الأقباط متحدون - الكُل بيُرقُص !!!
أخر تحديث ٢١:٢٩ | الاثنين ٩ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة٢ ش١٧٣٠ | العدد ٣٢١٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الكُل بيُرقُص !!!

بقلم: ليديا يؤانس
 
مسرح كبير جداً علي مساحة حوالي  (1.002.000)  كيلو متر مربع،  مسرح بدون حوائط،   بدون أبواب،   بدون تذاكر،   بدون ملابس رسمية،   بدون دعوات،   بدون مواعيد،   بدون  كراسي لإن الكل بيرقص! 
 
مسرح ذو شهرة عالمية، تاريخي عريق،  مملوك لصاحبة الجلالة التي تقف شامخة تنظر المسرحيات التي تُقدم علي المسرح، فلقد شهد المسرح علي مر السنين مسرحيات تختلف في نوعيتها ما بين الدراما، الرومانسيه، والرعب.  
 
أما مسرحية موسم 2014 إختلفت كثيراً عن سابقتها من حيث أنها مسرحية راقصة مُبهجة للكُل، فتجد النساء،  الرجال، الأطفال، الشباب، الشيوخ، المستويات الإجتماعية البسيطة،  المستويات العالية، السافرات، المنتقبات، الفقراء، الأغنياء، حتي المُعاقين جسدياً يُشاركون في هذا الكرنفال المُبهِج.  
 
بصفة عامة الرقص عبارة عن حركات أعضاء الجسم وغالباً ما تُؤدي بالأطراف الأربعه،  وعادة ما تكون علي أنغام موسيقية أو إيقاعية علي حسب نوع الرقص. 
 
الرقص أنواع مختلفه، فمُمكن يكون فن مثل الرقص الشعبي والشرقي والنوبي وغيرهم،  وممكن يكون رياضة مثل الباليه والرقص علي الجليد،  وممكن يكون عباده تستخدمه بعض الطوائف في ممارسة العباده العقائديه،  وممكن يكون الرقص مع بعض الطيور أو الحيوانات مثل الخيول. 
يوجد أيضاً أنواع أخري من الرقص ليس لها أي علاقة بهز الوسط أو الحركات اللولبية للجسد علي نغمات وإيقاعات الألآت الموسيقية وما يُصاحبها من كلمات تحرك المشاعر والذكريات.  يوجد الرقص علي السلالم،  والرقص علي حبال التطلُعات الشخصية،   والرقص علي إيقاعات المُعتركات السياسية. 
وكما يقولون "كُل يُغني علي ليلاه"  أيضاً  "كُل يرقُص علي هواه" ..  وفي النهاية الكُل بيُرقُص! 
 
لماذا الكُل بيُرقُص؟
 
قال أفلاطون:  مَنْ حزن فليستمع للأصوات الطيبة،   فإن النفس إذا حزنت خمد منها نورها،  وإذا سمعت ما يُطربها إشتعل منها ما خَمد.
 
المصريين شعب أصيل عريق، شعب يحب المرح والفرح بجانب الفرعنه!   ومين مايحبش الفرح!  ولكن المصريين مزودينها حبتين لدرجة أنه أصبح مِن ضمن سماته أنه شعب صاحب نُكته،   يُحول الحدث إلي شي ترفيهي بالتلاعب بالألفاظ.  
قبل إعلان نتيجة الإنتخابات رسمياً وبالرغم مِنْ أن النتيجة كانت معروفة بإكتساح المُرشح المشير السيسي للأصوات مقابل المُرشح حمدين صباحي إلا أنني سمعت شخصاً يمزح ويقول: غداً ستُعلن النتيجة رسمياً بفوز السيسي والسهرة حتبقي صباحي!
 
شعب مصر عاني الأمرين، ومر بمحن كثيرة وخصوصاً في العقود الأخيرة ولكن ماعاناه منذ ثورتيه في 25 يناير ؛ 30 يونيو لا يُقاس بما سبق لإن الحرب كانت شرسة. 
 
إرهاب يرهب ويرعب ويقتل ويعذب ويدمر،  الناس غير آمنين علي أنفسهم وممتلكاتهم،   الفوضي في كل مكان ما بين مظاهرات وإضرابات،  الناس أصبحوا غير قادرين على ممارسة حياتهم الوظيفيه والدراسيه والإجتماعيه،  الناس أصيبوا بالإكتئاب والأمراض النفسية والجسدية،  مصالح الأفراد والمؤسسات توقفت،  وأصاب الشلل الإقتصادي كل أوجه التنمية والتقدم حتي الفنون والثقافة والسياحة أصبحوا في حالة إعاقة مُتأزمة. 
 
وسط هذا الجو السئ والوضع المُتردي للبلد ظهرت مجموعات من الراقصين علي الحبال والراقصين علي السلالم!  الذين لهم أكثر من وجه وعلي كل وجه قناع يخفون وراؤه مآربهم،   الذين يبحثون عن أدوار قيادية وسياسية حتي ولو لم تنطبق عليهم المواصفات،   الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف،   الذين أرادوا الإثراء المادي والمعنوي علي جُثة مصر!
   
الكُل بيُرقُص والكُل له مُبرراته!  "إمسك العصايه مِنْ النُص!" .. "خلي نُصك عاقل ونُصك مجنون!" .. "تموت إنت وأعيش أنا!" ..  "الرزق يحب الخِفيه!" ..  "أنا ومِنْ بعدي الطوفان!"  وهكذا. 
 
الكُل بيُرقُص،  ولكل راقص نغمة سياسية وكأنه الوحيد الذي يؤمن بهذه النغمة وباقي الناس لا يفقهون شيئاً عن الحياة السياسية!  فتجد الشعارات والإتجاهات السياسية تتضارب ما بين الحرية، الديمقراطية، الناصرية، العلمانية، الإشتراكية، الرأسمالية، والإسلامية.  والأهم من ده كله أن الكُل بيُرقُص وهنا مكمن الخطر!
 
في الشهور الأخيرة،  بدأت الغيمة تنقشع،   وبدأت تلوح في الأفق سحابة تُبشر بالخير،   بدأ الحزن والغم يجُر أزياله بالرغم من الجروح الغائرة،   بدأ الناس يشعرون بالأمن والأمان فبدأت نفوسهم تتناغم وتتفاعل مع كل كلمة تُبشر بالخير وبدأوا يُقدمون الشُكر لمن كان له الفضل في إستقرار نفوسهم بعد طول مُعاناة فتمايلت الأجساد في رقصات مُختلفه في كل مكان علي ألحان مختلفة،   المُهم الكُل بيُرقُص! 
 
قد يعتقد البعض أن الناس بترقص من أجل تقييم وتمجيد شخص بذاته!
ولكن في الواقع الناس بترقُص مِنْ أجل ذواتهم التي فقدوها في غفلة مِنْ الزمن وها الآن تعود إليهم! 
ألا يستحق ذلك أن الكُل يرقُص!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter