الأقباط متحدون - اضطهاد المسيحي أم الوجود المسيحي؟ المشكلة والحل.
أخر تحديث ٠٧:٣٣ | الخميس ٣١ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٢٤ | العدد ٣٢٧٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

اضطهاد المسيحي أم الوجود المسيحي؟ المشكلة والحل.

اضطهاد المسيحي أم الوجود المسيحي؟ المشكلة والحل.
اضطهاد المسيحي أم الوجود المسيحي؟ المشكلة والحل.
بقلم : د. نجيب جبرائيل 
عجيب أمر هؤلاء المسيحيون في المنطقة العربية، اللذين عانوا وهم اصل هذه البلاد اكثر مما عاناه الارمن فى تركيا واليهود على ايدى النازيين فى المانيا مع الفارق في أصل التواجد. فمنذ ما يقارب  من نصف قرن من الزمان ومعاناة المسيحيون من إذلال وإقصاء وتهميش، ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
 
 فبدأت ثوره يوليو رغم قيامها بطرد المستعمر الأجنبي، وإقامة  جيش قوى بدا تامين شركات وأموال الأقباط وسياسة الإبعاد عن المناصب الكبرى،وعلى مستوى ممارسه الشعائر كانت ساعة واحده فقط أسبوعيه، من كل احد لإذاعة القداس وليس على محطة مصريه ،وإنما على محطة صوت العرب ثم امتد هذا الاقصاء وليسلب ابسط الحقوق الانسانيه والذي تمثل في عدم وجود قانون يعطى لهم الحق فى بناء كنائسهم وانحسر عددهم وتقلص بشكل ملحوظ فى البنوك بعد ان كانوا يملئوا القيادات البنكية، ثم امتد بهم الحال تضييقا وبدون قانون ،فلم يسمح لهم بالحصول على درجات  علمية فى تخصصات امراض النساء فى الكليات الجامعيه ناهيك عن عدم السماح بوجود استاذ قبطى فى اى جامعه مصريه لأمراض النساء وكان أخر اساتذه النساء من الأقباط فى ستينيات القرن الماضي، وهو الأستاذ الدكتور/ نجيب باشا محفوظ ومن بعده فريد سميكة، ومن بعدهما لم تشهد جامعه مصرية أي أستاذ قبطي لإمراض النساء وامتدا اضطهاد الاقباط فى ظل حكام اعلن منهم صراحة انه رئيس مسلم لدوله مسلمه وكما لو كان يحكم شعب تعداده انزاك 80 مليون نسمه من المسلمون، وإذا كان هناك مسيحيون فى مصر فليبحثوا عن رئيس اخر يحكمهم فادى ذلك الى مزيد من الفرز الطائفي ومزيد من الثقافة المتشددة تجاه المسيحيون.
 
 وشهدت هذه الفتره من الزمن اكبر مذبحه للمسيحيين، وهى مذبحه الزاوية الحمراء وتلاها مذابح ديروط وصنبو وشهد أيضا عصر الانفتاح الذى قاده الرئيس الراحل انور السادات، وبالا على المسحيين نتيجة قوافل المدرسين إلى بعض دول الخليج والتي استمرت قرابة عقدين من أو ثلاثة عقود من الزمن عادوا ومعهم ثقافات متشددة تبغض المسحيين وتحث على كراهيتهم وعدم قبولهم وانعكس ذلك بصوره واضحة على مناهج التعليم والتى وضع بعضها أصحاب هذه الثقافة المستوردة، والذين أصبحوا قاده فى مناصبهم فيما بعد ووضعوا مناهج تزدرى وتكره الاخر حتى صدرت كتب كثيرة في هذا الشان تحث على قبول اخر تصدرها الراحل العظيم الدكتور/  ميلاد حنا وكانت مناهج التعليم وسواء العام او العالي والتي وضعت مليئة بالكراهية ضد المسحيين واختفت المناهج الوطنية والقومية الأمر الذي أدى خلق ثقافة استعلاء الاغلبيه على الاقليه وثقافة الإقصاء والتهميش فلم يعد المسيحيين يعاملون كمواطنين لهم كافه الحقوق وعليهم كافه الواجبات، بل امتدا الامر الى مواجهتهم والتعدى على حياتهم واموالهم والتعرض لهم فى ممارسه عقائدهم وارزقهم فظهرت عمليات هدم الكنائس واختفاء البنات المسيحيات القاصرات واجبار الصغار حتى الاطفال على تغير ديانتهم واسمائهم الى الاسلام فى حاله تحول احد من والديهم الى الاسلام حتى لو كان الطفل فى سن الحضانه ثم جاء حكم الاخوان فكانت المواجهه بين الدوله وقيادتها الاخوانيه بطريقه مباشره وصريحه ضد الاقباط من التضيق  عليهم فى ممارسه عقائدهم واختفاء الكثير من البنات المسيحيات وظهورهن مسلمات بفعل الجماعات الاسلاميه التى تعمل تحت نظر و بصر الدولة .
 
