بقلم : اسحاق صبحي
عند تأمل المشهد السياسى المصرى يتبين بوضوح غياب الاقباط شبه الكامل عن تفاعلات الحياة السياسية فى مصر, وهو مايعكس حالة الغيبوبة والانسحاب الاجبارى الذى اندفعنا اليه كمسيحيين نتيجة صعود وتغول وتعملق الاسلام السياسى فى العقود الماضية.
لا سبيل لاصلاح ذلك الوضع فى ظل عدم وجود اطار سياسى يجمع رجال السياسة المسيحيين، حيث لا جدوى من تواجد الاقباط فى الاحزاب السياسية التى تعانى هى الاخرى من الحصار والتهميش و التغييب الاجبارى عن الشارع السياسى وعن التفاعل مع الجمهور.
ان المشاركة فى فى العمل السياسى لم تعد رفاهية بل هى ضرورة حياة لا غنى عنها ، وخاصة وان الخصم الذى يستهدف الاقباط هو خصم سياسى فى الاساس وهو غير ملتزم بقواعد اللعب بشرف بل يخلط عن عمد بين السياسة والدين والفساد والبزنس ، يمارس العمل السياسى بعيداً عن اى اخلاقيات او اى معايير وطنية، واضعاً فى اعتباره استهداف الاقباط كهدف سهل وشبه مجانى يسهل التلاعب به وتحقيق انتصارات رخيصة على حسابنا بين الفينة والفينة.
كل ما سبق يؤكد اننا بحاجة لتأسيس "نادى للسياسيين المسيحيين" يكون بمثابة جمعية سياسية تضم رجال السياسة المسيحيين المنتشرين – على قلتهم - فى مجتمع السياسة والمتواجدين فى الحزب الوطنى والاحزاب الاخرى والوزراء المسيحيين ومجلس الشعب والمجالس النيابية الاقل، ورجال الاعمال الوطنيين واساتذة الجامعات ورجال الاعلام والصحافة والمثقفين والفنانين الاقباط واعضاءالنقابات والشرائح المتعلمة من المسيحيين كالاطباء والمهندسين والمحامين ورجال التعليم والقضاء....الخ .
ان الهدف من تشكيل هذا التجمع هو ان يكون خطوة اولى نحو تأسيس "تكتل للسياسيين المسيحيين"، يتحرك بنشاط فى ارجاء الحياة السياسية المصرية وعن طريق تحرك مركز ومدروس كفيل بأن يولد حالة من الضغط المستمر على النظام وعلى المتأسلمين بصورة شبه مستمرة وهو ما سيضطر الاثنين معاً لاتخاذ موقف المدافع بصورة شبه مستمرة وهو ما سيغير قواعد اللعبة و سيؤدى حتما لأرباك حسابات الجانبين وشل قدرتهما معاً على استهداف المسيحيين.
مثل هذا التكتل سيعدل كفة الميزان الى حد بعيد فى مواجهة التيار الدينى الذى يكاد ينفرد بالشارع فى ظل حالة موات اكلينيكية تمر بها كافة الاحزاب منذ نشأتها.
كما ان هذا التكتل هو السبيل الوحيد لتقديم وجوه مسيحية جديدة للحياة السياسية المصرية
فلابد من تدريب اجيال من الشباب المسيحى على العمل السياسى وتزويد هؤلاء الشباب بخبرات الاجيال السابقة ، فى نفس الوقت التعرف على ادوات ومفاهيم السياسة الحديثة.
نحن لا نطالب بانشاءحزب سياسى للمسيحيين خاصة واننا لا نسعى للحكم بل نسعى للتواجد والدفاع عن مصيرنا ومصائر اولادنا.
ان تاسيس هذا التجمع سوف ينعكس ايجابيا على الشارع القبطى حيث سيتفاعل الجمهور ايجابيا مع بدء التحرك السياسى المسيحى الجديد.
مما لا شك فيه ان الجمعية السياسية المسيحية ستضم فى عضويتها الاف من الاعضاءالاقباط ومعهم شركاء الوطن من المسلمين الذين يحلمون بتغيير مستقبل مصر.
ومن المؤكد ان مثل هذا التحرك السياسى سيعطى فرصة للجمعية بمراقبة اداء النظام تجاه الاقباط و الاقليات الاخرى، كما سيمكنه من تطوير اليات استشعار ودراسة الاخطار المستقبلية التى سيتعرض لها المسيحيين نتيجة سياسات النظام من جهة وتحركات الاسلاميين من جهة اخرى، والسعى لمواجهة هذة الاخطار قبل ان تحدث بوقت كافى، وهو ما سيحرم الارهابيين من عنصر المبادرة والمفاجأة.
ان ثمن هذا التحرك فادح وانم لابد ان يتسلح المسيحيين بالشجاعة والاقدام مقدمين مصلحة الشعب المسيحى على مصالحهم الشخصية ومستعدين للتضحية بمكاسبهم وكرامتهم ان لزم الامر من اجل صالح اجيالنا القادمة، وأخص بذلك رجال النخبة منهم فلا يصح ان يظل مسيحيو مصر بتعداد يتخطى العشرة ملايين مواطن خارج المشهد السياسى ما يجعلهم لقمة سائغة للانتهازيين واصحاب المصالح والمرضى النفسيين فى النظام وصفوف الارهاب السياسى الدينى