بقلم:نانا جاورجيوس
ولم يكن صليباً واحداً حملتيه بطريق آلامكِ، بل 17 صليباً بـ 16 طعنة، و مقذوفاً نارياً إخترق قلبك الصغير. ولم يشفهم قتلكِ إلا حين خنقتكِ أيديهم ليؤكدوا إنتصارهم على صليبكِ! طوباكِ يا ماري قطَّعوكِ بسكاكينهم لأن شيطانهم لم يريدكِ أن تذهبي هذه الجمعة لعمل الخير ومساعدة المحتاجين، فقد إنتهت رسالتك على الأرض لتدخلي لعالم الأبدية.
لكن كلي ثقة و إيمان أن كل طعنة كنتِ تتلقِّين فجيعتها في قلبك الصغير كان يخفف عنكِ آلامها يسوع إله الرحمة وأبوكِ السماوي هو من كان يتلقى عنكِ طعناتهم في قلبه لأنها أساساً موجهة إليه وليست إليكِ. ضم بيديه روحكِ الطاهرة لحضنه وهو يشعر بآلامكِ وعاش معكِ لحظات غدرهم بكِ التي سدد فيها الشيطان طعنات حقده و رعبه من صليبكِ.
قتلكِ يا ماري مجتمع تكفيري أفرزوا هويتكِ الدينية في ثواني بنظرة بسيطة لداخل سيارتكِ، فلم يكونوا بحاجة ليعرفوا هويتكِ فشعركِ المكشوف يعرفونه جيداً ويقول إنكِ لستِ منهم، وصليبكِ المعلق بسيارتكِ أثار أعصابهم حين ذكرهم بفتوى علامة الشفروليه البرهامية، فلم يتمالكوا أمامه أنفسهم فإغتالوكِ مع سبق الإصرار وإنهالوا عليكِ كيلاً و تمزيقاً
فكان نصيبكِ حكم الإعدام الذي حكم به شيطانهم عليكِ. لم يكونوا سلفيين ولا إخوان فقط، بل كانوا أحفاد آكلة الأكباد في جهادهم الدموي المقدس، لهذا لم نستغرب كثيراً المنظر حين رقصوا فوق جثتكِ مسرورين، مكبِّرين، مسبِّحين بحمد شيطانهم، مهللين بصيحات إلههم أكبر، رافعين إصبع التوحيد فخورين بإنتصارهم على صليبكِ !.
قتلوكِ المتستِّرين من يتسترون على كل جريمة تمارس بتلذذ ضد مسيحي، وآخرهم المتسترين على مجرمي مذبحة الأسكندرية لعائلة يوسف طويل ! فأصابع المجرم واحدة والمحرض والمتستِّر واحد في كل جريمة. فإستحالة أن تكون طلقة نارية واحدة تمر بجسدك كله لتمزقكِ من فوق لتحت بهذه الوحشية لتخرج في نهاية رحلتها من ظهركِ كما إدعى الطبيب الشرعي هشام عبد الحميد في رواية ملفقة و ساذجة لا ينخدع بها أغبى إنسان في الأرض ! قصته ساذجة تنفيها أقوال شهود العيان الذي شاهدوا أسلحتهم الإرهابية وخناجرهم وسنجهم و هي تسدد في جسدكِ، فما حدث لكِ يا شهيدة الصليب أكده لواء الداخلية هانى عبد اللطيف، المتحدث باسم وزارة الداخلية بجريدة الوفد، بأنكِ قتلتِ طعناً بالسكاكين.