وكان من نتيجه ذلك ان رصدت منظمه الاتحاد المصرى لحقوق الانسان (الايرو ) هجره اكثر من مائه الف قبطى الى الخارج من خيرة  شباب الاقباط من صيادله واطباء ورجال اعمال فلقد سجلت المنظمه وهى اول منظمه حقوقيه وبشهادات دوليه ظاهره هجره المسحيين الى الخارج خوفا على حياتهم واموالهم واختطاف بناتهم فلقد رصدت المنظمه هجره الالاف  من الاطباء والصيادله ورجال الاعمال الى كل من كندا وامريكا واستراليا وغرب اروبا. ولعل المستند الرسمى الذى ظهر مؤخرا على يد الاعلامى المعروف احمد موسى على قناه صدى البلد الفضائيه والموقع من وزير الماليه انذاك والذى يؤكد بصدور قرارات وتعليمات مباشرة  بالاستيلاء على 75% من اموال كبار رجال الاعمال الاقباط على ان يترك لهم ربع اموالهم فقط هذا هو حال المسحيين فى مصر ولا نعلم عما اذا كان نزيف هجره المسحيين من مصر سوف يعود ام لا. هذا هو عن حال مسيحيو مصر ام عن حال المسحيين فى دول المشرق العربى فحدث ولا حرج وربما فى بعض المناطق مثل لبنان ربما يكون هناك اضطهاد من نوع اخر نتيجه تدخل القوى الاسلاميه فى المنطقه والذى احدث تغيرا كبيرا فى الايدلوجيه السياسيه والتركيبه السكانيه فى البلاد فلبنان لها وضعها الخاص منذ ان استقلت عن فرنسا فى نهايه اربعنينيات القرن الماضى والتركيبه الطائفيه والسياسيه قائمه فرئيس لبنان لابد ان يكون مسيحى مارونى ورئيس الوزراء لابد ان يكون مسلم سنى ورئيس مجلس النواب لابد ان يكون مسلم شيعى وقائد الجيش مسيحى وتقسيمه الحقائب الوزاريه تكون بين المسيحيين للمسلمين والدروز وهناك كرسى فى البرلمان للاقليات غير المارونيه ولكن تدخل قوى اسلاميه فى المنطقه ادى  الى تغير هذا الوضع السياسى المستقر هذا التدخل نتيجه الموجه الكبيره من الثقافه الوهابيه المتشدده التى اجتاحت المنطقه فحدث  فى الثمانيات من القرن الماضى ان عقد مؤتمر الطائف فى المملكه العربيه السعوديه لبحث مشاكل لبنان فحدث تغير كبير فى مضمون النظام السياسى فى لبنان وان كان قد ابقى على شكل النظام السياسى وبمقتضى هذا الاتفاق اصبح رئيس لبنان المارونى مجرد رئيس شرفى يسود ولا يحكم اشبه بملكه انجلترا تستقبل الرؤساه ويحلف امامه رئيس الوزراء اليمين القانونيه واصبح كل شىء فى لبنان فى ايدى رئيس الوزراء السنى ورئيس مجلس النواب الشيعى وانعكس ذلك على اوضاع المسحيين فى لبنان مما ادى الى الاخلال بتركيبه السكانيه فتبدل وضع المسحيين نتيجه موجات الهجره الى اروبا والارجنتين والبرازيل والذين كان يمثلون اكثر من 70% من سكان البلاد اصبحت نسبتهم الان لا تتعد 32% من مجموع السكان وهناك 17 مليون لبنانى مسيحى خارج البلاد . وبمثل ما حدث فى مصر ولبنان حدث ويحدث الان فى العراق ونزيف المسحيين والقتل على الهويه الدينيه وما يقوم به داعش من تهجير قسرى لمسحى الموصل وهدم الاديره والاستيلاء على المقتنيات الثمينه وحرق اقدم كنيسه فى الموصل بنيت فى القرن الثانى الميلادى واجبار المسحيين على اعتناق الاسلام او دفع الجزيه او القتل بحد السيف مما اضطر  المسحيين الى الهجره فانتقلص عدد مسحيين العراق من مليون ونصف مليون الى 300الف مسيحى وتحاول تنظيم الدوله الاسلاميه (داعش) القضاء على البقية الباقيه من المسحيين.
 
