الاثنين ٢٦ مايو ٢٠١٤ -
٢٢:
٠٣ م +02:00 EET
بقلم: د. ممدوح حليم
في خطوة تتسم بالشجاعة والجرأة والصدق مع النفس قرر البطريرك الماروني اللبناني مار بشارة الراعي التوجه إلى أورشليم/ القدس هذه الأيام ليكون ضمن الوفد المرافق لبابا الفاتيكان في زيارته للأماكن المقدسة في فلسطين والأردن وإسرائيل.
تأتي هذه الزيارة في ظل معارضة وامتعاض من قبل بعض الجهات السياسية في لبنان وفي ظل تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية الواجب اختياره من أبناء الطائفة المارونية.
وتجيء هذه الزيارة بالتوازي مع قرار مصري سياسي الأصل كنسي التنفيذ بمنع زبارة الأقباط لأورشليم القدس.
وكان الرئيس الأسبق مبارك قد غير العقيدة الأمنية لمصر لتصبح إسرائيل هي العدو بعد أن رأى رئيس مصر السابق له السادات وقد أزهقت روحه من قبل إسلاميين متشددين جراء عقده معاهدة سلام معها، على الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية كانت تسير سرا في عهده على قدم وساق معها ، كما كان بعض رجال الأعمال الموالين للدولة والمضمونين من قبل مسئوليها يزورون سرا الدولة العبرية.
وفي منتصف التسعينات بدأت رحلات تتدفق إلى القدس بغرض الزيارة الدينية من قبل المسيحيين المصريين، لكن بدأت الأجهزة الأمنية تتراجع عن موقفها ، ولكي لا تبدو أنها تتدخل في شأن ديني مسيحي يثير استياء العالم قررت أن تصدّر القيادة الدينية البابوية المصرية في هذا الشأن ويبدو أن تعليماتها كانت مشددة.
ومنذ أن وطأت قدمي الحاكم العربي إلى مصر في القرن السابع وهو يعرف جيدا أنه يمكن السيطرة تماما على الأقباط من خلال باباهم إذ هم يخضعون بصورة تامة له خلافا لأغلب الطوائف المسيحية العربية.
أوقعت القيادة الكنسية عقوبات غليظة على القائمين بالزيارة وطلب منهم تقديم اعتذار علني في جريدة الأهرام على وجه التحديد، الأمر الذي يعد نقطة سوداء في تاريخ الكنيسة، يأتي هذا في الوقت الذي كان الأمر لا يمتد لكنائس المهجر.
تغيرت أمور كثيرة في مصر بعد ثورة 25 يناير، وتغيرت قيادات كثيرة وتغيرت العقيدة الأمنية لتصبح حماس هي العدو الأول، لكن موقف بعض القيادات الكنسية لم يتغير انتظارا لضوء أخضر من النظام الحاكم المرتاح للوضع القائم، ووفاء لقيادات دينية سابقة دون مبرر.
تحية عاطرة من القلب للبطريرك الماروني الشجاع لهذه الزيارة التاريخية في وطنه لبنان الذي يعاني من مشاكل طائفية وسياسية أكثر حده من نظيره في مصر.