الأقباط متحدون - الثورة الثالثة
أخر تحديث ٠١:٠٥ | الأحد ٢٥ مايو ٢٠١٤ | بشنس ١٧٣٠ ش١٧ | العدد ٣٢٠٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الثورة الثالثة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

 محمود خليل
فى لقائه التليفزيونى الأخير قبل «الصمت الانتخابى» استلفتت انتباهى جملة قالها المشير «السيسى»: (مصر لا تحتمل ثورة ثالثة)، وأتذكر أنه كررها أكثر من مرة فى حوارات سابقة.

الجملة تحمل معنى صحيحاً بنسبة 100%. فمصر المجهدة لا تحتمل ثورة ثالثة، لكن إلى من يوجه السيسى هذا الكلام؟ إلى المشير، أم إلى الشعب؟ أتصور أن أكثر شخص يجب أن يسمِّع لنفسه هذه الجملة هو «المشير» نفسه. والحكمة تقول إن أقرب أذن إلى هذا اللسان أذن هذا الإنسان، فأذن القائل تستقبل الكلام الصادر عن اللسان قبل أذن السامع.

«السيسى» هو أكثر شخص مطالب باستيعاب حقيقة أن هذا البلد لا يحتمل ثورة ثالثة، يكرر فيها ما سبق وفعله مع الرئيسين: «المخلوع» و«المعزول»، ولكى يحدث ذلك لا بد أن يجتهد رئيس مصر المقبل فى الإصلاح منذ اللحظة الأولى لتسلمه السلطة، فالإصلاح هو كلمة السر التى يمكن أن تجنب مصر خطر كهذا، لأن المصريين خرجوا -حينما قرروا الخروج- ضد حالة الفساد التى استشرت فى عهد «مبارك»، ثم «مرسى». لم يفهم الاثنان معنى ولا مغزى صبر المصريين. المصرى يا سادة يتحرك فى صبره بـ«العشم»، فهو يصبر -حين يصبر- عشماً فى الإصلاح، ولكن عندما يفقد الأمل ويصل إلى مرحلة يأس كامل من أن الجالس على عرش البلاد لا يرى لنفسه سبيلاً غير سبيل الفساد، فإنه يثور ضده، ويسقطه من فوق عرشه مهما كانت قوته ومنعته!.

بدأ «مبارك» عصره بالحديث عن «طهارة اليد» والكلام عن أن «الكفن ملوش جيوب»، وأن عصره حرب على الفساد وسعى حثيث نحو الإصلاح، ومرت السنون ولم يفعل شيئاً، بل انقلب على عهوده ووعوده وأسس دولة للفساد ما زالت ترعى فوق أرض المحروسة حتى هذه اللحظة. أما «مرسى» فقد قدّم نفسه وإخوانه على أنهم أصحاب «الأيدى المتوضئة» وأبناء مدرسة «قال الله وقال الرسول»، ومرت الشهور ولمس المصريون رغبتهم العارمة فى الاستئثار بهذا البلد وأخونة مؤسساته والعربدة فى ثوابته التى عبر عنها فى ثورته التى قام بها ضد المخلوع، وكانت النتيجة أن وضع الرئيس الجديد إلى جوار سلفه فى السجن، بعد عام واحد من وصوله إلى الحكم.

الإصلاح بما يقتضيه من ضرب على أيدى المفسدين، والتطبيق العادل للقانون، وإقامة عدالة اجتماعية حقيقية هو الضمانة الوحيدة لعدم خروج المصريين. «السيسى» مطالب باستيعاب تلك الجملة التى ما فتئ يكررها، وأن يفهم أن الناس لا تطلب منه إصلاحاً كاملاً يستخدم فيه عصا سحرية، بل يريدون الشعور بأن ثمة خطوات تقوم بها السلطة السياسية على طريق الإصلاح. مثلاً لا تطلب من المواطن التقشف وهو يرى الحكومة تنفق على أبهتها حتى الإسراف، لا تطلب من المواطن الاستيقاظ مبكراً من أجل العمل، وهو يعانى البطالة، خذ خطوة تثبت للناس أن الحكومة تتقشف وسوف يراعون، وفِّر فرصة عمل للشاب العاطل، وسوف يستيقظ لك قبل الفجر وليس بعده. امنح الناس أملاً، وسوف يصبرون، أما الحديث الذى يدعو المصريين إلى الانصراف عن التظاهر للمطالبة بحقوقهم رغبة فى الاستمرار على مقعد السلطة، فكلام «ما يوكلش عيش»!.
 نقلآ عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع