الأقباط متحدون - قراءة فى العدوان الإسرائيلى على غزة
أخر تحديث ١٩:٠٦ | الثلاثاء ١٥ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٨ | العدد ٣٢٥١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قراءة فى العدوان الإسرائيلى على غزة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ناجح إبراهيم
سواء شئنا أم أبينا، فإن غزة من المفاتيح الرئيسية للأمن القومى المصرى.. وكذلك الجبهة الشرقية لمصر التى تبدأ بفلسطين وتنتهى بغزة.. وسيناء تعد من أهم جبهات الأمن القومى المصرى طوال تاريخه التى جاء منها الغزو الصليبى الذى دحره صلاح الدين وجاء منه التتار ودحرهم «قطز» و«بيبرس».. وجاءت منه الحملة الفرنسية.. وجاء منه الاحتلال الإنجليزى..

ولطالما اشترك الشعبان المصرى والشامى عامة والفلسطينى خاصة فى دحر كل هذا العدوان، ولا ننسى أن الذى قتل «كليبر» القائد الثانى للحملة الفرنسية كان شامياً من حلب اسمه سليمان الحلبى.

وقد حذر أحد المفكرين المصريين «حماس» فى أحد مؤتمراتها الذى عقدته فى غزة بعد ثورة 25 يناير من أمرين، وذكر ذلك التحذير فى عقر دار «حماس» وبين قادتها.. وهما:

- أولاً: عدم أخونة القضية الفلسطينية.. لأن هذه القضية بالذات لن يستطيع الإخوان وحدهم حمل تبعاتها حتى وإن كانوا فى السلطة.. وقال نصاً:

«كان ينبغى على قادة حماس الذين زاروا القاهرة مراراً ألا يذهبوا إلى مكتب الإرشاد وحده.. ولكن يذهبون إلى كل القوى السياسية المصرية بلا استثناء.. وأن تكون علاقتهم بالجميع جيدة دون استثناء.

صحيح أن علاقة التلميذ مع الأستاذ عند الإخوان جعلتهم فى حرج بالغ وموقف صعب.. وجعلتهم لا ينفتحون على أى قوى أخرى فى مصر سوى الإخوان.. مما كلفهم الكثير بعد ذلك».

- أما الأمر الثانى الذى حذرهم منه، فهو عدم التدخل فى الشأن السياسى المصرى الداخلى.. وأن وصول الإخوان للحكم فى مصر لا يعنى أن «حماس» صاحبة القرار فى مصر أو فاعلة فيه.

وللأسف فإن «حماس» لم تأخذ بالنصيحتين.. رغم إقرار بعض قادتها وقتها بأهميتهما.

وكان الخطأ الأكبر لـ«حماس» هو تشجيع بعض قادتها الميدانيين، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، للتكفيريين الذين يهاجمون الجيش والشرطة فى مصر.. وعدم المساهمة فى شكل فعال فى كبح جماحهم.. أو على الأقل عدم تنقلهم من غزة إلى سيناء أو بالعكس.. أو حصولهم على الأسلحة المتطورة من غزة.. مما أفقد «حماس» حليفاً استراتيجياً لا بديل عنه.. كان على الدوام مسانداً لقضاياها وهو الجيش المصرى.. وكذلك الأجهزة الأمنية السيادية المصرية وكثيراً من القوى السياسية المصرية التى كانت دوماً تتعاطف مع «حماس».. فضلاً عن قطاعات واسعة من الشعب المصرى كانت كلها تحب «حماس».. ولكنها تحولت عن هذا الحب أمام القصف الإعلامى المضاد لـ«حماس» فى مواجهة القصف الإعلامى الإخوانى المدعوم من «حماس» ضد الجيش المصرى والحكومة المصرية بعد «٣٠ يونيو».

لقد كانت «حماس» محظوظة فى بداية ثورات «الربيع العربى»، إذ أبدلها الله بظهير سُنى قوى عوضاً عن الظهير الشيعى الذى فقدته الحركة بالثورة على بشار الأسد وتضعضع الحال الإيرانى فى فترة سابقة.. إذ وجدت فى حكم الإخوان فى مصر وتونس حلاً لكل مشكلاتها.

فمصر والإخوان هما الحضن الطبيعى والعقائدى والفكرى والتاريخى لـ«حماس» وغزة أيضاً.. ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن.. ولم تحسب «حماس» ولا غيرها من كل القوى السياسية حساب لحظات صعبة تمر بها الآن.. فتقلبات السياسة مريرة وغادرة وماكرة أيضاً.

وعلى الجماعات التى تواجه المحتلين ألا تجعل لها خصوماً خارج هذا المحتل بل تبنى صداقات وتحالفات مع الجميع، وأن تلتزم بالحكمة القائلة «لا تلقى الأحجار فى الآبار لأنك حتماً ستظمأ وتحتاج أن تشرب منها».

المهم ساءت العلاقة بين «حماس» ومصر جيشاً ومؤسسات مع قطاع من الشعب.. وساءت العلاقة أيضاً مع السعودية ومع بلاد عربية أخرى.. إذ ربطت «حماس» نفسها بالمعسكر الإيرانى والتركى والقطرى من جديد.

وكانت «حماس» قد أحسنت استغلال الثلاث سنوات التى أعقبت ثورة ٢٥ يناير فى تطوير منظومتها التسليحية والتدريبية عامة.. والصاروخية على وجه الخصوص.. وأعلنت هى عن ذلك مما أغاظ إسرائيل التى انتظرت أفضل اللحظات بتدمير هذه المنظومة.. وإعادة «حماس» إلى الصفر مثل كل مرة.. ولم ينتبه لذلك بعض الذين خطفوا المستوطنين الثلاثة وقتلوهم.. إنهم يعطون إسرائيل أكبر ذريعة للفتك بـ«حماس» وغزة فى أضعف حالاتها.. وهدم العلاقة الجيدة التى نشأت بين محمود عباس «أبومازن» و«حماس»، والتى دشنت لمرحلة جديدة من المصالحة الوطنية الفلسطينية.

وقد تسعى إسرائيل لتصفية محمود عباس نفسه بطريقة أو بأخرى ما دام مصراًً على الجهر باللاءات الكثيرة فى مواجهة إسرائيل ومحاولة إيجاد قيادة فلسطينية بديلة تكون أكثر مرونة وأقل حرصاً على وحدة الشعب الفلسطينى.

والآن يمكننا القول إن هذا الهجوم البربرى على غزة وتدمير وقتل أبنائها ليس اختباراً لـ«حماس» وحدها.. ولكنه اختبار لمصر أيضاً التى إن ظنت يوماً أن هذا الهجوم ليس رسالة تهديد إليها أيضاًً.. فستكون قد وقعت فى خطأ فادح.

إنها رسالة تهديد من إسرائيل إلى الجميع تعنى أن إسرائيل هى الأقوى والآمر الناهى فيها.. وأنها لم تهتم بأى دولة عربية أخرى.

والسؤال الآن:

هذه هى الرسالة الإسرائيلية للجميع.. فماذا نحن فاعلون؟!.. هل سنفرق بين الشعب الفلسطينى وساسته.. وبين غزة و«حماس».. وبين ما هو استراتيجى قومى ثابت وتكتيكى متغير.. وبين قضايا الأمن القومى الثابتة والأشخاص الزائلين؟

أم سنخلط خلطاً معيباً بين كل هذه الأشياء فيضيع منا كل شىء؟!
نقلآ عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع