الأقباط متحدون - رسائل مفتوحة للرئيس السيسي (3 ـ 4)
أخر تحديث ٠٥:٥٧ | الثلاثاء ١٠ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة٣ ش١٧٣٠ | العدد ٣٢١٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رسائل مفتوحة للرئيس السيسي (3 ـ 4)

3 ـضرورة تجديد الخطاب الديني
أشرف عبد القادر.
سيدي الرئيس
هذه هي رسالتي المفتوحة الثالثة أوجهها لكم علها تساعدكم في إضاءة خارطة الطريق،كانت رسالتي الأولى خاصة بإصلاح التعليم،والثانية خاصة بإصلاح الإعلام،وهذه الرسالة فستتناول ضرورة وأهمية تجديد الخطاب الديني وإصلاح الإسلام.

سيدي الرئيس.
اصلاح الإسلام هو أساس كل إصلاح،أساس الإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي، لأن كل شيء يتغير إلا قانون التغير،فاسمح لي أن أعرض عليكم هذه النقاط الأربع لإصلاح الإسلام وتجديد الخطاب الديني:

1ـ ضرورة فتح باب الإجتهاد
بنسخ الآيات والأحاديث التي تتعارض مع مصلحة المسلمين، بفتح باب الإجتهاد الذي أغلق منذ القرن الـ14،خاصة أحاديث الأحاد التي بنى فقهاء العصور الوسطى فقههم عليها وأوقفوا بها آيات قرآنية واضحة،وكان الأزهر قد قرر أن أحاديث الآحاد لا يبني عليها حكم فقهي،فمثلاً حديث:"من بدل دينه فاقتلوه"،هذا الحديث الوحيد يستند عليه فقهاء الظلام بقتل المرتد،وألغوا كل آيات الحرية الدينية الكثيرة في القرآن مثل"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"،هذه الآية القرآنية التي فسرها الإمام المجدد محمد عبده في تفسيره"المنار"بقوله:"من شاء الدخول فيه فليدخل،ومن شاء الخروج منه فليخرج".وآية"لكم دينكم ولي دين"... وأمثلة الحرية الدينية كثيرة.

وهنا تقع المسؤولية الكبرى على الأزهر الشريف وشيخه الصوفي أحمد الطيب(الطيب)ومستشاره صديقي د.محمود عزب،فنحن بحاجة لعلماء دين مسلحون بعلم النفس،وبعلم الأديان المقارن،وبعلوم العصر المستحدثة،ولنا في السلف الصالح قدوة حسنة في النسخ والإجتهاد،فلقد نسخ عمر ابن الخطاب حد السرقة في عام الرمادة،كما نسخ أيضاً سهم المؤلفة قلوبهم:"إنما الصدقة للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم"(التوبة 60)،وكانت حجته رائعة في مراعاة مصلحة المسلمين"لقد قوي الإسلام ولسنا بحاجة للإتلاف قلوبهم"،كما نسخ معاذ وعلي،فلماذا لا نقتضي بهم ونمتلك جراتهم وشجاعتهم الدينية والأدبية وننسخ الأحاديث والآيات التي تتعارض مع مستجدات عصرنا،والتي فيها مصلحة كبيرة للمسلمين؟لماذا لا ندرس في مدارسنا فقه الإمام الشاطبي وكتبه الخاصة بفقه مصالح المسلمين حيث قال:"حيثما كانت مصلحة للمسلمين،فثم شرع الله".".

