مدحت بشاي
حكاية غريبة مش قادر أفهمها، يعنى إيه «السيسى بطل يوم 30 يونيو، وبعدها بطّل البطل يبقى بطل».. بل يضيف قائل تلك الرؤية التحليلية الحنجورية «لقد تحول السيسى لرجل قمعى حول مصر إلى سجن كبير ولا مكان للرأى الآخر فى دولة السيسى العسكرية البوليسية، لأن أى حد هيقول ده حتماً سيتهم بالخيانة والعمالة والانتساب للطابور الخامس وغيرها من الاتهامات الجاهزة»..
الغرابة فى إعلان من يطلقون مثل تلك الأحكام بثقة المحلل السياسى الثورى الديمقراطى التحررى الليبرالى والقارئ العبقرى للمشهد المصرى أن الرجل قد تولى حكم البلاد فور إلقاء بيانه لإعلان خارطة الطريق، ولا وجود للرئيس عدلى منصور ولا كأن الببلاوى جه وخاف وارتعش وبتوجيهات برادعاوية ظل يؤجل ويؤجل أى قرار بعد أن ظل يفكر ويفكر فى أمر فض «رابعة» و«النهضة» لحد ما صارت ميادين لصناعة الإرهاب
وكأنه كان ينتظر يمكن ربنا يهديهم ويوافقوا يروحوا من غير ما ياخدوا «مرسى» فى إيديهم، ومش بعيد يعلنوا توبتهم على شاشات «الجزيرة» ويقولوا «إنه لا إرهاب ولا إخوان بعد اليوم»!!.. الناس اللى اتعاملوا مع السيسى كرئيس بمجرد إلقاء بيان خارطة المستقبل تجاهلوا بنطاعة رذيلة وجود رئيس حكومة استطاع بعبقرية نادرة إنه يفرسنا بجد، وكمان عايزينا نصدق إنه لا وجود لوزراء، لأنه كان عندنا «السيسى» موجود يدير الحكومة، ويمارس سلطانه الأسطورى من موقعه كوزير، يأمر فيطاع من قبل الجميع بعد أن صاروا جميعاً كالأشباح
وجودهم بقى عدم، وما عليهم إلا قمع الحريات، وإللى كان «بطل» أعاد للدولة سير سابقيه حكام النظم القمعية وعصور التعذيب والقبض العشوائى، مش هو إللى عمل وأصدر قانون التظاهر ولا هتقولوا بقى بغباوة ونكران لوجود السيسى إن «الببلاوى» هو إللى عمله؟!!
سألنى الإعلامى الفنان إيهاب صبحى على هواء برنامجه الناجح «فى النور»، والمتابع جماهيرياً بشكل جيد بعد مشاهدة خطاب الرئيس السيسى فور إعلان فوزه بكرسى الرئاسة: «شايف إيه الأهم فى دلالات الخطاب الأول للرئيس فى أول طلة له؟».. والحقيقة، وبالإضافة لملاحظة الوجه الجاد الحازم المسؤول للرئيس، فقد أعلن ببساطة للحمقى الذين حملوه أوزار زمن فات أنه اليوم الأول لحكمه وبداية المسؤولية، ومن الرائع تأكيده «إن يومنا هذا جاء كنتيجة مستحقة لما قدمتموه من تضحيات على مدار ثورتين مجيدتين»، مخاطباً من تنكروا لثورة على حساب أخرى. أذكر أن «المسلمانى» مستشار الرئيس السابق قد أعلن عن اجتماع للرئيس بالشباب بقوله :«إن الرئيس سيجتمع بشباب ثورة يناير وشباب ثورة يونيو» فى فصل غير مقبول بين الشباب، وكأنه تكريس لحالة انقسام بفرمان رئاسى!!».
وبمناسبة أهداف الثورة قال الرئيس «إن المستقبل صفحة بيضاء، وفى أيدينا أن نملأها بما شئنا، عيشاً وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية» ليؤكد على هدف «الكرامة الإنسانية» التى أصر بعض أشاوس النطاعة على تجاهلها!!
وجميل أن يقدم الرئيس التحية والامتنان للجماهير ولكل المؤسسات المشاركة فى العملية الانتخابية، وأيضاً التحية لمنافسه حمدين صباحى، ولكن نسيانه تحية الرئيس عدلى منصور غلطة مهما كانت غير مقصودة «بطبيعة الحال».
أما الأهم، ما قالته الجماهير التى احتشدت فى الميادين منذ الإشارات الأولى لفوز الرئيس ردا على بعض الأبواق الإعلامية الغبية التى باتت كالدبة التى قتلت صاحبها عبر حالة الهلع العبيطة بدعوة الجماهير للتصويت بخوف غير مبرر من الغرب والأمريكان وأعداء مصر، وعكس الهدف الأسمى لثورة 30 يونيو فى تحقيق استقلال القرار الوطنى، وفى الخروج الجماهيرى العبقرى الرد أيضاً على أشاوس كالوا الاتهامات للرئيس عندما أعلنوا بغباوة قلب وضمير إنه كان بطل يوم 30 يونيو، وبعدها بطّل يكون بطل!!
أخيراً، بطل 30 يونيو هو الرئيس المنتخب من قبل أكثر من 23 مليونا، ولا وقت لغباوات الحمقى، دقت ساعة العمل، ولا سبيل لنا سوى العمل الجاد مع البطل استجابة لدعوته المهمة.