بقلم : على سالم | الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤ -
٠٢:
٠٦ م +02:00 EET
عبد الناصر
بقلم : على سالم
المرحومة زوجتي كانت من عائلة هويدي، لذلك جمعتني مناسبات كثيرة بالسيد أمين هويدي الذي شغل من قبل مناصب عدة منها الإعلام والدفاع والمخابرات العامة. كنت أحب الرجل، فقد كان على درجة عالية من الثقافة والنزاهة العقلية. وبعد وفاة عبد الناصر ووصول السادات إلى الحكم،
حدث أن قام السادات بحركته التصحيحية في 15 مايو (أيار) 1971 التي ترتب عليها محاكمة عدد من رجال عبد الناصر ودخولهم السجن بتهمة التآمر. أما أمين هويدي فقد وجهت إليه تهمة الخيانة العظمى فقضى عاما في السجن (؟؟!!)
وبعد الإفراج عنه زرته أنا والمرحومة زوجتي. تناقشنا في مواضيع عدة وتطرق حديثنا إلى حكاية علاقة الفنانة برلنتي بالمرحوم المشير عبد الحكيم عامر فقال لي: لم يكن عبد الناصر يعلم شيئا عن هذه العلاقة إلا بعد وفاة المشير..
كنت مديرا لجهاز المخابرات وقتها، وظهرت في الأسواق منشورات تهاجم النظام. بدأنا البحث عن المسؤولين عن كتابة هذه المنشورات، التحريات أثبتت أن السيدة برلنتي لها صلة بهذه المنشورات وأنها هي المسؤولة عن طباعتها.
بعد القبض عليها امتنعت عن الإدلاء بأقوالها في محضر التحقيق وقالت إنها لن تتكلم إلا أمام الرئيس جمال عبد الناصر.. ذهب إليها مدير السجن وسامي شرف غير أنها أصرت على موقفها، في نهاية الأمر وافق الرئيس على أن يلتقي بها.. قالت له جملة واحدة: أنا زوجة المرحوم عبد الحكيم عامر.
اتصل بي الرئيس وقال لي: أمين.. إفرج عنها.. إنها زوجة عبد الحكيم..
فقلت له: سأفرج عنها بالطبع ولكن بعد أن تدلني على مكان المطبعة.. (مطبعة بالوظة بدائية).. بعد ذلك تدخلت أختها وقالت لنا على مكان المطبعة وكانت مخبأة في قرية قريبة.. فأفرجت عنها على الفور.
سألته: كيف حدث أن أجهزة الأمن المصرية بقدراتها الهائلة على رصد المعلومات في مصر عجزت عن كشف حقيقة هذه العلاقة؟
أجاب: أذكرك أن هذه العلاقة كانت تحت رعاية وبحماية صلاح نصر مدير المخابرات في ذلك الوقت، كما أن خطة الإخفاء والتمويه كانت قوية للغاية، فقد حدث أن وجهت الدعوة لعدد من الصحافيين المسؤولين عن الفنانين وصفحات الفن، وجهت لهم الدعوة في بيتها لإعلان خبر مهم.. وفي البيت فوجئ الصحافيون بخروج أخو عبد الحكيم من غرفة النوم. كان الخبر هو أن برلنتي تزوجت من أخي المشير. ولذلك كان من الطبيعي أن تسافر معه ومع المشير نفسه إلى أي مكان.
السؤال هو لماذا كان صلاح نصر حريصا منذ البداية على صنع هذه العلاقة ثم الحرص على حمايتها وإخفائها، هل كان بالفعل ينسج خيوط مؤامرة ضد عبد الناصر في ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى دخوله السجن بعد ذلك في قضية تآمر لم يعرف المصريون تفاصيلها؟
لقد مات أبطال الرواية وقد تكون قد دفنت معهم أسرار لن نعرفها إلى الأبد.. ولكنا نعرف على الأقل أن هزيمة 1967 فجرت كل العلاقات غير الطبيعية بين رجال السلطة كما قضت إلى الأبد على أحلام الإمبراطورية.
نقلآ عن الشرق الأوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع