرين التى تستخدم كمواد صلبة فى معظمها فى صنع الميرون .
وفى حلقات سابقة من الكرازة تحدثنا عن الميرون المقدس تعالى عزيزى القارىء نستعيدها باختصار ، الميرون كلمة يونانية تعنى طيب أو عطر تكررت فى الكتاب المقدس بعهديه أكثر من خمسين مرة ، وزيت الميرون هو الذى يستخدم فى السر الثانى "سر التثبيت" الذى كان يمارس فى زمن الآباء الرسل بوضع الأيدى كعلامة منظورة وصارت ممارسته فيما بعد بالمسحة بالزيت ، وهذا السر كالخاتم الذى يثبتنا فى المسيح فمن خلاله نحمل صورة المسيح فينا .
إعداد زيت الميرون له رحلة طويلة فى تاريخ الكنيسة ، نسميها "طبخ الميرون" وقد بدأت من أيام البابا أثناسيوس الرسولى بعدما أخذ من الأطياب المحفوظة بالكنيسة وكانت على جسد المسيح المصلوب والتى أحضرها مارمرقس الرسول حينما جاء الى مصر، وأضاف إليها زيت الزيتون، وبهذا يعتبر البابا أثناسيوس الرسولى أول من عمل الميرون المقدس على مستوى مسكونى لأول مرة فى مدينة الإسكندرية ، ثم وزع منه على الكنائس الأخرى من خلال مندوبيها الذين حضروا عمل الميرون معه واستمر عمل الميرون فى كنيستنا 37 مرة آخرها عام 2008 م بيد المتنيح البابا شنودة الثالث والذى صنعه عدة مرات خلال حبريته الطويلة.
ويذكر القس بيشوى حلمى كاهن كنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا عن سر الميرون ، إن السيد المسيح حسب قول آباء الكنيسة أشار الى هذا السر حين قال "إن عطش أحد فليقبل الى ويشرب ، من آمن بى ، كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى " ، كما وعد الرب يسوع تلاميذه بحلول الروح القدس عليهم قائلا "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الأبد ، روح الحق الذى لا يستطيع العالم أن يقبله" .