الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤ -
١١:
٠٦ م +02:00 EET
بقلم منير بشاى
انتهت الانتخابات وكما هو متوقع فاز المشير السيسى ليصبح رئيس جمهورية مصر. فتهنئة من القلب مع خالص تمنياتنا له بالتوفيق. المهمة التى تنتظر الرئيس السيسى عظيمة والتحديات التى تواجهه كبيرة. ولكن ايماننا فى الله أكبر وكذا ثقتنا فى قائد المسيرة.
والأن جاء وقت الجد. لا وقت لدى الرئيس السيسى او لدى الشعب المصرى لتضييعه. المريض فى غرفة العناية المركزة، والاطباء المتخصصون يلتفون حوله محاولين انقاذ حياته. من تسببوا فى هذه النكسة عليهم التنحى جانبا ومن يستطيعوا عمل شىء ايجابى ليتقدموا. وهنا تاتى مهمة القائد الذى وثق فيه الشعب وانتخبوه ان يميز بين من سيخدم مصر ومن هدفه استغلالها.. ليس هناك مجال لمزيد من التجارب وتكرار المزيد من الاخطاء.
أمام الرئيس السيسى ملفات كثيرة تحتاج الى اصلاح: الاقتصاد، الأمن، الغذاء، التعليم، الصحة، الاسكان، المواصلات، وغيرها. من اين نبدأ؟ ربما من جميعها، فلا توجد قضية من بين هذه تحتمل التأجيل. ولكن هذا لا يمنع وجود قضايا محورية تتطلب التركيز اكثر من غيرها لأنها هى التى ادى اهمالها الى التراجع فى كل القضايا الأخرى ولأنه فى علاجها سيتم خلق المناخ الذى سيساعد على حل القضايا الأخرى. وفى اعتقادى انه على راس هذه هو الخطاب الدينى.
الشعب المصرى شعب متدين. ومن الطبيعى ان يلجأ الشعب للدين ليجد فيه السلوى والعزاء كلما مر بظروف صعبة. ولا شك ان ما يمر فيه الشعب الآن هو من اقسى ما عانى منه فى تاريخه. وبالتالى من المتوقع ان نرى محاولات من تجار الدين لاستغلال الدين للوصول الى مآربهم.
الرئيس السيسى يعرف خطورة الخطاب الدينى المتطرف وقد تحدث عنه عدة مرات فى الشهور الماضية. ففى الندوة التى عقدتها ادارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة فى 11 يناير 2014 قال "ان تعديل الخطاب الدينى هو معركتنا الكبرى" وفى لقاء باعضاء المجلس القومى للمرأة 13 ابريل 2014 قال ان "الخطاب الدينى يحتاج الى مراجعة كبيرة حتى تنفض الاشكاليات الخاصة به ولا يصل بنا الحال الى ما وصل اليه الوضع الآن" مشيرا الى انه يوجد الآن "من يحاول حرق برج كهرباء او اقتحام مستشفى او القتل او القيام باعمال عنف باسم الدين" وفى لقائه بوفد المجلس القومى للإسكان فى 1 مايو 2014 قال ان "الخطاب الدينى فى مصر ابتعد عن الواقع "مؤكدا ان "الدين بمفهومه الواسع يستوعب الجميع ويجب ان نعبر عن الله بما يليق فى افعالنا واقوالنا" وفى 4 مايو 2014 قال السيسى "الخطاب الدينى المنعزل عن الواقع خلق مشاكل فى نسيج المجتمع المصرى" مضيفا "أنا عشت وترعرعت فى حى ليست فيه مشكلة بين المسلم والمسيحى ولم يكن احد يستدعى دين الآخر ولكن وجدنا انفسنا نتحرك فى اتجاه مختلف حتى بين المسلمين وبعضهم البعض نتيجة الخطاب المتطرف الذى اتحدث عنه"
باسم الدين وجدنا كل الموبقات ترتكب بعد نسبها الى الله واعتبارها من المسلمات التى لا يجوز مناقشتها.
العنف اصبح امرا مقبولا بعد تكفير المجتمع وتطبيق نصوص تسمح بقتل من يسموهم الكفار.
الخرافات انتشرت بعد تبريرها بمفاهيم دينية اخذت من المجتمعات البدوية.
الكراهية انتشرت وظهرت عبارات تربط هذا بالله وتعتبره "كره فى الله!"
التعصب الذى يدفع البعض الى ظلم غير المسلم بدعوى نصرة اخيك ظالما او مظلوما.
وهكذا وجدنا ان الدين الذى قصد به ان يكون رحمة بين الناس أصبح اداة للظلم والترويع. والدين الذى هو علاقة شخصية بين الانسان وربه اصبح اداة للتدخل فى شئون الغير وفرض انواع القهر والاضطهاد. والدين الذى هدفه اصلاح العلاقة مع الله وتاكيد حسن التعامل مع الانسان اصبح بعيدا عن صلاح الله وسمو الانسانية.
ان الممارسات الدينية المتطرفة هى التى اوصلتنا الى ما نحن عليه. والممارسات الدينية المعتدلة هى التى عن طريقها يمكن ان تعود مصر الى سابق حالتها كمجتمع متجانس يعمه السلام، وكبلد مسالم لا يعتدى على احد ولا يعتدى احد عليه.
إبدأ يا سيادة الرئيس رحلة اصلاح مصر باقرار الخطاب الدينى المعتدل. فى هذا تنصلح أحوال مصر وتعود مرة اخرى الى طريق المجد.