خالد منتصر
التمييز والتفرقة العنصرية فى مصر أصبحا يتخذان أشكالاً مبتكرة كعادة مصر فى الإبداع والابتكار!!، فلم يعد الأمر تمييزاً ضد المسيحى فقط، أو المرأة فقط أو الفقير فقط، أو ذوى الحالات الخاصة فقط، ولكنه امتد إلى مريض فيروس سى الذى أصبحنا نحن والزمن والفيروس عليه، وصلتنى صرخة من أ.د ناصر موسى، أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بطب المنصورة حول هذا الموضوع الخطير، يقول د. ناصر فى رسالته:
لا سامح الله من ابتدع فكرة أن المصاب بفيروس سى، يتم حرمانه من التعيين فى الوظائف الحكومية وغير الحكومية.هذه الفكرة التى صارت قانوناً أو شبه قانون دون سند قانونى أو دستورى، أو حتى أخلاقى، ودون ردع من المجتمع أو دراسة النتائج المترتبة على هذه القرارات العنصرية، التى تصنف أبناء الوطن الواحد على أساس المرض، فمريض فيروس سى يحرم من أن يكون له حق الحياة، والكسب والزواج أو حتى التأمين على الحياة (أى والله شركات التأمين الآن تجرى فحص فيروس سى قبل أن يتم التأمين على الشخص).
ألا يعلم هؤلاء أن مصر بها أكثر من 12 مليون مصاب بفيروس سى، وأن ملايين منهم من الشباب فى العشرينات من العمر فى قمة اللياقة والحيوية، ولا يعانون من أى شكوى طبية ويتم اكتشافهم بالمصادفة، إما أثناء التقدم إلى وظيفة أو التقدم إلى السفر للخارج، أى أنهم يستطيعون العمل وبذل الجهد، فكيف نغلق أبواب الرحمة والأمل أمامهم وندفعهم إلى اليأس وكره الوطن والإحباط ونجعلهم قنابل موقوتة فى أيدى الإرهاب وبائعى الأفكار السامة والمخدرات والضياع بدلاً من أن نأخذ بأيديهم ونعالجهم ونؤهلهم للعمل. نحن يا سادة نهدم شبابنا بأيدينا وبأفعالنا
فمن المعروف علمياً أن فيروس سى لا يسبب تليفاً إلا فى نسبة 20 أو 30% من المصابين وتأخذ من 20 إلى 30 سنة حتى يتم التليف، أى أنها نسبة ليست كثيرة وتحتاج إلى زمن طويل، فكيف نعطل طاقات هؤلاء الشباب ونتركهم للضياع، إننى من منطلق حبى لهذا الوطن، لا أتورع عن اتهام الذين يشترطون فحص الفيروسات قبل التعيين فى وظيفة بتهمة الخيانة العظمى لهذا الوطن
وأنهم عملاء لأفكار هدامة تهدف إلى ضرب السلام الاجتماعى والاقتصادى لوطننا الحبيب وتحطيم شبابنا بحجة فيروس سى. إن هذه الأفكار مخلفات أفكار تصور البشر كمادة للاستعمال يتم التخلص من القديم والمريض منها والإبقاء على الأقوى، وقد استخدمت فى الغرب فى إبادة الأقزام والمرضى وكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة بحجة أنهم مادة غير مفيدة، ولكن الغرب تعلم من تجربته وصحح أخطاءه وأصبحت هذه الفئات من البشر لها حق الحياة كاملاً غير منقوص. ومن العجب أننا نطبق هذه الأفكار ونحن أرباب الحضارة الإنسانية الراقية التى تحترم القيم المطلقة
مثل الرحمة والعدل والمساواة بين جميع البشر. ألا يكفينا خيبة ما أحدثناه بهذه القرارات من منع شبابنا من السفر إلى الخارج وحرمان اقتصادنا من العائد المادى. ألا يكفينا عاراً أن دولاً لا تعرف حتى الآن ما فيروس سى، وتمنع المصريين من السفر إليها، فلكل إنسان أن يتخيل أن هذا المصاب ابنه أو ابنته، هل يرضى أن يكون هذا مصيره. سيادة الرئيس إننى أعلم علم اليقين أن قلبك رحيم
وأن الله أودع فيه حباً ورحمة لضعفاء هذا البلد، وإنى أدعو الله أن يجعلك على خطى سيدنا عمر بن الخطاب، حين قال: «القوى فيكم عندى ضعيف، حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم عندى قوى حتى آخذ الحق له». يا سيادة الرئيس: خذ بقوة من الله حق الضعفاء من هذا الوطن، فليس لإنسان ذنب أن ابتلاه الله بفيروس سى، ولكن الذنب أن نعاقبه على هذا المرض ونحرمه من حقه فى الحياة، وخاصة بعد اكتشاف علاج شافٍ بإذن الله بنسبة تصل إلى 100%، فأرجو وأطمع من سيادتكم أن تصدر قانوناً يعطى الحق الكامل فى توظيف مرضى فيروس سى، وعدم التفرقة بين المواطنين بسبب المرض الذى هو ابتلاء من الله.
نقلآ عن الوطن