ماحدث لكِ يا ماري مثال صارخ لفكر ظلامي عفن صافح يد المجتمع فطرح إنسانيته أرضاً وإغتال ضميره الجمعي فرقصت الذئاب فوق كفنكِ ! أقتل مسيحيين تدخل الجنة وتربح حور العين ! ماحدث سيظل يحدث يومياً وبلا توقف فمازالت الكثير والكثير من الأكفان يرقص فوقها الشياطين في إنتظار المزيد من أجساد ضحاياهم
وممارسات ممنهجة يُغتال فيها المسيحي ثلاثاً، فأول من قتلتكِ هي وصلات الطرب اليومية من الفتاوي التحريضية ثم إغتالتكِ يد المجرم ثم جائت اليد الثالثة المباركة لتضع التاتش واللمسات الأخيرة لتتستر على عملهم الإجرامي المقدس وتخرجه لنا بصورة يريدوننا فيها أن نصدق أكاذيبهم ! فثقافة التكفير تغلغلت في نفوس مريضة و إنتشى بها فكر جمعي لمجتمع أصبح يُناصب العداء لدينكِ و صليبكِ، فالجهاد المقدس تقوى و الفتاوي التكفيرية ورع وخشوع وتقرباً لله ! وسط تبخير المسئولين بمباخر البركة لإعطاء الجريمة مبررات معقولة أمام الرأي العام . لهذا لا نلوم يا ماري فتاوي شيوخ التكفير التي يصدحون بها في آذاننا ليلاً و نهاراً
فهم البلابل المغردة التي تشدوا إلينا فيُفرض لهم المساحات عبر البرامج والشاشات ليملأوا أذُنْ الناس بسمومهم وبأن المسيحي ذميِّ كفار ولازم يتكسر صليبه ولو حتى كان على شكل ماركة الشيفروليه، فأسلوب الزنّ على الوِدان أصبح أمرّ من السحر !، ولكنهم لا يعلمون إن السحر لابد له أن ينقلب على الساحر، وإن اليد التي إغتالتكِ مع سبق الإصرار بسبب إيمانكِ المسيحي، هي ذات اليد التي إغتالت الصحفية ميادة أشرف شهيدة الواجب، فصرتما شهيدة للإيمان وشهيدة للوطن مثالاً مفزعاً لحال مجتمع تتهاوى قيمه ليسقط صريعاً بين براثن غول الوحشية ، فاليد الغادرة بصماتها واضحة تقول أن المجرم لن يُفرِّق في ضحاياه بعد الآن، فمن يصمت على ذبح المسيحيين اليوم ستطوله نفس اليد المجرمة وتطول أولاده غداً.
فقتلتكِ ياماري فتاوي الشيخ برهامي وهو يصرخ يومياً بكُفر المسيحيين ودفعهم لجزية عقوبة لدينهم، قتلتكِ علامة الشيفروليه التي تخيلها المجرمين بسيارتك ليكتشفوا أنه صليب أرعب شيطانهم فجنْ جنونهم و خانتهم أعصابهم فتملكتهم هوايتهم المفضلة ليبخروا إيديهم بدمائكِ بعد خروجهم من صلاة الجمعة، فقد كانت فرصتهم الذهبية أن يطبقوا عليكِ معتقدهم تنفيذاً وتلذذاً بفتاوى شيخهم الأعظم الذي نجح بجدارة في الدور التكفيري المُكلف به كفزاعة سلفية عوضاً عن الفزاعة الإخوانية لتحريض القاعدة الشعبية العريضة بالمجتمع وإحداث حِراكاً جمعيٍاً لإستباحة دمائكِ، فلا غضاضة في تهديداته وفتاويه التكفيرية، وعلى رأي اللواء حسن الرويني أيام مذبحة أقباط ماسبيرو « كلنا سلفيين »، يعني بالبلدي كده عايز يقول « زيتنا في دقيقنا » وأنا و إبن عمي على الغريب !
ودعناكِ يا ماري لأحضان الفردوس ونحن نؤمن أن الموت هو ربحٌ فتمتعتي بحضن المسيح وفرح أبدي لايُنزع منكِ وسط تهليل ملائكته وتسبيح قديسيه، تركتِ لنا فقط حُرقة كبيرة تلهب صدورنا وجرح غائر يُدمي قلوبنا لينزف أكثر كلما زادت مساحة الحُرقة، ولكننا نؤمن بأن إلهنا إله أحياء وليس إله أموات، وأن وطننا بالسماء حيث الراحة الأبدية وليس على أرض الشقاء والظلم التي شربت دمائك، فإلهنا صالح وعادل وله النقمة أن يجازي، يُمهل ولا يُهمل.
فهنيئاً لك بسماء الملائكة والقديسين يا عروس المسيح المفدية والمخضَّبة بدمائه ودمائكِ التي غرق فيها جسدكِ ليؤكد إيمانكِ ثانية بمعمودية الدم، فالأرض لم تكن تليق ببرائتكِ الطفولية التي أغتالت بسمتها يد غادرة شيطانية ونهش جسدكِ أعداء الحياة، كالحمل الوديع وسط ذئاب مفترسة قتلوكِ بوحشية كسيدك « فلَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ.» فإنطبق عليهم قول الإنجيل: «الَّذِينَ قَتَلُوا الرَّبَّ يَسُوعَ وَأَنْبِيَاءَهُمْ، وَاضْطَهَدُونَا نَحْنُ. وَهُمْ غَيْرُ مُرْضِينَ للهِ وَأَضْدَادٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ »«1تس2: 15»