2ـ منزلة المرأة،
المرأة نصف المجتمع،وهي شقيقة الرجل،ونصفها الإسلام وظلمها الفقهاء،كما قال صديقي المرحوم جمال البنا،شقيق حسن البنا،ففي المجتمع البطريقي(الذكوري) يفتي الرجال للرجال ويظلمون النساء،فالمرأة في عهد النبي (ص)خرجت من المنزل وحاربت، وتاجرت ،وكانت تجمع الضرائب من الأسواق في عهد عمر،وكانت السيدة عائشة تفسر القرآن،هذا منذ أكثر من 14 قرناً،فهل يعقل ونحن في القرن الحادي والعشرين يخرج علينا خفافيش الظلام، المهربون الدينيون ويفتون بأن المرأة مكانها المنزل

وأنها لا تصلح للنقاش بل للفراش،ويقولون أن للمرأة خرجتين:واحدة من بيت أبيها لبيت زوجها،والثانية من بيت زوجها للقبر!فعلينا أن نسن قوانين للأحوال الشخصية،أسوة بتونس، لإنصافها ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات،خاصة بعد أن أثبتت كفائتها في شتى الميادين، كباقي نساء العالم المتحضر،فإنصاف المرأة هو عنوان التقدم والرقي والتحضر للعالم الإسلامي، واحتقارها دليل على تخلفنا وجهلنا بديننا وروح عصرنا.

3ـضرورة إنصاف العقل
لقد ألغى فقهاء العصور الوسط دور العقل،وقالوا بالتسيير،أي أن الإنسان مسير لا مخير،وكل شيء مقدّر ومكتوب في اللوح المحفوظ ،و"المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين"وأنه ليس في الإمكان أبداع مما كان، وأن السلف لم يترك شيئاً للخلف،فلا جديد تحت الشمس،وأصبحنا نعبد الأسلاف، ونريد أن نقلدهم في حركاتهم وسكناتهم،نريد إعادة تمثيل حقبة التنزيل،بارتداء نفس الملابس

وسلوك نفس التصرفات،دون مراعاة لمتغيرات العصر،ألم يلغي حجة الإسلام الغزالي مبدأ السببية الذي هو أساس كل تقدم،حيث ألغي العقل تماماً ونسب كل شيء لله،فقال:"النار لا تحرق،والماء لا يروي"!!!لماذا؟"لأن الله هو الحارق وهو الساقي"!!فماذا نفعل ونحن نرى النار تحرقنا والماء يروينا

كان من نتيجة عبداة الإسلاف أن سقطنا في الهذيان والجمود،وانفصلنا عن الواقع، واحتقارنا للعقل أدي لإحتقارنا للعلم الوضعي،حيث لا صحيح إلا العلوم الشرعية(كتب البخاري ومسلم،فتاوى ابن تيميه،رسائل حسن البنا،كتب سيد قطب)،مما أدى إلى رفضنا للبحث العلمي العقلاني في مناشط الحياة،فتخلفنا وسقطنا في وهدة الهذيان لأننا"خير امة أخرجت للناس"،وأدى جمودنا العقلي لإصابنا بالشيزوفرنيا (مرض انفصام الشخصية)،فالواقع يرينا أننا آخر أمة أخرجت للناس ولسنا خير أمة،فإما أن نكذب القرآن، وإما أن نعمل عقولنا بلا قيد أو شرط،حتى نكون خير أمة بالعلم ،وحتى نلحق بركب التقدم.

فالقرآن ما كان أبداً،ولن يكون، كتاب علم وجغرافيا وتاريخ وفيزياء وكيمياء ...بل هو كتاب روحي يحث على مكارم الأخلاق والعمل الصالح،دوره هو إعدادنا لما بعد الموت لرحلة السماء، فيجب تدريس الفلسفة للتلاميذ ابتداء من الإعدادي والثانوي كمادة إجبارية لتنشيط ملكة النقد وإعمال العقل حتى مع وجود النص.لأنه كما قال فليلسوف قرطبة ابن رشد:"إذا تعارض العقل مع النقل فليؤول العقل النقل ،لأنه من غير المعقول أن يعطينا الله شريعة وعقول تناقضها"،فلا مخرج لنا من هذه المحنة إلا برفع الرقابة عن البحث العلمي في كل جوانب الحياة دون قيد أو شرط،حيث لا سلطة على العقل إلا العقل نفسه.

4ـ ضرورة الفصل بين الدين والدولة
ولا حل لهذه المعضلة إلا بالعلمانية،هذا المصطلح الذي كثر اللغط فيه حتى وصل إلى تكفيره، فاالعلمانية لا تعني فصل الدين عن المجتمع،بل فصل الدين عن السياسة،فالدين مكون أساسي من مكونات الإنسان،وحاجة ضرورية له،لأنه يجيب على أسئلة لا يستطيع العلم الإجابة عنها، كسؤال:ماذا بعد الموت؟،كما أن للدين دور اجتماعي مهم فهو ملجأ للحزانى والثكلى

كما أنه يرضي نرجسية الإنسان،كما يقول علم النفس، بخلق عالم آخر له بعد الموت،لأن الإنسان لا ترضيه حياة واحدة على الأرض. انما نطالب بفصل الدين عن الدولة أي عن بالسياية،لأن الحاكم إذا حكم باسم الدين فسيكون متحدثاً باسم الله،إذن فالخروج عليه أو نقده هو خروج ونقد لله،فالحاكم سيصبح الحاكم بأمر الله.وأذكركم بحادثة تأبير النخل التي قال فيها الرسول(ص)للصحابة:"إنما أنا نبيكم في أمور دينكم،أنتم أعلم بأمور دنياكم"أوليس هذا فصل بين الدين والدولة؟!

أما في الدولة المدنية العلمانية فالجميع مواطنون متساوون أمام القانون الوضعي في الحقوق والواجبات،بغض النظرعن عرقهم أو دينهم،الدولة العلمانية هي الدولة التي تحتضن كل ابنائها دون تفريق أو تحيز لفريق منهم،لأنها تقف على نفس المسافة من جميع الأديان،هي الدولة التي لا تفرق بين المواطن والمؤمن،هي الدولة التي تمارس في ظلها كل الأديان بحرية تامة دون اضطهاد ،وهي الضمانة لعدم حدوث أي حرب طائفية لأن الجميع سواسية كأسنان المشط .

سيدي الرئيس
"ن الله يزرع بالسلطان ما لا يزرع بالقرآن"كما قال الرسول (ص)،فامتلك الجرأة والشجاعة في اتخاذ القرار،وإطلب من شيخ الأزهر أن يجدد الخطاب الديني ويفتح باب الإجتهاد،ويعطي للمرأة ما تبقى من حقوقها لتتساوي بالمراة العالمية،وأن ينقي الإسلام من الأساطير والخرافات حتى يغدو ديناً عقلانياً،وأن يعلمن الإسلام حتى نعاصر عصرنا،كما أقترح عليك وعلى شيخ الأزهر عمل دورات تدريبية لكل أئمته لإعادة تأهيلهم لحمل المهمة المنوطة بالأزهر لتجديد الخطاب الديني

مع ضرورة تسليحهم بالعلوم الحديثة الضرورية التي تساعدهم علي فهم الإسلام فهماً صحيحاً ليحقق مصلحة المسلمين،كما يجب التأكيد على كل الأئمة بعدم الحديث في الجوامع في السياسة،حتى لا نخلط المقدس(الدين)بالمدنس (السياسة)،وكذلك عدم نقد الأديان الأخري لإثبات بطلانها،والكف عن نعت اليهود والنصاري بـ"أولاد القردة والخنازير ،.

سيدى الرئيس
ثقتي في الله وفيكم وفي الأزهر بقيادة د.أحمد الطيب وفي الكنيسة المصرية بقيادة البابا تواضرس كبير،المهمة صعبة وكبيرة،ولكن يجب شحذ الهمم وإخلاص النوايا فإلى الأمام يا سيادة الرئيس، وإلى الأمام يا فضيلة شيخ الأزهر،وإلى الأمام يا قداسة البابا تواضرس،فقوتنا في وحدتنا.وفقكم الله ورعاكم وسدد على الدوام خطاكم،وإلى رسالتي الرابعة والأخيرة,والتي ستكون عن دور الرئيس.

ashraff3@hotmail.fr


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter