بقلم د. مراد وهبة
كان كلينتون هو نقطة التفاهم ليس مع الإسلام إنما مع الإسلام الأصولى المؤسس على فكر ابن تيمية والممتد إلى سيد قطب ومنه إلى بن لادن مفجر أحداث ١١ سبتمبر التى أحدثت صدمة فى عقل أمريكا، إذ لأول مرة تُهاجم من داخل أراضيها. ومع توالد أحداث ١١ سبتمبر دخل الاقتصاد الأمريكى فى أزمة، ومن ثم شرع كلينتون فى التعاون مع تيار الإسلام الأصولى، إلا أن هذا التيار امتنع عن التعاون.
وبعد ذلك انتخب باراك أوباما رئيساً لأمريكا، وكان على الضد من كلينتون، إذ أعلن صراحة فى خطابه الذى ألقاه فى جامعة القاهرة يوم الخميس ٤/ ٦/ ٢٠٠٩ أن «الحضارة مدينة للإسلام لأن الإسلام هو الذى حمل فى أماكن مثل الأزهر نور العلم عبر قرون عدة، الأمر الذى مهد الطريق أمام النهضة الأوروبية ثم عصر التنوير». وضجت القاعة بالتصفيق الحاد.
ثم استطرد قائلاً: «إن الشراكة بين أمريكا والإسلام يجب أن تستند إلى حقيقة الإسلام وليس إلى غير ما هو إسلامى». وأظن أنه كان يشير إلى المتطرفين وهو يتحدث عما هو غير إسلامى. ولا أدل على صحة هذا الظن من قول أوباما فى ذات الخطاب «لا ينبغى على أحد منا أن يتسامح مع أولئك المتطرفين. لقد مارسوا القتل فى كثير من البلدان». وهنا أظن أيضاً أن أوباما كان يقصد تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن
ولا يقصد الإخوان المسلمين، إذ فى رأيه أنهم ليسوا إرهابيين. وإذا قيل عنهم إنهم كذلك فهم عندئذ مجرد رد فعل ضد الاستعمار الأمريكى، ومن ثم فإذا امتنع الاستعمار امتنع الإخوان عن الإرهاب. ومن أجل أن يدلل أوباما على صحة حجته أبدى استعداداً لدفع الإخوان إلى الاستيلاء على الحكم فى مصر وفى غيرها من بلدان العالم الإسلامى. وهنا لمعت فكرة بائسة ومأساوية فى ذهن الرئيس السابق حسنى مبارك أن ما ورد فى خطاب أوباما يعنى خلعه من كرسى الحكم. وفى تمام الساعة الواحدة بعد ظهر يوم الجمعة الموافق ٢٨ يناير ٢٠١١ فوجئ المصريون بتهريب قيادات الإخوان من السجون بهجوم مسلح من قيادات عسكرية من حماس وحزب الله، وكان من بين تلك القيادات الإخوانية الرئيس المخلوع محمد مرسى.
والسؤال بعد ذلك:
ما هو المسار الذى سلكته أمريكا حتى تدفع بأوباما إلى الدخول فى علاقة عضوية مع الإخوان المسلمين الذين دمروا مركز التجارة العالمى بنيويورك؟
المسار بدأ مع كسر المحرمات الثقافية التى تعانى منها الديمقراطية الأمريكية التى لا تقبل التفرقة بين البشر من حيث الدين أو الجنس. وكان كسر أول محرم هو انتخاب جون كينيدى رئيساً لأمريكا وهو من أقلية كاثوليكية فى مجتمع الأغلبية فيه من البروتستانت. ثم كان كسر ثانى محرم بانتخاب رونالد ريجان أصولى مسيحى ومنفذ لأجندة الأصولية المسيحية بقيادة القس جيرى فولول فى نضاله للقضاء على الشيوعية والعلمانية وفى دولة تزعم أنها علمانية.
ثم كسر ثالث محرم بانتخاب أوباما أسود ومن أسرة إسلامية، ومن ثم كان مهيأ للدخول فى علاقة عضوية مع الإخوان المسلمين ومع إعلان صريح بمشروعية الإخوان فى استيلائهم على السلطة. وإثر ذلك استولوا على مجلس الشعب ومجلس الشورى ورئاسة الجمهورية بمعونة صندوق الانتخاب باعتباره رمزاً على الديمقراطية. وهذا وهم لأن ذلك الصندوق هو المرحلة النهائية للديمقراطية. ومع ذلك فقد قال أوباما إثر انتخاب محمد مرسى رئيسا إن مصر فى طريقها لتأسيس الديمقراطية.
نقلآ عن المصري اليوم