بقلم : صبحى فؤاد
يوم الاربعاء 4 مايو كنت اقود السيارة فى طريقى العمل ..فجأة بعد وقت قصير شعرت كما لو احدا وضع يده داخل صدرى وانتزع قلبى منه ..تملكنى الخوف والرعب الشديد فاوقت السيارة للحظات كى التقط انفاسى ولكن عقلى العنيد استطاع السيطرة على جسدى واصدر اليه الامر بتجاهل اوجاعه والاستمرار فى قيادة السيارة والذهاب الى العمل ..
وعند عودتى من العمل ظهر نفس اليوم عاودنى الاحساس بالارهاق الشديد والتعب وعدم القدرة على الحركة وضيق فى صدرى من الناحية الشمال..اخذت نفسى وذهبت الى طبيب الاسرة الذى فحصنى ثم طلب منى الذهاب فورا الى " قسم الطوارىء بمستشفى حكومى فى حى فرانكستون القريب من منطقة سكنى خشية ان يكون القلب تعرض للاصابة او فى حالة خطرة تستدعى العلاج السريع .
اخذنى ابنى اندرو مشكورا الى فسم الطوارىء بالمستشفى ..وهناك سلمتهم الخطاب الذى كتبه الدكتور لهم شارحا فيه اعراض المرض او الاسباب التى دعته لارسالى اليهم ..لم تمضى سوى دقائق الا وادخلونى الى حجرة الاسعافات او الحالات المستعجلة وقاموا بوضعى على سرير مريح ..بعدها بدقائق قليلة وضعوا شبكة كاملة من الاسلاك متصلة باجهزة متطورة وحديثة حول جسدى وخاصة فى منطقة الصدر.
وعقب الانتهاء من اخذ تقرير كامل عن عمل القلب من الاجهزة المتصلة بجسدى قاموا باخذ عينات للدم لتحليلها ثم وضعونى على كرسى متحرك رغم عن ارادتى - حرصا على صحتى - وذهبوا بى الى حجرة الاشعة ..وفى دقائق قليلة عملوا صور للقلب والصدر وبعدها رجعونى الى نفس الحجرة وبقيت فى سريرى وجسدى كله موصل باسلاك متصلة باجهزة طبية .
بعد اقل من ساعة تم نقلى الى عنبر اخر ملحق بالطوارىء او قسم الحالات المستعجلة كما يطلقون عليه وعلى مدار الساعات ال 20 التى امضيتها فى المستشفى " الحكومى" قاموا بعمل تحليل للدم ورسومات القلب وقياس نسبة السكر فى الدم ثلاث مرات وتقديم وجبتى طعام وجريدة مجانا مع اتاحة الفرصة امامى لاخذ حمام سخن اذا رغبت .
وفى صباح اليوم التالى الخميس وقرب الساعة التاسعة جاء عد من الاطباء وطمأنونى ان كل الفحوص والتحليلات والرسومات الطبية جيدة ويمكننى مغادرة المستشفى على ان اعود اليها بعد كام اسبوع لعمل فحوص اخرى سريعة هذه المرة فى محاولة اخرى لمعرفة مصدر الضيق الذى حدث فى الصدر بالقرب من القلب .
خرجت من المستشفى شاكرا مطمأنا معافيا سليما دون ان ادفع دولارا واحدا او بقشيشا لفلان او علان نظرا لان كل مواطن استرالى يكفل له الدستور حق العلاج والحصول على الدواء مجانى فى المستشفيات الحكومية التى يعالج بها.
وفى طريق عودتى الى البيت عادت بى الذاكرة الى الوراء ..الى عام 1975 عندما شعر المرحوم والدى بوجع شديد والم لايطاق فى معدته فاسرعنا به الى المستشفى "......." وهى مستشفى عام معروفه لا تستحق ان اذكر اسمها.
وضعوا والدى على سرير وتركوه لساعات وساعات يتألم ويتوجع انتظارا لوصول سعادة البية الطبيب الاخصائى وقبل حضوره بقليل كان والدى فارق الحياة وذهبت روحه الى خالقها ..والمدهش فى الامر انه عندما تقدم اخى الاكبر بشكوى الى المسئولين فى الدولة متهما ادارة المستشفى بالاهمال الذى ترتب عليه وفاة والدى قام القائمين على الشئون القانونية فى المستشفى بتهديد الاسرة برفع قضية ضدنا يطالبون فيها بتعويض عن الاساءة الى سمعة المستشفى !!
اخيرا ترى لو حدث ما حدث لى فى استراليا واضطرت الظروف اى مواطن مصرى بسيط متواضع الدخل قضاء يوم فى احدى المستشفيات بالقاهرة لعمل نفس الفحوص والتحليلات والرسومات الطبية وتلقى الرعاية والاهتمام الكامل من الاطباء والاخصائيين والفنيين والممرضات على مدار الساعة ..هل كان تلقى نفس الرعاية والاهتمام ؟ هل كان سيخرج من المستشفى بدون ان يستدين من اقاربه وجيرانه وزملاء العمل لكى يسدد فاتورة العلاج ويدفع الاكراميات المستحقة عليه او عليها؟
عموما ايا كانت الاجابةعلى سؤالى اتمنى لكم جميعا الصحة والعافية والبعاد عن المستشفيات والاطباء والتمتع بنعمة الحياة حتى اخر نبضة من نبضات القلب والعمر.
ملبورن