بقلم: ماريانا يوسف
قرأتُ مؤخرًا في مجلة الإذاعة والتليفزيون تصريحًا للمستشار عدلي حسين، محافظ القليوبية، عن نية الحكومة في نقل محطة مصر من ميدان رمسيس بوسط العاصمة، إلى مدينة قليوب في غضون السنوات الخمس المقبلة، وبتكلفة مبدئية تزيد عن 10 مليار جنيه، لتصبح قليوب بذلك هي المدخل الرئيسي لمحافظة القاهرة بعد نقل محطة مصر إليها.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا؛ ما هو الداعي لنقل محطة مصر من ميدان رمسيس إلى قليوب؟ وهل نحن حقا في حاجة لنقل تلك المحطة؛ خاصة وأن محطة مصر أصبحت علامة تاريخية في أذهان الناس وتراثا فريدًا، حيث أنشئت بعد توقيع الخديو عباس لاتفاقية مع الحكومة الإنجليزية لإنشاء خط للسكك الحديدية بين القاهرة والإسكندرية منذ أكثر من قرنين؟.
وهل أنهت الحكومة بناء كل الطرق والكبارى وخطوط مترو الإنفاق وقامت برصف جميع الطرق المحتاجة للرصف حتى تدخل نفسها في مشروع جديد يكلفها المليارات بلا أدنى داعٍ أو سبب؟.
هل أصبحت البلد على ما يرام من صحة وتموين وفرص عمل وإنشاءات، حتى نضيف إلى كاهلها مشروعًا جديدًا كهذا، أُخذ فيه القرار حتى دون الرجوع لمجلس الشعب للموافقة عليه؟، أليست تلك الأموال مأخوذة من الموازنة؛ أم أن الموازنة تفيض مالاً مع تلك المشروعات، وتتوقف ولا يكون فيها بنود تسمح بزيادة الرواتب أو بالعلاج على نفقة الدولة للمصريين الفقراء؟.. فهل إنشاء محطة كتلك أهم من كل ذلك؟ عجبي..
والغريب في الأمر أيضًا أن ميدان رمسيس هذا أو منطقة محطة مصر، قد أصبحا محط أنظار جميع المسئولين في الفترة الأخيرة، فأحدهم يبني فيها، والآخر يهدم، وأحدهم يضع شيئًا فيها، والآخر ينقله بصورة غريبة.
ففي عام 2006، تم نقل تمثال رمسيس إلى المتحف المصري الجديد، وبعدها تم إنشاء جراج متعدد الطوابق تكلف ملايين الجنيهات حتى يسع مئات العربات التي لا تجد لها مساحة للانتظار في نلك المنطقة الحيوية، حتى أتى قرار جديد بهدم المبنى بحُجة أنه يعيق رؤية محطة مصر من فوق الكبارى حتى دون أن يتم استخدام المبنى ولو ليوم واحد عملاً بتكلفته التي راحت هباءً وبلا أدنى تخطيط، وكأن المعترضين على بناء المبنى كانوا في غفلة من النوم واستيقظوا بعدما اكتمل بناؤه ليعترضوا عليه ويقررون إزالته.
والآن جاء الدور على محطة مصر لنقلها من مكانها إلى قليوب.. حقيقة إنى أرى أن أزمتنا الحقيقية هي أزمة "التخطيط"، فلو كان هناك تخطيط جيد من قِبل جميع الوزرات معًا، عملاً بمبدأ الشفافية، لتم توفير الكثير من أموال الشعب المصري التي تصرفها الحكومة فيما تراه هي، غير ملتفتة إلى مبدأ التخطيط، أو رأي واهتمام المواطنين الذين هم في الأصل اصحاب تلك الأموال.. وعلى رأي المثل القائل "اللي معاه قرش محيره، ينقله محطة مصر من رمسيس لقليوب".