الأقباط متحدون - مصر بين الأمل وخيبة الأمل
أخر تحديث ١٩:٢٣ | السبت ٣١ مايو ٢٠١٤ | بشنس ١٧٣٠ ش٢٣ | العدد ٣٢٠٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مصر بين الأمل وخيبة الأمل

بقلم/ عزت بولس
تعاقبت على كإنسان،عشرات السنوات من وجودي داخا قارتين،إحداهن تحوي بلادي وطني،والثانية تحوي نجاحاتي كإنسان على كافة مناحي الحياة.

بأفريقيا عبر وطني مصر عشت سنوات طفولتي وشبابي،ومع بداية النضوج تركت وطني جسديًا فقط متجهًا نحو أوروبا لتحقيق طموحاتي المهنية في البداية ثم الحياتية لاحقًا لأحلام المهنة،وحقيقة الأمر إنني تركت وطني مصر بالجسد فقط رغم طول سنوات العيش بالخارج،بل أنني أكاد أجزم بأن كل يوم بسنوات التواجد بالخارج كنت أفكر في مصر،وأتمنى بداخلي حتى الآن أن أعيش لليوم الذي أري فيه مصر كما هى بأحلامي،بلد حضاري ينتفض ضد غبار التطرف والتراجع الذي لحق بتاريخ مصر المتحضر الراقي عن واقعها الذي تعيشه للأسف.

بعفوية وتلقائية لم أستطيع سوى أن أقارن بين الحضارتين مصر وأوروبا،وهى مقارنة غير عادلة بنظر البعض،لكن وفقًا لقناعاتي فإنني أري أن المصري قادر على أن يصنع فرقًا ورقمًا قياسيًا،لتستعيد مصر دورها العلمي والثقافي إذا أراد.

هذا وعلى الرغم ورغم كثرة الإخفاقات التي حولت أحلامي لمصر لشكل قاسي من الكوابيس خلال العشر سنوات الأخيرة، إلا إنني لم أفقد افقد الأمل يومًا في قدرات المصريين.

المؤسف حقًا أنه  كلما ظهر بصيص من الأمل في أن تلحق مصر بقطار الحضارة، ظهرت عوائق في الطريق، بعضها نتيجة لتدخل الدول الكبرى لعرقله مسار القطار الحضاري هذا، إلا أن  والكارثي أن العوائق – لتقدم مصر- بأحيان كثيرة تكون داخلية حيث قادة سياسيين لا يشعروا بحب حقيقي تجاه مصر،وإنما يفكروا فقط في منافع شديدة المحدودية لهم،تقلب الشعب المصري ضدهم،ولنا في وضعية مبارك الآن أسوة حسنة.

ودعني اسرد من وجه نظري ومعايشتي، بعض أسباب العوائق التي تسببت في تعطيل بل إيقاف قطار الحضارة المصري لسنوات، فمع قيام الثورة عام 1952 أتذكر جيدًا مدى تفاؤلنا في تحقيق حلم الرخاء والتحضر، وبالفعل أسرعت الدولة في بناء المدارس، وبدأت في تشيد المصانع، وووصل معدل النمو السنوي إلى أرقام قياسية، وبرز اعتزاز كبير للمصري بمصريته، وأصبحت مصر على المستوى العربي والإفريقي مثل يحتذي بيه، و وصل صدى النجاح المصري إلى دول أمريكا اللاتينية التي سرعان ما قلدته. ولكن سرعان ما بدأت العوائق والعراقيل تحاك لوقف ماكينة التقدم، ففقدنا الكثير من الأموال والرجال في حرب اليمن، وجاءت نكسة يونيو التي سوقنا إليها باندفاع وعنترية، فأطحت بحلمنا عشرات السنين، ولا أغالى إذا زعمت إننا لازلنا نعانى أثارها حتى يومنا هذا.

 ومضى عصر وجاء عصر أخر برئيس جديد يتسم بالدهاء السياسي، فحقق نصر تاريخي في 6 ساعات واستردت مصر كرامتها التي أهدرت خلال حرب الأيام الستة عام 1967. وبدأنا نحلم من جديد في الإلحاق بقطار الحضارة مرة أخرى، وبدأت الاستثمارات تأتى إلينا، وازدهرت السياحة. ولكن سنوات الازدهار لم تطول، وبدأت مصر تتنقل إلى عصر الإرهاب الاخوانى.بعد ذلك انتقلنا إلى مرحلة أخرى، بدأت في إصلاح ما أفسده العصر السابق لها، وركز قادتها في إصلاح البنية الأساسية المنهارة كنتيجة للحروب السابقة، وتحقق الاستقرار خلال عقود ثلاث، ازداد خلالها معدل إقبال السياح لزيارة مصر والتمتع بشواطئها وتاريخها الفرعوني العظيم. ولكن تناست القيادة  الخطر الداخلي المتمثل في نمو شيطان الجماعة الإخوانيه، وتركوها تنظم صفوفها، وتتوغل في قرى ومدن مصر وتستغل النزعة الدينية لدى المصريين في بث سمومها، واعتقدت القيادة ساذجة أنها في مأمن من شرهم. حتى جاءت ثورة 25 يناير التي لم يظهر التاريخ بعد من المدبر لها ومن ورائها، وثار الشباب على الأوضاع الاجتماعية المتردية، نظرًا للاهتمام القيادة بالميسرين وترك المعدمين. وازداد أملنا في تحقيق ما تمنياه من حرية وعدالة اجتماعية، ولم نفطن إلى المخطط الاخوانى لبلع مصر وبيعها لعملاء الخارج ب"أبخس" الأسعار.

ولم يسمح المصريون بابتلاع مصر، وخرج المارد المصري ليضرب المخطط الامريكى التركي القطري عرض الحائط، ويصفعه صفعه أخلت بتوازنه وترنح يتخبط في تصريحات متخبطة، وقرارات ساذجة،وانتقل الشعب من مرحلة الأحلام  إلى مرحلة البدء في تحقيق أماله، وأمسك الشعب بذمام الأمور من الدور الثانوي أو دور"الكمبارس" الذي  كان  يلعبه في العصور السابقة، إلى دور اللاعب الاساسى في منظومة الدولة. فهو من قام بثورة التصحيحي في 30 يونيو، وهو من اختار رئيسة عن اقتناع وبأغلبية ساحقة، وهو من قادر بإرادته وعملة على وضعنا في قطار التقدم الحضاري دون توقف في محطات الإرهاب و العنجهية، وسحق الفساد المتفشي في الإدارات الحكومية.

كلنا أمال وتفاؤل فنحن أبناء الفراعنة، قادرين على تخطى الصعاب وإبهار العالم كما أبهرناه في 30 يونيو وقبلها في 25 يناير، ولا مكان للتشاؤم أو اليأس والى مستقبل أفضل مشرق.

" خارج النص"
في هذه المرحلة ينجح من يعمل على ارض الواقع بالعمل، ويفشل كل من يكافح او يتحلى بدور بطولي زائف على صفحات التواصل الاجتماعي. فهيا معنا نواجه الواقع بالواقع وليس بالخيال والوهم.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter