الأقباط متحدون - نعم نحن أصحاب النون (ن)
أخر تحديث ٠٠:٣٥ | الاثنين ٢٨ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٢١ | العدد ٣٢٧٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نعم نحن أصحاب النون (ن)

بقلم منير بشاى
النون هى الحرف الأول من كلمة "نصرانى" وهى العلامة التى وضعتها جماعة داعش على بيوت مسيحيى الموصل تمهيدا لطردهم من بلادهم التى عاشوا فيها منذ آلاف السنين.  وكانت داعش التى سمت نفسها فيما بعد "الدولة الاسلامية" قد غزت هذه المنطقة وسيطرت عليها.  ثم لم تلبث ان قامت بهجمات على بيوت المسيحيين وكنائسهم واديرتهم ونهبت الكثير من محتوياتها الأثرية.

 وفى النهاية اصدرت بيانا اعطت فيه المسيحيين الذين اطلقت عليهم اسم "نصارى" بضع ساعات ليغادروا البلاد، ومن بقى منهم عليه ان يمتثل لخيار من ثلاثة: الاسلام او الجزية او الموت.  وعلى ذلك حزم المسيحيون ما استطاعوا من امتعة واستقلوا عرباتهم الى خارج حدود مدينة الموصل. وهناك تم تفتيشهم واخذوا منهم ما لديم من مال ومجوهرات واستولوا على سياراتهم ثم حملوهم على عربات اخذتهم بضع كيلومترات حيث ألقوهم فى الصحراء فى المنطقة التى يسيطر عليها الأكراد.

 بداية نحن لا نعترف بالاسم "نصارى" الذى ألصقه الاسلام بالمسيحيين.  ويبدو انه كان يطلق على جماعة مهرطقة كانت تسكن شبه جزيرة العرب.  اتباع المسيح قد سموا بالمسيحيين منذ البداية، طبقا لما جاء فى سفر الأعمال "ودعى التلاميذ مسيحيين فى أنطاكية اولا" أعمال 11: 26
 وبما انهم قد اطلقوا علينا رمز النون فنحن نحمل هذا الرمز بكل فخر ليس لأننا نصارى ولكن لأننا نتمسك بصفات كثيرة تبدا بحرف النون اصبحت جزءأ من ايماننا المسيحى مثل "نحبكم" مع انكم تعادوننا و"نبارككم" مع انكم تلعنوننا و"نحسن اليكم" مع انكم تبغضوننا و"نصلى من أجلكم" مع انكم تسيئون الينا وتطردوننا. قال السيد المسيح "سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك.  واما انا فأقول لكم أحبوا أعداؤكم باركوا لاعنيكم أحسنوا الى مبغضيكم وصلوا من اجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم"  متى 5: 44. 

 ولكن محبة الاعداء لا تعنى قبول الظلم ولا تلغى حق الانسان المشروع فى الدفاع عن النفس.  ولأن هؤلاء المسيحيين كانوا عزّل من اى سلاح فان حمايتهم هى مسئولية كل قادر على ذلك  وهؤلاء سيعطون حسابا لله فى يوم الدين، بل وفى الحياة الدنيا، عن تخاذلهم عن القيام بدورهم.
 والموقف المأسوى لمسيحيى الموصل يطرح عدة تساؤلات تبحث عن اجابة:

أولا: اين مسلمو الموصل؟
اين الجيران والاصدقاء والزملاء الذين كان المسيحيون يعيشون فى وسطهم ويعملون معهم ويشاركوهم الأفراح والأتراح؟  الموصل بلد كبير يقطنه نحو 1.5 مليون نسمة غالبيتهم من المسلمين.  كيف تبخر هذا العدد فجأة امام جماعة من الارهابيين يبلغ عددهم مجرد 6000 محارب؟. وقد جاءت الاخبار التى تقول ان البعض من هؤلاء الجيران كانوا يساعدون الارهابيين بالضغط على المسيحيين لترك دينهم المسيحى واعتناق الاسلام؟  كيف لم يستطع احد من هؤلاء ان يتصدى للإرهابيين ويحمى المسيحيين ومنهم الشيخ والمرأة والطفل؟ هل اختفى الاعتدال فجأة واصبح الجميع "داعش"؟

