الاربعاء ١٦ ابريل ٢٠١٤ -
٤٦:
٠٩ م +02:00 EET
مي زيادة
بقلم : شاكر فريد حسن
صالون مي زيادة الأدبي في أريحا ..! شاكر فريد حسن كانت الأديبة اللبنانية ، ابنة الناصرة الجليلية بفلسطين ، وصاحبة \"باحثة البادية \" ، مي زيادة (1886- 1941) ، قد أقامت في بيتها صالوناً أدبياً ، شكل حدثاً ثقافياً تاريخياً فريداً ومميزاً . وكان يعقد كل يوم ثلاثاء ويحضره لفيف من أقطاب الأدب والفكر والسياسة وفرسان الشعر ومشاهير العلماء والمفكرين ، أبرزهم طه حسين ومصطفى صادق الرافعي وعباس محمود العقاد ومصطفى عبد الرازق وإسماعيل صبري واحمد لطفي السيد وخليل مطران وسواهم الكثير .
وكان هؤلاء يجتمعون في الصالون ويتبادلون الآراء والأفكار ويتحاورون فيما بينهم حول مواضيع سياسية وأدبية وقضايا فكرية وفلسفية مختلفة . وكان كلام مي زيادة وجمالها الجسدي والروحي الفتان وثقافتها المتنوعة يضفي على هذه اللقاءات جواً من البهاء والصفاء الذهني والعقلي والإحساس الراقي بالجمال بكل تجلياته ، ولم يكن يتغيب احد عن هذه اللقاءات إلا لظروف قاهرة وفوق الإرادة . ولكن هذا الصالون انفض بعد أن رحلت مؤسسته وصاحبة فكرة إنشائه مي زيادة عن الدنيا ، تاركة في القلوب والعيون الغصة والحسرة والمرارة والألم ، لما كانت تتمتع به من خصال وجمال وفكر وثقافة ووعي ورؤيا وعبقرية فذة وفكر تحرري متنور . وكان كل واحد من أدباء وكتاب عصرها يحلم ويتمنى أن يحظى بقلبها وحبها وودادها . وبعد موتها وانفضاض صالونها كتب شاعر القطرين خليل مطران فيها شعراً ، قائلاً : أقفر البيت أين ناديك يا مي إليه الوفود يختلفونا؟ في مجال السبق آل إليك السبق في المنشآت والمنشئينا نعمة ما سخا بها الدهر حتى آب كالعهد سالباً وضنيناً أيهذا الثرى ظفرت بحسن كان بالطهر والعفاف مصوناً لهفي نفسي على حجى عبقري كان ذخراً فصار كنزاً دفيناً واليوم يعود من جديد صالون مي زيادة في مدينة القمر وبلد النخيل أريحا ، الذي أعلن عن افتتاحه في ختام احتفالات آذار الثقافة ، تتويجاً لنشاطات الاحتفاء بثقافة الوطنية الفلسطينية الإنسانية الراقية ، حيث شارك جمع من الأدباء والمبدعين والمثقفين الفلسطينيين في افتتاحه ، من بينهم الأديب سلمان ناطور والروائي يحيى يخلف والكاتبة ليانة بدر والشاعر عمران الياسيني وغيرهم .
وقد تمحورت مداخلات وكلمات المتحدثين في هذا اللقاء الثقافي عن مي زيادة ومسيرتها ودورها النهضوي وأفكارها التقدمية التنويرية المناصرة لحرية المرأة وحقها بالمساواة الاجتماعية ، وعن أهمية صالونها الأدبي وملتقاها الفكري الذي جمع واستقطب خيرة وصفوة المفكرين والمثقفين والأدباء المصريين . إن الهدف الرئيسي من وراء إعادة إحياء صالون مي زيادة في أريحا هو تنشيط الحياة الثقافية وتفعيل الحراك الأدبي ، والارتقاء بالثقافة والفكر الفلسطيني ، وتعميق أواصر العلاقات بين المبدعين والمثقفين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وتعزيز الحوارات الثقافية والفكرية بينهم ، في هذه المرحلة التي تتميز بالشلل والركود الإبداعي والفراغ الثقافي وغياب الحوارات الثقافية والفكرية والادبية ، وطغيان السياسي على الثقافي العام . ومع الترحيب بإقامة صالون مي زيادة الأدبي في أريحا ، فكلنا أمل أن يسهم في رفد الحياة الثقافية الفلسطينية باللقاءات والثقافية والحوارات النوعية ، التي من شأنها تحريك المياه الراكدة في بحر الثقافة الفلسطينية .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع