جاء الوقت الذى أكشف فيه عن بعض صفحات حياتى المطوية، وأبدأ بالفترة التى عملت فيها مستشارا للرئيس الأمريكى لشؤون مصر بمعنى أدق للجوانب المدنية والسياسية والصحية فى مصر، بينما كانت زميلتى داليا تعمل مستشارة له للشؤون الدينية، والمقصود بالدينية هنا الدين الإسلامى. إذا كنت تؤمن بالحظ، فداليا هى الأكثر حظا من بقية سكان الأرض فى هذه المرحلة من التاريخ. فقد حدث بالصدفة أن أقام البيت الأبيض ندوة عن الإسلام فى أمريكا وكانت داليا مدعوة بوصفها مسلمة متبحرة فى شؤون الدين، الطريف أن كلمة متبحرة هنا تسببت فى متاعب لغوية بين جهاز مخابرات سلاح الطيران الأمريكى، الذى كان يرى أن حالة داليا تابعة له بوصفها معنية بشؤون السماء، وكل ما له صلة بالأجواء العليا أو السماوات هو تابع بالضرورة لجهاز مخابرات سلاح الطيران. غير أن جهاز مخابرات البحرية الأمريكية، اعترض بشدة على هذا التفسير، وقدم نسخة من تقارير سابقة تقول إن داليا «متبحرة» فى علوم الدين، ومن المعروف بداهة أن كل البحور والمحيطات والبحيرات الكبرى تابعة لسلاح البحرية، وبالتالى فأى متبحر فيها من أى دين، هو تابع بالضرورة لجهاز مخابرات البحرية الأمريكية وهو ما ينطبق بالضبط على حالة داليا، وهو ذلك الانطباق الذى وصفه العلماء العرب من قبل بأنه انطباق الحافر على الحافر.
لنترك الصراع على داليا بين الأجهزة الأمريكية، ولنعرف حقيقة ما حدث بينها وبين الرئيس الأمريكى. تقول السجلات السرية لهذا اللقاء إن الرئيس سألها: أخبارك إيه يا داليا؟ وأخبار الإسلام إيه فى مصر؟.
وقبل أن تجيب داليا على سؤاله كان مسؤول شؤون الموظفين بالبيت الأبيض قد سجل اسمها فى صفحة مستشارى الرئيس، إنها قاعدة قديمة منذ أيام الرئيس إبراهام لنكولن. فى اللحظة التى يسألك فيها الرئيس عن أى شىء، فمعنى ذلك أنه يستشيرك، وهو ما يضعك فى خانة المستشار فورا.. وتقبض ياعم عشرة دولارات عن كل استشارة، مخصوم منها ٣ دولارات ضرائب. أين مكسبك إذن؟
مكسبك فى المحطات الفضائية المصرية، كل المحطات ستتنافس على استدعاء سيادتك.. ومعانا فى الفقرة القادمة السيد على زرمبيح (هذا هو اسمى فى تقارير المخابرات) مستشار الرئيس لشؤون مصر، الواقع والجدير بالتصحيح هنا هو أن الرئيس الأمريكى على سبيل المجاملة قال لى: نحن نتابع بدقة تحركاتك داخل المستشفيات فى السعودية ومصر، من مستشفى محمود فى ميدان لبنان بالقاهرة إلى بدران لمرتين، والآن أبلغتنا محطتنا فى القاهرة أنك دخلت مستشفى الشروق فى نهاية شارع عرابى، هل تعرف يا أبو علوة إن الشروق اسم جميل لمستشفى.. فالمعروف عن المستشفيات أنها تعنى بشؤون الغروب وليس الشروق، أقصد غروب الإنسان.. ها ها.. (لم أضحك على نكتته السخيفة) غير أننا لا نشعر بالقلق عليك، ففى السعودية يتولى علاجك سمو الأمير فيصل بن سلمان، وفى مصر يتولى علاجك الأمير صلاح بن دياب من ميزانية العلاج فى جريدة «المصرى اليوم».. غير أننا فى كل الأحوال نشكر الله الذى أرسل لك طبيبين عظيمين هما بازارباش فى السعودية وحمدى عبدالعظيم فى مصر.
قاطعته: سيدى الرئيس.. صلاح دياب ليس أميرا.. أرجو مراجعة الترجمة عندكم بدقة، ولابد أن ترسلوا لمصر أشخاصا يفهمون فى مصر والمصريين بأكثر ما يفهمون فى اللغة الإنجليزية.. نحن نصف الشخص النبيل فى مصر بأنه أمير بل إن أولاد البلد يقولونها بالإنجليزية «فلان ده PRINCE» يقصدون أنه يتحلى بأخلاق الأمراء.. باختصار صلاح دياب راجل أمير غير أنه ليس أميرا.
هنا التفت أوباما إلى أقرب مساعديه وقال هامسا: خصم نص شهر من كل موظفى محطتنا فى القاهرة.
تكلمنا بعد ذلك عن عدم دقة الترجمة وما يمكن أن تتسبب فيه من متاعب مع مصر، ثم انتقلنا من الحديث عن صحتى إلى الحديث عن صحة المصريين، هكذا تم تعيينى مستشارا للرئيس أوباما لشؤون الصحة فى مصر، ولكن الفضائيات نسيت هذه الصفة وقدمتنى بوصفى مستشارا للرئيس أوباما للشؤون المصرية.. عموما ليست لدىّ مشكلة فى ذلك.. رزق نازل من عند ربنا أقول له.. لأ؟
نقلا عن المصري اليوم