عرض / سامية عياد
أجمع أباء الكنيسة الأولون مثل القديس باسيليوس وأثناسيوس وغيرهم على أن القضاء موجود فعلا وأن قضاء الله للإنسان هو نتيجة سابق علمه الأزلى بما سيفعله الإنسان بإرادته ، وليس لأنه السبب الأولى لأفعاله.
يعرف القس بيشوى حلمى كاهن كنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا ، القضاء بأنه الحكم النهائى الذى لا يرد ، والقدر هو تنفيذ هذا الحكم بتقدير مضبوط ودقيق ، ويؤكد أن الإيمان بقضاء الله يعطى الإنسان هدؤا وسلاما ، حيث يشعر بأن الله هو حامل كل الأشياء بكلمة قدرته ، فلا شىء يتم بدون إذنه أو علمه ، وما يحدث فى الماضى والحاضر والمستقبل هو فى عقل الله منذ الأزل ، وقضاء الله ليس اجبار وقهر ولا يلغى حرية الإنسان واختياره ، فإذا كان الله هو الذى قضى على القاتل بقتله وعلى الزانى بزناه , وهكذا ثم يعاقبهم بعد ذلك ، فهذا سيكون ظلم لا يقبله العقل ، قال الرب : "يا أورشليم يا أورشليم كم مرة أردت .. ولم تريدوا" ، وتدل هذه الآية على حرية الإنسان ومسئوليته عن مصيره و أن الله يريد للجميع الخلاص لكن للذى يطلبه.
قضاء الله يشمل أعمال الإنسان الصالحة والشريرة "لأننا نحن عمله ، مخلوقين فى المسيح يسوع لأعمال صالحة ، قد سبق الله فأعدها لكى نسلك فيها" ، أما قضاء الله من ناحية الأعمال الشريرة التى يصنعها الأشرار بكامل إرادتهم فيعنى أنه لا يمكن أن تحدث هذه الأعمال إلا بسماح منه ، وبالحدود التى سمح بها ، و إن كان يبغضها لأنها ضد طبيعته الطاهرة ومن ثم يحولها لخير أولاده مثلما حدث مع يوسف من إخوته ومن امرأة سيده ، ومثل صلب الفادى الذى قاد لخير العالم كله وإتمام الخلاص.
القضاء لا يمنع العمل والاجتهاد ، فجهاد الإنسان يوصله لما سبق تقديره له من قبل الله ، فمن قضى له بالخلاص مثلا ، لا يحصل عليه إلا بالتوبة والإيمان والأعمال الصالحة ، فالله يعرف مسبقا بما سيقوم به الإنسان من أعمال ، لذلك قضى له بما قضى.
وقضاء الله يشمل كل شىء الملائكة وكل الأرض والأمم والمماليك ، والنفوس والأرواح ، الزمان والمكان ، الحيوانات والطيور ، النباتات ، الطبيعة المادية الشمس والقمر والنجوم.