ثانيا: اين الدول العربية والاسلامية؟
 أين الدول العربية التى يزيد عدد سكانها عن 300 مليون نسمة؟ والتى قيل ان تمويلهم المالى هو الذى انشأ هذه الجماعة ومدها بالدعم.  لماذا سمعناهم ينددوا بما يحدث للفلسطينين فى غزة بينما لم نسمعهم ينطقوا بكلمة ادانة واحدة لما يحدث لمسيحيى الموصل؟  واين المؤتمر الاسلامى؟ الذى يمثل مسلمى العالم الذين يقرب عددهم من المليار والنصف ؟ اين الازهر الذى يمثل الاسلام المعتدل؟ هل يكفى ان يقال ان هؤلاء الداعشون لا يمثلون الاسلام الصحيح وان الاسلام هو دين السلام؟ أين السلام الذى تتكلمون عنه اذا كانت الغالبية الساحقة من العمليات الارهابية فى العالم اليوم ترتكب بواسطة عناصر اسلامية؟ وما ردكم على من يقول ان اسلام داعش هو الاسلام الصحيح وان اسلامكم انتم قد تم نسخه (الغاؤه) وأن آية السيف فى المدينة قد نسخت (ألغت) كل ما جاء قبلها فى مكة من آيات السلم؟

ثالثا: اين الدول الكبرى؟
 أين الدول الغربية؟ أين الاتحاد الأوروبى؟ وأين امريكا بقيادة اوباما؟ يا من تحيط نفسك بمستشارين من الموالين لتنظيم الاخوان الدولى ويا من تنفق المليارات من خزانة الدولة عليهم ولا تفوتك مناسبة لتعلن تأييدك لهم.  تصرفاتك غير امريكية وتتعارض مع ابسط قيم الشعب الامريكى فى الزود عن الضعيف والتصدى للمعتدى والتى ظهرت فى الدور الامريكى البطولى اثناء الحرب العالمية الثانية.  لقد ضيعتم جميعا فرصة نادرة عندما كانت داعش مجرد جماعات مبعثرة فى الصحراء وكان يمكن هزيمتهم بأقل الجهد.  ولكن داعش الآن اصبحت دولة تمتد وتنخر كالسرطان فى جسد الشرق.  وعندما يقوى عودهم سيهددوا الغرب نفسه وستكون هزيمة هذه الجماعة أصعب واكثر تكلفة. ويبدو ان القائمين على الأمر فى الغرب قد نسوا درس هتلر، ومن لا يعى درس التاريخ فمن المحتم ان يكرره.

رابعا: أين الامم المتحدة؟
 اين تلك المنظمة واين سكرتيرها العام؟ لماذا لم تعقد جلسة طارئة وتتخذ اجراءات سريعة؟ اين مواثيق حقوق الانسان؟ أين القوانين الدولية التى وقّعت عليها كل دول العالم بما فى ذلك الدول الاسلامية.  اين قائمة الحقوق الاساسية التى تضمن للانسان العيش فى امان وممارسة عقيدته دون ضغوط؟ هل كان هذا كله مجرد حبر على ورق؟ وان لم يظهر دور الأمم المتحدة اليوم فمتى يظهر؟

 الحرية لا تتجزأ.  فلا يمكن ان يعتبر احدنا نفسه حرا طالما يوجد انسان على وجه الارض قد حرم من حريته.  ولا يستطيع انسان ان يدّعى انه يتمتع بالعدالة طالما يوجد اخ او اخت له فى الانسانية يعانى الظلم.  ان ما يحدث لمسيحى الموصل هو جريمة انسانية بشعة بكل المقاييس.  والمجرمون ليسوا داعش وحدهم ولكنهم انا وانت وهو وهى، الذين نرى هذا يحدث امام عيوننا ومع ذلك نختار ان نصمت.
Mounir.bishay@sbcglobal.net
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter