الأقباط متحدون - ...وورث البنت أيضا...سبة في حق هذا الوطن...ورجاله!!
أخر تحديث ٠٣:٣٣ | الأحد ٦ يوليو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ٢٩ | العدد ٣٢٤٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

...وورث البنت أيضا...سبة في حق هذا الوطن...ورجاله!!

قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(495)
بقلم يوسف سيدهم
إذا كنا صادقين مع أنفسنا في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ بلدنا,وإذا كنا نعي حتمية إعادة تشكيل كثير من الثوابت التي طالما تسلطت علي مجتمعنا,فلندرك أن الأمر ليس مقصورا علي الحديث الدارج حول استعادة الأمن وإصلاح السياسة وإنقاذ الاقتصاد والنهوض بالتعليم والصحة والعلاج...إلي آخر تلك المجالات المعروفة.

إننا في الحقيقة يجب أن نقف الآن في مواجهة شجاعة وأمينة مع النفس لنتأمل المعايير التي تسود مجتمعنا ونرصد أوجه الخلل فيها ونتدبر كيفية التصدي لها بالإصلاح والتطوير...ومن الواضح في هذا المجال أن مجتمعنا آن له أن يراجع أوضاع نصفه المغبونالمرأةوأرجو ألا يندفع أحد ليقول إن المرأة لم تعد مغبونة فقد أثبتت بجدارة وجودها في ساحة السياسة والمشاركة الثورية والوطنية وحصدت ثمار ذلك في ترسيخ حقوقها في الدستور وضمان مساواتها بالرجل في جميع المجالات وتمكينها من حصص عادلة في المجالس المنتخبة...فأنا أعرف كل ذلك وأشعر بقدر كبير من الارتياح والتفاؤل لتحقيقه دستوريا وأتطلع باهتمام لتفعيله تشريعيا وتنفيذيا...لكن تظل هناك بعض الأمور المسكوت عنها والتي تنطوي علي إجحاف جم بحق المرأة ولاتقل أبدا في مدي الإضرار بها عما يعانيه المجتمع اليوم وينتفض لاستنكاره من التحرش بالمرأة والاعتداء عليها,فاغتصاب الحقوق لايختلف في قسوته وبشاعته عن اغتصاب الأجساد.

إن الملف الكئيب الذي أفتحه اليوم-بل لعلي أعيد فتحه-هو ملف ميراث المرأة أو ما اصطلح علي تسميته بلغتنا العاميةورث البنت...هذا الملف يبدو أنه ليس علي أولويات الإصلاحات الواجبة تجاه المرأة أو إذا أردنا أن نكون أكثر صراحة,هو ليس علي هوي الرجل أن يفتحه ويصلح من شأنه...والحقيقة المؤلمة أنه كلما أثير أمر هذا الملف في أي ملتقي-مهما كان المستوي الاجتماعي أو الاقتصادي أو التعليمي للمشاركين فيه-أفاجأ بانفجار مشاعر الغضب والمرارة والاحتجاج من العنصر النسائي-امرأة كانت أو فتاة-علي الغبن والظلم الواقع عليهن وأسمع قصصا كريهة يندي لها الجبين حول اغتصاب الرجال لميراثهن...قصص إن دلت علي شئ فتدل علي أنورث البنت مثله مثل التحرش هو سبة في حق هذا الوطن...ورجاله!!

لست هنا بصدد مناقشة نصيب الفتاة أو المرأة في الميراث فذلك يحدده التشريع-إسلاميا كان أو مسيحيا-لكني أسلط الضوء علي الحالات الهائلة التي لاتحصل علي ذلك النصيب الشرعي والذي يتوقف ذكره علي المستندات الرسمية لإعلانات المواريث,لكنه لا يغادر تلك الإعلانات ليري النور علي أرض الواقع المعاش.

وإذا كانت جرائم التحرش بالفتاة أو المرأة تتم علي أيدي غرباء عنها من الشباب أو الرجال الذين فقدوا رجولتهم وشهامتهم ونخوتهم ووجب إنزال أقصي العقوبة بهم,فإن الكارثة المخجلة أن اغتصاب ميراث الإناث يتم بواسطة أقرب الأقارب إليهن من الذكور الذين يشاركونهن الميراث سواء كانوا إخوة أو أبناء عمومة أو أي من الذكور الذين يأتي بهم الشرع إلي طابور الورثة...هؤلاء يستحلون الاستيلاء علي أنصبة أمهات وفتيات وقاصرات متسترين وراء عادات اجتماعية بالية موروثة من أزمنة كانت فيها الإناث عالة علي الرجال -لاتتعلم ولاتعمل-فكانت مسئولية إعالتهن والتكفل بهن تقع علي عائق الرجال,وبالرغم من أن ذلك لايعد مسوغا لحرمان الإناث من حقوقهن,ماقولنا اليوم وتلك الجريمة تستمر ترتكب في حق أمهات وأخوات وأقارب لهن استقلالهن ولسن تحت كفالة أحد بل يكن في أمس الحاجة إلي الحصول علي حقهن الشرعي في الميراث ليتدبرن أمرهن في مواجهة احتياجات ملحة في الحياة.

ويتساءل سائل:حقوق المرأة ثابتة في إعلانات المواريث فإذا لم تحصل عليها لماذا لاتلجأ إلي القضاء لينصفها؟....والحقيقة الكئيبة التي تبرز ردا علي ذلك التساؤل أن الرجل الذي تسمح له رجولته باغتصاب حق الميراث من المرأة,إما يرهبها ويحول دون لجوئها للقضاء بشتي الطرق الوضيعة,أو يتركها لتذهب إلي القضاء حيث تستنزفها ساحات المحاكم والعدالة البطيئة وتمر السنين قبل أن تحصل علي حكم يعيد لها حقها المغتصب فإذا بها تبدأ رحلة عذاب ومهانة ومذلة جديدة في محاولات مضنية لتنفيذ الحكم,يكون فيها خصمها الرجل هو المعرقل لتنفيذه بشتي السبل والحيل,سواء بتضليل العدالة أو بتغيير طبيعة الميراث-أراضي كان أو عقارا أو استثمارا-للحيلولة دون افتقاء أثره.تلك برمتها أوضاع مخجلة مشينة ولايمكن علاجها بشكل باتر بالتعويل علي القانون وحده,فإذا لم يستعد الرجل رجولته الحقة وشهامته وإذا لم يقف المجتمع بالمرصاد للرجل الذي يستحل الاستيلاء علي ميراث أقرب الأقربين إليه من الإناث ستستمر هذه المهازل سبة في حق الوطن ورجاله.

وقبل أن أغادر هذه القضية المؤسفة,أجدني مدينا أن أسجل بكل الفخر والاعتزاز تجربتي الشخصية المرتبطة بها وأرجع الفضل إلي واحد من أعظم الرجال-والدي الراحل أنطون سيدهم -لأنه أعطاني القدوة والمثل أنا ابنه الوحيد الأخ لثلاث أخوات إناث حين حملني مسئولية ضميرية وأخلاقية تتجاوز شرعية القانون-وكنت منفردا معه بلا مرافق أو شاهد...فقد قال:كل ما أتركه بعد رحيلي تتولي توزيعه بالتساوي عليك أنت وأخواتك,لا فرق بين الولد والبنت...وهكذا فعلت والتزمت وأعترف أن إحساس الرضا والسعادة الذي تملكني ولايزال يملك علي وأنا أفعل ذلك,أثمن وأغلي عندي من كل أموال العالم...فالرجل إذا فقد رجولته لن يردعه لا الشرع ولا القانون.!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter