الأقباط متحدون - شق طريق بين الأوحال
أخر تحديث ٠٧:٢٢ | الاربعاء ٢ يوليو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٢٣٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

شق طريق بين الأوحال

علي سالم
علي سالم

غير أن العمل لم يكن سهلا طول الوقت أو بغير منغصات، فقد كان عدونا الأكبر هو موجات الأمطار الشديدة التي تحول الطريق الترابي إلى أوحال يعجز عن السير فيها البشر وأي وسيلة مواصلات أخرى. كل الطرق في ذلك الوقت كانت ترابية، ما عدا طريق دمياط المنصورة الذي تم سفلتته في نهاية الأربعينات. أي أنه بعد موجات الأمطار وهي شديدة عادة في منطقتنا، يتوقف العمل تماما في كل شركات الأتوبيس وتاكسيات الأقاليم وحتى حركة السير على الأقدام تصبح محدودة تماما بين القرى. إن الأوحال ليست عدوا يستهان به. ربما تستمر موجة الأمطار لأيام، غير أنه في لحظة شروق الشمس تصدر الأوامر بفتح الطريق، طبعا الطريق لم يغلقه أحد لكي يفتحه، ولذلك اسمح لي أن أشرح لك فصلا قصيرا في الصراع ضد الأوحال. تماما كما يحدث في جبهات القتال، تكلف جماعة بشق طريق بين الألغام تحدده علامات على الأرض، بعدها تستطيع القوات المهاجمة أن تقتحم الحقل بغير أخطار. يكلف سائق أن يخرج بسيارته ومعه كمساريه بغير ركاب ليشق طريقا بين هذه الأوحال، أي يقوم بعمل (مدق) على الأرض بعجلات السيارة لكي تلتزم السيارات بعده بالسير على هذه المدقات. وهي عملية صعبة لغاية تتطلب انتباها وحذرا شديدين، فعجلة القيادة لا تستجيب بسهولة للسائق، ويحدث أحيانا أن يوحل هو الآخر فيكلف على الفور سائق آخر باستكمال العمل. إن المسافة التي كنا نقطعها في ساعتين بين دمياط والمطرية دقهلية، تستغرق الآن ست ساعات على الأقل لفتح الطريق.

أنا أومن بوحدة قوانين الكون، الكون كله تحكمه داخل جسمك وخارجه قوانين ثابتة وعليك أنت أيضا أن تتعامل معها بثبات بغير محاولة الدوران واللف عليها بل وخداعها كما يفعل البعض أحيانا. الأوحال موجودة في كل وقت وكل مكان، وعلينا ألا نستسلم لها، لا بد أن نشق طريقا بينها لكي يستخدمه البشر من بعدنا في الوصول لتحقيق آمالهم. والأوحال لا يصنعها فقط التراب والماء، فهناك أوحال على هيئة أفكار سخيفة أو سيئة أو أقرب لأن تكون جرائم أو هي جرائم بالفعل، ليس المطلوب منا القضاء عليها أو إزالتها، المطلوب فقط هو شق طريق آمن بينها.

أعود لطريق دمياط المطرية بعد فتحه. ما زالت الحركة عليه صعبة بعد ظهور مطبات وحفر وأخاديد صغيرة، هنا يبرز دور عم الشيخ أحمد، وهو المسؤول عن عمال الطرق والكباري على الخط. المطلوب الآن من هؤلاء العمال بقيادة ذلك الرجل مراجعة كل شبر من الطريق لإعادته مستويا بغير مطبات، وهو ما يفعلونه بالفعل.

في مواجهة الأوحال، لا بد من فترة توقف قصيرة لدراسة أبعادها. ثم تصدر الأوامر بشق طريق جديد، هنا يبدأ دور الإنسان الفرد القوي المبدع القادر على شق طريقه بين الأوحال. ولكن بعد الانتصار على الأوحال، لا بد من وجود عم الشيخ أحمد ورجاله الذين يعملون على صيانة الطرق.. بغير صيانة حقيقية دورية ومستدامة لكل مرافقنا ومصانعنا وشركاتنا بل وبيوتنا، فنحن نغامر بالوقوع في أوحال من صنعنا نحن.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع