الأقباط متحدون - أخلاق انتخابية
أخر تحديث ٠٧:٤٨ | الخميس ٨ مايو ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش٣٠ | العدد ٣١٨٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أخلاق انتخابية

سعد الدين الهلالي
سعد الدين الهلالي

ثورات المصلحين لا تضيع هباءً، ودماء شهدائهم الزكية لا تفوت بغير علامة تاريخية فارقة بين جيل استهلك الأحسن قديماً حتى صار حسناً وبين جيل جديد يستمتع بالأحسن الأحدث حتى يأتى جيل فى المستقبل فيستهلكه ويجعله حسناً ليطلب المصلحون وقتها الأحسن، وهكذا دواليك. تلك هى قصة المصريين فى ثورتيهم 25 يناير و30 يونيو اللتين تتوجان فى هذه الأيام بانتخابات رئاسية نتوقع أن تكون الأحسن والأفضل بإذن الله بين المرشحين السيدين «المشير عبدالفتاح السيسى» والأستاذ «حمدين صباحى». بما يستوجب على الفقهاء تسجيل دواعى الأفضلية التى تظهر أحلام السابقين وقيم الإسلام المعروفة فى الذاكرة والمعدومة أو الشحيحة فى واقع حياة الناس غالباً. وسيعلم مصابو الثورتين وأسر شهدائهما وسائر الثوار المصلحين أن الله -تعالى- قد بارك فى جهودهم ورفع بهم مستوى القيم العامة فى صورة الانتخابات الرئاسية، ومن أهم تلك القيم ما نعرضه بكل اعتزاز فيما يلى:

(1) اصطفاء الترشح: فقد نجحت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بحكمتها ورشدها فى وضع ضوابط دقيقة ترفع من مستوى المتقدمين للترشح بما يليق برئاسة مصر، ويبعد الموتورين الذين أهانوا منصب الرئاسة بترشحهم له فى انتخابات 2012 التى شهدت سباقاً بين 13 مرشحاً بعضهم كان جاداً وأكثرهم كان مشاغباً. تأتى انتخابات الرئاسة فى 2014 بين مرشحين جادين يليقان باسم مصر واهتمام شعبها، فكان هذا هو القيمة الأولى المضافة لمكاسب الثورتين فى انتخابات الرئاسة المصرية.

(2) الاقتصاد فى الدعاية الانتخابية: فقد أحسن المرشحان لرئاسة مصر (المشير والأستاذ) اتخاذ قراريهما بالاقتصاد إلى درجة التواضع فى الدعاية الانتخابية باللوحات الإعلانية والبوسترات التى كانت تستعمل بإسراف وتبذير مستهجن فى انتخابات الرئاسة فى عام 2012 للموصوفين بالإسلاميين، حتى لم يخل منزل من ملصق، وكان أحدهم يباهى بأنه الأكثر انتشاراً باسمه وصورته على بيوت المصريين فاشتكى له أحدهم بأن منزله يخلو من بوستره فرد عليه بأنه قبل أن يصل إلى منزله فسوف يتم إلصاق البوستر على بيته. لقد رأى المصريون أموالهم تستهلك فى البوسترات الإعلانية مع شعارات التخدير «سنحيا كراماً» و«مشروع النهضة»، ثم جاءت انتخابات 2014 ليرى المصريون رشد مرشحيهم واقتصادهم فى الدعاية الشكلية التى تضيع المال ولا تخيل على أصحاب العقول والأفهام، وتوافق المرشحان الرشيدان على مخاطبة المصريين ببرامجهما التى تفتح آفاق المستقبل دون تخدير الناس عن واقعهم.

(3) رقى الخطاب الدعائى: فقد كان من أسباب كراهية المتدينين للنظم الانتخابية هو هبوط مستوى خطاب الدعاية فيها؛ حتى إن أسوأ الكلمات وأقبح العبارات وأردأ المصطلحات ما كانت لتنتشر إلا فى الأوساط الانتخابية، فلن ينسى الناس فى الانتخابات الرئاسية لعام 2012 عبارات «الفلول» و«الإستبن»، ناهيك عن تبادل التهم. أما فى انتخابات الرئاسة 2014 فالمصريون يرون شكلاً راقياً فى الخطاب لكلا المرشحين، وكأنهما يتنافسان على طيب الكلام تجاه بعض وتجاه شعبهم قبل التنافس على مقعد الرئاسة.

(4) الموضوعية فى تسويق البرنامج الانتخابى: فقد كانت السمة المؤثرة فى تسويق برامج المرشحين لانتخابات الرئاسة لعام 2012 هى المساس بالجوانب الشخصانية للآخرين، فمن أراد أن يستجلب المؤيدين فليس أمامه إلا أن يزكى نفسه دينياً أو يذم غيره أخلاقياً. أما فى انتخابات الرئاسة لعام 2014 فالشعب المصرى أمام حملتين رشيدتين يتنافس أصحاب كل حملة منهما على أن يكون عرضهم موضوعياً يحترم عقول المصريين بما يستحق التوقير والإجلال.

(5) حماية الدين من التجارة الرخيصة: فقد مر الإسلام بأسوأ تجارة رخيصة فى تاريخه مع ما سموه «الإسلام السياسى»، وكانت الدعاية لانتخابات الرئاسة باحتكار صفة الإسلام لمن يرفع شعاره وقد لا يبالى فى ممارسة محظوراته، ويوزعون صكوك الغفران لمن يمنحهم صوته، ويهددون من لم ينتخبهم بغضب الرب والخروج من الملة. تأتى انتخابات الرئاسة لعام 2014 بين مرشحين مسلمين وسطيين لا يزايدان على أحد بإسلامهما، بل ويستران العلاقة التعبدية مع الله رجاء قبولها وخوفاً من الرياء فيها.

كل هذه القيم الأخلاقية وغيرها كثير لمن أراد أن يمعن فى قراءة المقارنة بين انتخابات الرئاسة فى 2012 وفى 2014، وكلها مبشرة بفضل الله -تعالى- على نتيجتين كريمتين ترفعان من مستوى الديمقراطية المصرية:

النتيجة الأولى: مبادلة الشعب مرشحيه المحترمين القيمة بالقيمة والأصالة بالأصالة على وفق قول الله (سبحانه): {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (الرحمن: 60). وسيخرج المواطنون إلى صناديق الاقتراع مهما كلفهم من وقت للإدلاء بأصواتهم بكل حرية وقناعة ذاتية، وسيتواصون بعدم التخلف عن هذا الواجب الوطنى دون تدخل أحد فى إرادة صاحبه.

النتيجة الثانية: حسن خاتمة الانتخابات الرئاسية بين المشير والأستاذ بتهنئة الفائز بثقة المصريين منهما من صاحبه، والاصطفاف مع المواطنين فى خدمة الشعب وحماية دولته وراء رمز الدولة ورئيسها الجديد على وفق قول الله (تعالى): {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (الإسراء: 34).

ولكن يبقى الرجاء والأمل فى تكرار تلك الأخلاق والقيم النبيلة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ حتى يفرح المصريون باكتمال خريطة الطريق ويبدأوا رحلة البناء والإعمار لمصرنا الغالية.

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع