محمود خليل
المهندس إبراهيم محلب رئيس وزراء جاء لأداء مهمة محددة، تتمثل فى رفع الدعم عن السلع الأساسية التى يحصل عليها المواطن تحت مسمى إعادة هيكلة الدعم الذى يثقل كاهل الموازنة العامة بعشرات المليارات. من الطبيعى جداً أن تشرع الحكومة فى تنفيذ هذه الفكرة قبل تسمية «السيسى» رئيساً للجمهورية أواخر يونيو المقبل.
ربما تذكر حديثى منذ عدة أشهر عن التسريبات التى بثتها بعض المواقع والقنوات الفضائية لأجزاء من حوار المشير «السيسى» مع الكاتب الصحفى ياسر رزق، فقد توقفت أمام ما قاله المشير عن إلغاء الدعم وأنه ممن يؤمنون أن كل سلعة لا بد أن تباع للمواطن بسعرها الحقيقى دون أى دعم من الدولة، وأن الرئيس السادات -رحمه الله- كان الوحيد الذى امتلك الجرأة على اتخاذ قرار برفع الدعم، لكنه تراجع عنه بسبب خروج المصريين فى مظاهرات حاشدة فى 18 و19 يناير عام 1977. هذا ما قاله «السيسى»! أتصور أن المسألة لا تحتاج إلى شرح، فاتخاذ حكومة محلب هذا القرار فى التوقيت الحالى يمكن أن يُفهم منه أن هناك محاولة لتمهيد وتعبيد أرض الحكم أمام المشير.
فمن غير المنطقى أن يبدأ «السيسى» المؤمن بهذه الفكرة رحلة حكمه مع الشعب «العشمان» فيه برفع الدعم وإشعال نار أسعار كل السلع والخدمات بالصورة التى يُتوقع أن تحدث مع حلول شهر مايو المقبل، حين تشرع حكومة محلب فى رفع الدعم، الأفضل أن تكون هناك «فوطة» يتم مسح هذا القرار فيها بعيداً عن «المشير» نفسه. والجعبة لا تخلو من أسباب. فما أسهل أن تتحدث عن العجز فى الموازنة، وما أيسر أن يتلكك فى عدم وصول الدعم إلى مستحقيه، وغير ذلك من كلام، وما أصعب أن تتحدث عن التقشف فى الإنفاق الحكومى، أو الحد من ظاهرة الملايين المملينة التى تدخل جيوب القيادات الحاكمة، أو المليارات التى تختزنها الصناديق الخاصة لتصبح مصدراً لـ«الهبش الممنهج»، أو فرض ضرائب حقيقية على رجال الأعمال، أو البحث عن ثروات مصر التى نهبها رجال «المخلوع» الذين ينعمون الآن بأموالهم بعيداً عن أية مساءلة.
الحكومة «المحلبية» لا ترى أن هناك سبيلاً لحل مشكلات العجز فى الموازنة سوى «حلب» جيب المواطن.. برافو عليكم، وسوف أقولها لكم بملء الفم: إن استطعتم المرور بهذا القرار، ربما ظننتم أن هذا الشعب بلغ من حبه لكم وللمشير «السيسى» مبلغ الرضاء ببلع «الزلط» انطلاقاً من قاعدة «حبيبك يبلعلك الزلط». لو استطعتم إقناع هذا الشعب بأن يبتلع «الزلط» وأن يسف التراب بديلاً للطعام، وأن يسعد بالعيش فى الظلام بما يتسم به من شاعرية على العيش فى صخب الأنوار، وأن يعالج أمراضه ويعلم أبناءه بأناشيد المحبة وسيمفونيات المودة للمشير ورئيس الوزراء والحكومة الرشيدة، لو استطعتم إقناع الشعب بذلك برافو عليكم وهنيئاً لكم.. وابقوا قابلونى لو فلحتوا!
نقلآ عن الوطن