ولم يختلف وضع مسيحي سوريا   وفلسطين كثيرا عن  وضع مسحيو العراق   وان كان الحق يقال ان حكومة بشار الاسد ومن قبله والده حافظ الاسد رحمه الله  لم يدخر ايا منهما جهدا فى تحقيق المساواة الكاملة والعدالة  وعدم التمييز بين المسيحيين والمسلمين فى سوريا  فقد رأينا قائد جيش فى سوريا مسيحى  وان هناك قادة مسيحيين فى المخابرات الحربية الامن القومى السورى   لم نراها فى مصر رغم تعداد المسيحيين فى مصر والذى يتجاوز  سبعة عشرة مليون مسيحى وهناك حرية كاملة لبناء الكنائس وحرية العبادة لمسيحيو  سوريا , لكن ما يعانية المسيحيين فى سوريا ليس من قبل النظام الحاكم  بل من التيارات الاسلامية المتشددة  وما يسمى " بجيش محمد- وانصار السنة – وانصار بيت المقدس " وما يسمى  " بالدولة الاسلامية " داعش . 
 حدث منذ عددة اشهر  انه قد تم اختطاف  مطرانيين  حلب و الاذيقة   واختطاف راهبات معلولة فى سوريا  والقتل على الهوية فى الرقة  مما ادى الى نزوح كثير من السوريين المسيحيين الى الخارج  خوفا على حياتهم . 
 
ولم يسلم مسيحيو فلسطين من جراء ما يحدث على الاراضى الفلسطينية  ومنذ عام 1967  وكاد ينقرض المسيحيين من فلسطنين  فبعد ان كان عددهم المليون ونصف  اصبح  عددهم لا يتجاوز خمسون الف موزعين بين القدس وبيت لحم و1200 فى غزة 
- ولكن ما اثر ذلك  والتركيبة السكانية والثقافية  والاقتصادية لدول المشرق  .
 
اعتقد ان هجرة المسيحيين عنوة وقسرا وترك اواطنهم زكنائسهم  لم يقتصر اثره على فقدهم لهويتهم المسيحية فى المنطقة  وانما امتد ذلك للتأثير على التركيبة السكانية فى البلاد واثر ذلك على النواحى الاقتصادية والثقافية  فبلد مثل مصر تركيبتها السكانية تمثل سبيكةغير متكررة وكما قال المؤرخ الرائع الراحل الدكتور / ميلاد حنا عندما وصف سكان مصر فى كتابه الشهير" الرقائق السبع "  قال ان المصريين يتمييزون بتركيبة فريدة من حضارات عدة هى المصرية القديمة والبيزنطية  والرومانية والقبطية  والاسلامية  وامتزجت هذه الثافات والضارات فى سبيكة واحدة افرض بها المصريين عن سائر شعوب العالم  وعبر حنا عن هذه الحضارات بالرقائق السبع , فمن ثم فان هجرة المسحيين بلا شك سوف تؤثر على تلك التركيبة التى تتأثر وجودا وعدما بالمسيحيين  ثقافيا  وحياتيا وتراثيا  وحضاريا . 
 
 فهل نتصور بان سائحا ياتى لمصر ولا يجد اديرة قبطية  عمرها يقارب الفى عام من الزمان او يجئ ليبحث عن رحلة العائلة المقدسة فلا يجد خريطتها او يبحث مستشرق غربى فى اللغة القبطية وادابها وتاريخ الاستشهاد فى المسيحية فيجد ان اصحابها قد رحلوا  ناهيك عن تأثر الوضع الاقتصادى اذ ان رأس المال المسيحى وباجماع الخبراء المسلمين يمثل اكثر من 35% من عصب الاقتصاد المصرى والذى نحن  جميعا فى امس الحاجة الى قيامته  من كبوته . 
 ولكن  ما دور المؤسسات الدولية والاقليمية والمحلية فى مواجهة هذه الظاهرة  والحفاظ على الوجود المسيحى بالمنطقة العربية ...
 
- هنا السؤال :
فنحن قد تخطينا مرحلة الاضطهاد الى مرحلة الدفاع عن الوجود المسيحى  هل سوف نرى مسيحيون فى الشرق العرب ؟ ام سوف يتم تفريغ المنطقة من المسيحيين ؟
 ومنذ اعلنت تنظيم الدولة الاسلامية داعش فى العرق على اجبار المسيحيين على اعتناق الاسلام او دفع الجزية او القتل بحد السيف ورأينا نزوح الاف المسيحيين  من الموصل حتى متعلقاتهم الشخصية تم الاستيلاء عليهم من قبل اكمنة  ونقاط داعش  وشاهدنا حرق اكبر دير فى المول وهدم اقدم كنيسة بنيت فى القرن الثانى الميلادى ولكن السؤال مطروح هو ما انعكاس ذلك عل المؤسسات الدولية .....
 
1- مجلس الكنائس العالمى " صمت القبور " .
2- مجلس كنائس الشرق الاوسط "  لم نسمع له صوت " 
3- مجلس كنائس مصر " مجرد بيان استنكارى وشجب " 
4- مشيخة الازهر "  مجرد بيان استنكارى وشجب " 
5- جامعة الدول العربية " صمت القبور " 
6- الاتحاد العالمى لعلماء المسلميين " مجرد بيان ادانة " 
7- بابا الفاتيكان " دموع وصلاة " 
8- المؤسسات الدولية مثل الامم المتحدة  ومجلس الامن " مجرد تصريحات من                 بان كي مون  حتى لم ينعقد مجلس الامن ولا الجمعية العامة للامم المتحدة لمجرد مناقشة هذا الامر وكأن الامر لا يعنيهم وان نفط العراق والخليج اغلى بكثير من دماء المسيحيين واين اليونسكو والمنظمات الدولية التى هاجت وماجت  وادانت تحطيم تمثال بوذامن قبل حركة طالبان فى حين ان كنائس المسيحيين وطريق الالم لا يعنيهم .
 واننى اعود فاذكر موقف اوروبا  وتحديدا فرنسا  بصفة خاصة الاتحاد الاوروبى لكى يعلم من لم يعلم ومن يريد ان يعلم  ان السبب الرئيسى فى رفض الاتحاد الاوروبى الى قبول عضوية تركيا هو موقف بعض الدولة الاوروبية الشجاعة وعلى رأسها فرنسا والتى وضعت شرط لدخول تركيا الاتحاد الاوروبى هو ضرورة اعتراف تركيا بارتكابها لمذابح الارمن وان الارمن لم يتركوا بلادهم وانما نتيجة المذابح التى تعرضوا لها على ايدى الاتراك العثمانيين وهذا ما ترفضه تركيا حتى الان وما تشترطه  منذ دول الاتحاد الاوروبى وعلى رأسها فرنسا .
ولكن هل يكتفى  ما يتعرض له المسييحون وما تعرض له مسيحيو العراق  بصفة خاصة من ان تعلن فرنسا على لسان  وزيرى الداخلية والخارجية الفرنسيين من قبول هؤلاء المسيحيين الفارين من مذابح داعش كلاجئين دينين فى فرنسا . 
 اعتقد ان الموقف الفرنسى وان كنا نشكره على المستوى الانسانى الا انه مرفوض كلية على مستوى التواجد او الانقراض المسيحى من  دول المنطقة ان هذا سوف يشجع الجلاد على الاستمرار فى جلده وذبحه للمسيحيين .
 ولكن هل يمكن هناك حلول عملية للحفاظ على الوجود المسيحى فى المنطقة . نعم ويتمثل  حسب رأينا فى الاتى :-
1- عقد مؤتمر دولى تحت رعاية الامم المتحدة تشارك فيه دول المنطقة لبحث مشكلة التواجد المسيحيى وحقوق اصحاب الارض الاصليين  لوضع أليات دولية للحفاظ على التواجد المسيحى على دول المنطقة .
2- تغيير  القوانين والدساتير لشمل وتؤكد على المواطنة والمساواة وممارسة حرية العقيدة والوظائف العليا على النحو المحقق للعددالة وعدم التمييز  على ان تثمل هذه القوانين أليات المراقبة والتفعيل . 
3- ان يقوم مجلس الامن الدولى بتكليف المجلس الدولى لحقوق الانسان فى جنيف بارسال لجنة لتقصى الحقائق فى مناطق التهجير القسرى واجبار مسيحيو العراق على اعناق الاسلام وهدم اديرتهم وكنائسهم واعداد ملف كامل عن كل ذلك وتقديم المتورطين سواء حركات او قادة الى المحاكمة الجنائية الدولية . 
4- الغاء اى تحفظات من اى دولة عضو فى الامم المتحدة على اى اتفاقيات دولية تكون خاصة بحرية العقيدة او المعتقد .
5- وضع عقوبات دولية طبقا لميثاق الامم المتحدة ضد اى نظام يتسبب فى التقاعس عن حماية مواطنية وخاصة الاقليات الدينية وعلى الاخص الهجرة القسرية .
 
ملحوظة : يسمح  ومع الشكر لمن يريد ترجمة هذا المقال الى اى لغة  او نشره فى المجلات والصحف الدولية ....
 
القاهرة فى 31/7/2014 
                                               د. نجيب جبرائيل 
                                             رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الانسان 
 Nagico@gmail.com
22030009-01006095627

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع