الأقباط متحدون - شعار المرحلة: الالتزام والإنتاج والضمير
أخر تحديث ٠٨:١٢ | الاربعاء ٢١ مايو ٢٠١٤ | بشنس ١٧٣٠ ش١٣ | العدد ٣١٩٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

شعار المرحلة: الالتزام والإنتاج والضمير

بقلم منير بشاى
ذكرت فى مقال سابق انه على رأس العوامل التى تدعونا للتفاؤل بمستقبل مصر ايماننا بالانسان المصرى وبقدراته التى يشهد بها العالم كله. وذكرت ان المصرى اثبت وجوده عندما هاجر الى كل مكان ذهب اليه.  فرغم حاجز اللغة واختلاف نظم التعليم والنقص فى الخبرة المحلية فمع ذلك استطاع ان ينافس زميله الأجنبى ويتفوق عليه.

 ولكن من المفارقات ان يكون الانسان المصرى الذى نبغ فى كل مكان ذهب اليه قد فشل فى بلده وبالتالى أفشل بلده معه.  والسبب هو ان المصرى خارج مصر قد نجح لأنه يعمل من خلال مناخ يملى عليه ضوابط تساعده على النبوغ بينما فى مصر هو يعمل من خلال مناخ مختلف تماما يثبط الهمم ويقتل الطموحات ويظهر كل ما هو ردىء فى النفس البشرية.

هذا المناخ المعهود يجب ان يتغير ان اردنا بناء مجتمعنا على اسس سليمة.  وعلى رأس الأمور التى نحتاجها هو اعادة برمجة للعادات التى تأصلت فينا واستبدال الهدام منها بقيم جيدة  وفى تصورى ان اهم ما نحتاجه فى المرحلة القادمة هو تبنى شعار يقوّى من الالتزام والانتاج والضمير.

 الالتزام هو حالة الانضباط وتقدير المسئولية للقيام بالواجب والوفاء بالعهود.  المشكلة التى استفحلت فى مجتمعنا هى طغيان الفوضى والتسيب فى كل مكان والتى نطلق عليها احيانا "السبهللة" والتى نتيجة انتشارها ظهرت شعارات مثل "مشى شغلك" و"فوت" و "اللى تكسب به العب به" واصبح الناس يفتخرون بقدراتهم على "الفهلوة" والمراوغة والافلات من المسئولية .

الالتزام يحتاج الى اقناع بأهميته وتدريب على اتباع قيمه ولن ينجح الا اذا اصبح مبدأ عاما يمارسه غالبية الناس، لأنه ما فائدة وجود انسان ملتزم فى وسط مجتمع كامل لا يعرف الالتزام.

 الالتزام يبدأ بتقدير قيمة الوقت ومعرفة انه من ذهب فعلا وليس مجرد كلام.  وللاسف قد انتشرت عادات لا تعطى للوقت اهميته.  فنتيجة البطالة وجدنا الكثيرون ممن لا يرتبطون بمواعيد فيصبح الوقت عندهم لا قيمة له.  بعض هؤلاء وجدوا فى الاضرابات مجالا لشغل اوقاتهم بل استخدمها البعض كمهنة يرتزقون منها.  متى تنتهى هذه الاضرابات ويعود الجميع للعمل؟

 الالتزام بالوقت معناه ان تراعى قيمة وقتك ووقت الآخرين فلا تضيّعه فيما لا يفيد.  فاذا كنت موظفا فالالتزام معناه الذهاب لعملك والانصراف منه فى الميعاد واثناء العمل لا تضيع وقت العمل فيما لا صلة له به.  والالتزام معناه انك عندما تعد اصحاب المصالح بموعد لتسليمه ما يحتاجه توفى بما وعدت ولا تصر على ان يحضروا مرات ليحصلوا عليه.

امر آخر فى غاية الأهمية خاصة فى المرحلة القادمة هو الانتاج.  لا يمكن ان يزدهر اقتصاد مصر الا بالدخول بقوة فى عالم التصنيع والانتاج لتتحول مصر من دولة مستوردة الى دولة مصدرة.  وليس المهم مجرد الانتاج ولكن الانتاج المتقن لتصبح كلمة "صنع فى مصر" عنوان الجودة.  العمل المتقن يجب ان يصبح جزءا من مكونات شخصية الانسان.  يجب ان يحس المواطن المصرى ان الاتقان هو شهادة فخر وعاملا على احترامه لنفسه قبل ان يتوقع احترام الآخرين له.

 هذه الثلاثية تكتمل بوجود الضمير.  الضمير هو صوت الواجب الذى يصرخ داخلنا كلما عملنا ما يتناقض معه.  اما اذا مات الضمير فمعناه وصول الانسان الى وضع يصبح العلاج معه امرا مستعصيا.  فطالما يوجد بقية من الضمير يجب تدريبه ليكون اكثر حساسية واكبر فاعلية لبناء اخلاقيات الفرد حتى يصبح المواطن الصالح الذى سيقوم عليه بناء مصر.

     وجود الضمير معناه عدم  تقاضى الموظف الرشوة (او حتى البقشيش او الاكرامية) نظير القيام بما هو واجبه، أو اختلاس ما لا حق له فيه.  لقد سمعنا عن حالات كثيرة لسرقة المال العام فى الآونة الأخيرة.  وربما ما يبرر هذا عند البعض اعتبارهم ان المال العام ملك للجميع وانهم يأخذون ما هو حق لهم، وواضح ان هذا كذب وتضليل.  ومن الطبيعى ان ما سيساعد على هذا تحسين الاقتصاد وبالتالى  رفع المرتبات ليتمكن الموظف من العيش الكريم دون الالتجاء لهذه الأساليب.

 لا احتاج لتكرار القول ان الاوضاع فى مصر قد وصلت الى درجة مزرية، وأنه لن يعالج هذه الاوضاع غير المصريين انفسهم.  والتوصيفة الناجعة للعلاج يجب ان تتضمن وضع الخطة السليمة التى ينفذها الانسان الملتزم عن طريق الانتاج المتقن الذى يراعى الضمير الحى.
Mounir.bishay@sbcglobal.net
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter