نادر نور الدين | الاربعاء ٩ ابريل ٢٠١٤ -
٣٧:
٠٢ م +02:00 EET
نادر نور الدين
لو كان الأمر يتعلق بالكهرباء ورعاية الفقراء لبدأت إثيوبيا بالسد الأول القريب من العاصمة وزحامها وليس بسد الحدود الأبعد
من لقائى بوزير الخارجية نبيل فهمى أستطيع أن أجزم بأنه أكثر الوزراء إلماما بقضية مياه النيل والسد الإثيوبى الكارثى، وأنه التقى جميع خبراء المياه واستمع إلى فكرهم جميعا، وأصبح الآن ملما بجميع تفاصيل الموضوع ولا أعيب عليه فقط إلا تشكيله للجنة برئاسة الوزير الأسبق محمود أبو زيد، والذى تسبب فى توقيع اتفاقية «عنتيبى» الانشقاقية فى 14 مايو 2010 بما قدمه من تنازلات بشأن إلغاء الإخطار المسبق، وإلغاء حق «الفيتو» لمصر وإلغاء الحقوق المكتسبة لمصر وإلغاء التصويت بالإجماع وجعله بالأغلبية وهم أغلبية فعلا دون مصر والسودان
. ما نرجوه من الوزير بأن يتبع مدرسة تضم مختلف الاتجاهات المصرية سواء من الصقور أو الحمائم. تصريحات وزير الخارجية فى بروكسل هذا الأسبوع بشأن أن مصر لا تعارض بناء السدود الإثيوبية وأنها عرضت تمويلها والمشاركة فى إدارتها كانت منقوصة وتحتاج إلى إيضاح، وهو ما تواصل بشأنه معنا السفير الصديق بدر عبد العاطى- المتحدث الرسمى باسم الخارجية-، موضحا أنها تصريحات لمواجهة الملاوعات الإثيوبية فى أوروبا والغرب بأن مصر لا تريد التنمية لإثيوبيا ولا تريد لها الخروج من دائرة الفقر «وكأن بيع الكهرباء وحدها قادرة على إخراج أى دولة فى العالم من دائرة الفقر– مسكين الفكر الإثيوبى»، وبالتالى فإن تصريحات الوزير كانت تعنى أن مصر موافقة على التصميم الأصلى للسد وأنها تمول وتشارك فى إدارة سد بسعة 14.5 مليار متر مكعب من المياه لأنه لن يضر مصر بهذا الحجم الذى يمكن تحمله، بل ويمكن مستقبلا لإثيوبيا أن تقيم سدا مماثلا وبالسعة نفسها بعد أن نكون قد عوضنا النقص فى بحيرة ناصر، وبالتالى فإن مصر موافقة ليس على بناء سد واحد، بل يمكن أن نوافق على سدين بسعات صغيرة شأن جميع السدود المقامة فى إثيوبيا، أما السد الحالى وما خلفه من باقى السلسلة فهى واضحة لكل الخبراء بأنها سدود لتخزين المياه وليست لتوليد الكهرباء، وأن الكهرباء مجرد حُجة تتخذها إثيوبيا لخداع العالم لأن كفاءة هذا السد الضخم بسعة 74 مليار متر مكعب بخلاف 22 مليارا فقدا بالرشح من قاع التربة و3 مليارات فقدا بالتبخير، لن تتجاوز كفاءة توليد الكهرباء منه وباعتراف الباحثين فى الجامعات الإثيوبية عن 33% مقارنة بالمعدل العالمى 66%.
بما يؤكد للعالم أنه سد لتخزين المياه وليس لتوليد الكهرباء، بالإضافة إلى الإيضاح بأن من يريد سدا لتوليد الكهرباء لا يقيمه فى نهاية الدولة على الحدود مع السودان فى منطقة خالية من السكان وعلى بعد 760 كيلو متراً من العاصمة أديس أبابا وما حولها من مناطق تكدس سكانى، خاصة أنه فى خطة إثيوبيا لبناء سدودها الأربعة العدوانية على النيل الأزرق أن تقيم أحدها على شلال «تيسى إسات» المقابل للعاصمة وضواحيها والقريب من التكدسات العمرانية فى أعالى الهضاب حيث الجو أفضل والأمطار أغزر، وبالتالى لو كان الأمر يتعلق بالكهرباء ورعاية الفقراء لبدأت إثيوبيا بالسد الأول القريب من العاصمة وزحامها وليس بسد الحدود الأبعد والذى يكلف نقل الكهرباء منه ما يعادل تكاليف بناء سد بأكمله. نحن نقدر جهود وزير الخارجية نبيل فهمى ونقر بإلمامه الجيد بالقضية ونرجوه أن يوضح أن مصر مع السدود الصغيرة لتوليد الكهرباء وليست مع سدود تخزين المياه فى دولة لا تستهلك إلا 10% فقط من مواردها المائية مقابل مصر التى تستهلك 120% من مواردها المائية طبقا لتقديرات الأمم المتحدة، وأن يوضح للعالم أن إثيوبيا تتخذ الكهرباء ومحاربة الفقر حجة فقط من أجل إقامة سدود لتخزين 200 مليار متر مكعب من المياه للاتجار فيها مستقبلا وبيع المياه لإسرائيل ومصر والسودان ودول الخليج وهو ما لن يقره العالم أبدا لأن مبدأ بيع المياه يجب أن يتبعه أيضا مبدأ بيع الهواء.
وزير التموين يصرح بعناوين رئيسية فى الصحف الكبرى بـأن الوزارة ستقيم طرقا لوجستية للربط بين قناة السويس وإثيوبيا وباقى دول حوض النيل لتنشيط التجارة البينية؟! اللوجستية؟! بالذمة رجل الشارع وفقراء وزارة التموين يفهمون معنى كلمة لوجستية؟! أم أن تخصصه فى لوجستيات النقل البحرى ستجعلنا نعانى تصريحاته؟! هل الوزير لا يعلم أن إثيوبيا دولة حبيسة لا تطل لا على بحر ولا محيط لربطها بقناة السويس؟! ومثلها أوغندا ورواندا وبروندى دولا حبيسة كما أن الكونغو تطل إلى غرب أفريقيا البعيدة جدا عن قناة السويس؟!
أما زيادة سعر إنتاج الرغيف المدعم من 34 قرشا إلى 38 قرشا لصالح التجار والغرفة وتحديد 3 أرغفة للفرد ونقاط للخبز مثل المحمول فهو مقال الأسبوع المقبل.
نقلا عن الدستور
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع