ما زالت أصداء الحوار الأول لـ«السيسى» مع إبراهيم عيسى ولميس الحديدى تفرض نفسها على مقالات الرأى. ظهور أول لم يقُل فيه الرجل الكثير من برنامجه، لكن بانت ملامح عديدة من أسلوبه، ومن تفكيره. عندى مشكلة فى «آلية التنفيذ» للمشروعات التى طرحها «السيسى»، لكن يبدو أن الرجل جاهز بها، ولا يريد الحديث عنها.
خذ عندك مثلاً «الجون الحلو» الذى أحرزه «السيسى» بالحديث عن الظهير الصحراوى التنموى للمحافظات المصرية، وإعادة ترسيم وتقسيم مصر إدارياً. مشروع محترم مفيش كلام، ووجود د. فاروق الباز فى الصورة شىء مطمئن، والخريطة التى عرضها «السيسى» خريطة عظيمة، لكن حين سُئل «السيسى» عن تنفيذ الأمر قال إنه يتكلف تريليون جنيه، وإنه سيجمع التريليون جنيه من المصريين فى الخارج ورجال الأعمال، والأصدقاء، والاستثمارات الخارجية.
السؤال هو: هل هذا الأمر منطقى؟؟ هل سيجمع «السيسى» فعلاً تريليون جنيه بهذه الطريقة؟؟
وهل حل أزمة البطالة بإعطاء شباب الخريجين «عربية» وتحميلها ببضائع من «سوق العبور»؟ أم أن الموضوع أكبر وأعمق من ذلك بكثير؟..
المشكلة لا تزال موجودة، وها هنا أحاول أن أضع نفسى فى نظرة عين الطائر الذى يحاول أن يرى من أعلى، لأن الأمر محسوم عند مؤيدى «السيسى» أو كارهيه، أما بالنسبة لشريحة تريد أن تفهم، ولا تريد أن تتبع المثل القائل: «أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب»، فالأمر لا يزال يحتاج لتوضيح، وعموماً فـ«السيسى» نفسه التزم بعامين يحدث خلالهما تحسن وتغيير..
بالطبع فإن هذين العامين سيشهدان العديد من التغيرات، لكن إطالتهما -من وجهة نظرى- سيكون المساعد فيها هو «الإخوان المسلمون» أنفسهم أو مريدوهم، وهم الذين يقدمون أنفسهم من الآن كشماعة يعلق عليها «السيسى» ومؤيدوه أى شىء فى المستقبل، وعندى ثقة فى غباء الإخوان ومؤيديهم الذى سيجعلهم من المكرسين لاستبداد «السيسى» وديكتاتوريته بما سيفعلونه، ووقتها سيكون ديكتاتوراً بناء على طلب الجماهير، بعد أن يجعلهم العدو الأول، وقد بدأ بالفعل فى ذلك.
عموماً: هذه ملاحظات وملامح أخرى من ملامح «السيسى» فى حوار قاده «السيسى»، ولم يقده محاوراه:
■ «السيسى» لن يسمح لأحد بأن يراقب ميزانية الجيش تحت أى ظرف، ووفق أى سلطة.
■ الجيش بميزانيته (التى يعرفها السيسى) ورجاله سيكون شريكاً رئيسياً مع «السيسى» فى تنفيذ العديد من المشروعات.
■ السعودية والإمارات وروسيا حلفاء استراتيجيون واقتصاديون لمصر فى عهد «السيسى».
■ «السيسى» يعرف سطوة المرأة المصرية على زوجها وعلى أبنائها «لا تستهين بالأمر واسأل أمك أو زوجتك».
■ «السيسى» يرفض التظاهر ولن يسمح به إلا وفق ما يقتضى قانون لن يتغير فى عهده.
■ لن يقوم «السيسى» بإصدار عفو رئاسى على أى من المحكوم عليهم فى قضايا.. أياً كانت المناشدات.
■ توارى تماماً عن الحوار أى حديث من أى نوع عن العدالة الانتقالية، وميثاق الشرف الإعلامى، رغم أنهما من خطوات خارطة المستقبل التى شارك «السيسى» فى وضعها.
■ غاب، وسيغيب، ولن يكون هناك أى حديث، عن أى تجاوزات سابقة على عهد محمد مرسى، ولننسَ تماماً الحديث عن «كشف العذرية» الذى اعترف به «السيسى» نفسه، وسحل «ست البنات»، و«مذبحة ماسبيرو»، وغيرها من الأحداث التى شاركت فيها القوات المسلحة المصرية وقت أن كان «السيسى» رئيساً للمخابرات الحربية.
■ «السيسى» سيظل (قائداً) ولن يكون هناك على ما يبدو «صف ثانٍ»، وسيتعامل دائماً بمبدأ يا «تعملوا اللى أنا عاوزه يا هاعمله لوحدى».. راجع إجاباته مرة أخرى وستدرك ما أقصد.
■ إبراهيم عيسى ولميس الحديدى كانا فى أسوأ حالاتهما كمحاورين لـ«السيسى».. رغم محاولات المشاغبة والمشاكسة التى كانت نتيجتها: «انتو عايزين تسمعوا ولّا هتتكلموا انتو؟؟!!».
أخيراً.. نعيد الدعوة.. اللهم خيِّب ظنون كل من يرى رئيس مصر القادم فاشلاً أو مشروع ديكتاتور جديد أو ظالماً مستبداً.. اللهم أكرم مصر بحاكم صالح بطانته صالحة، ولا تجعلها مثل الست اللى حظها وحش فى الرجالة.
نقلا عن الوطن