د.ماجد عزت إسرائيل
ولد ايـزاك فــانوس فى 19 ديسمبر 1919ـ بعد ثورة 1919م ــ فى قــرية " أبا الوقف" التابعة لمركز مغاغـة محافظة المنيا (عــروس الصعيد) لأسرة قبــطية ميسورة الحال،كان والـده من كبار تجار الأقـمشة بسوق الحمزواى،بمنطقة الأزهـر بوسط مدينة القاهرة ،وكانت والــدته محبه للفنون بكل أشكـــالها،فشجــعت أبنائها على حب الفـــنون والتعليم،فأبنها الأكبر هو الفنان الفوتوغرافى"رياض شحاتة" مصور المـــلك"أحمد فؤاد الأول"(1917-1936م)،وأبنها الثانى درس الفنون، وتولى فى آخر أيامه مديــراً لمتحف "محمود مختار" أما الأبن الأصغر ،فإلتحق "إيـــزاك"بمدرسة القديس يوسف بالخرنفش الفرنسية ، واستـمر بها من المرحلة الأبتــدائية حتى البكـالوريا (الثانوية العـــامة حالياً)، والتحق بكلية الفنون التطبيقية وتخرج فى فى عام 1941م،وحصل على دبلوم الفنون من معهد التربية الفنية للمعلمين فى قسم الرسم عام 1946م.
وواصل "إيــزاك فــانوس" دراسته للفنون فحصل على دبلوم من معهد الدراسات القبطية عام 1956م، وسافر الي باريس حيث درس فن رسم الأيقونات، وترميم الآثــار عام 1966م،وبعدها حصل علي درجة الزمالة بمعهد الدراسات القبطية عام 1967م، وسافر إلى أيطاليا من أجل التخصص فى مجال دراسة الأيقونات القبطية فحصل على درجة الدكتوراه والزمالة من أكاديمية الفنون الجميلة بفلورنسا عام 1975م.
وبدأ حياته العملية فى عام 1946م،حيث عيين مدرساً لمادة التربية الفنية بالعديد من مدارس شبرا،وكان يجمع ما بين العمل والدراسة ،وبعد حصوله على درجـة الدكتوراه، عمل أستاذاً ورئيساً لقسم الفن القبطي بمعهد الدراسات القبطية، وكان لأصدقائه دور فى توجيه ومساعدته فى دراسة " فن الأيقونة القبطية" ومنهم راغب عياد،وبطرس سميكه الذي أعطاه فرصة التواجد للعمل بعض ساعات بالمتحف القبطي، فعرف وقتها عمـــالقة الأقباط فى مجال الفـــنون والآثار مثل المهندس حنا سميكة والفـــنان يسى عبد المسيح، رؤوف حبيب، وسامى جبرة(. وتأثر بأستاذه الفنان الروسي الشهير "ليونيد أوسبنسكي" الذي علمه قيمة تذوق الفن القبطي من خلال شكله المرئي، كما أن " بول إيفدوكيموف" أستاذ اللاهوت الأرثوذكسي، قد رسخ فيه ما أطلق عليه لاهوت الجمال أو لاهوت النور الذي يجب أن تعبر عنه الأيقونة وتظهره لكل من يراها.
قدم "إيــــزاك فانوس" للفن بصفة عامة،وللكنيسة القبطية بصفحة خاصة العديد من الأعمال التى لا تزال خير شاهــد على موهبته الفنية،التى كان لأمـــه الفضل فى تنميتها، نـذكر منها على سبيل وليس الحصر،رسم عدداً كبيرا من الأيقونات وأعمال المــوزاييك والإفرسك "الرسم الحــائطي" ونوافذ الزجاج الملون في العـديد من الكنائس والمزارات مثل: واجهـــة كنيسة القديس "مارجـرجس" بميت غمـر عام 1960م، مـزار القـــديس "مرقـس" بالكــاتدرائية المرقسية الكبري بالقاهرة عام 1968م ،وكنيسة "مارجـرجس" باسبورتنج بالاسكندرية عام 1967، وكنيسة "مارميـــنا" بطنطا عام 1970م، وكنيســة "مار بـــولس" بطنطا عـــام1980م، ومـــرزار القـديس مار "مرقـس" بالاسكندرية عام 1970م، وأيضاً اللوحات الجـدارية بدير الأنبا "بشيوى"بديره بمنطقة وادى النطرون عام 1970م، وكنيســـة "مارمينا" بافلمـــنج بالإسكندرية عام 1972م، وشـــارك الفـنان "صلاح عـبد الـــكريم" فى لوحات الـــمزاييك بمحطة السكك الحديد بوسط القـاهرة عام 1972م، وكنيسة السيدة الــعذراء مريم" بجاردن سيتي بالقاهـــرة عام 1979م، كما أقام لوحة جدارية ضخمة بمتحف الركائب الملكية بالقـــلعة عام 1983م، وكنـيسة "العذراء مريم" بأرض الجولف بمصر الجديــدة عام 1986م،و كنيسة "أباكير ويوحنا" بأبي قـير عام 1986م.
كما أقام عــدة أعمال بالكنائس فى مجال الفن القبطى خارج مصر منها كنيسة القديس " مار مرقس بلندن،و"كنيـسة على نفس الاسـم بالولايات المتحدة الامريكية، بــــولاية نيوجرسى،وكنيسة السيدة "العذراءوالأنبا أنطونيوس" بحي كـــوينز بمدينة نيويورك عام 1983م، ورسم أيقونة قبطية وقدمه كهدية باسم مصر،لهيئة الأمم المتحدة الأمريكية عام 1987م .
على أية حال،استطاع "إيــزاك فانوس" أن يقوم بتطوير شكل الأيقونات القبطية،للدرجة التي جعلته صاحب مدرسة فنية عالمية مصرية متميزة في هذا المضمار من جهة، ويستحق لقب رائد الأيقونة القبطية الحديثة من جهة آخرى.
ولمكانته العلمية والفنية كرمته بعض المراكز المحلية والدولية، وحصل على العديد من الجوائز نـذكر منها على سبيل الميدالية الذهبية من معهد الدراسات الشرقية بفينيسيا عام 1987، وفى عام 1984م منحه قـداسة البابا "شنودة الثالث"الـــبطريرك رقم (117) (1971-2012م) شهـــادة الدكتوراة الفخرية على أعمــاله ودراسته وخدماته فى مجال الفنون القبطية .
وفى 15 يناير2006م،رحـل عن عالمنا الفانى الفــنان القبطى "إيـزاك فانوس" عن عمر يناهز نحو (86) عامــاً، قضاه معظمها فى خدمة الفـــن القبــطى، نيـح الله نفسه فى فــردوس النعيـــم و بين أحـضان القـديسين ،حـــيث كان مـثلا يحـــتذى به، ورمــزاً من رمـوز مصر وعالمنا العربى الحبيب.