الأقباط متحدون - إشكالية النون ن بين المسيحية والنصرانية
أخر تحديث ٢٠:١٣ | الجمعة ١ اغسطس ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٢٧٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

إشكالية النون "ن" بين المسيحية والنصرانية

القس نصيف هارون - سيدني
اكتب هذا المقال في الوقت الذي تتحرك فيها جماعات ومواطنون مسيحيون يعيشون في سيدني للقيام بمسيرة تضامن مع مسيحي العراق السبت 2 اغسطس 2014 واعلان رفضهم لاعمال العنف والتهجير القسري ضدهم  من الاسلاميين المتعصبيين "داعش". اكتب هذا معبرا عن رائي. وفي العادة اننا نترك الهدف في النهاية للقارئ الكريم وكيفية تلقيه للمقال. لكنني ساتبع نهجا مختلفا بعض الشيء في هذا الطرح.

ابدأ بلماذ اكتب هذا المقال موضحا الهدف ثم اختم بتعليق ختامي. اندهشت من الهجوم على ممن قاموا بتغيير صورة البروفيل الخاص بهم على صفحات التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" ووضعوا صورة "نون" الحرف الذي قام بكتابته الاسلاميون المتشددون في العراق على ممتلكات وبيوت المسيحيين هناك وهو الحرف الاول من كلمة "نصارى"، كما  اضافوا عبارة "عقارات تابعة للدولة الاسلامية في العراق والشام" "المعروفة اعلامية باسم "داعش".

اولا: ان هؤلاء الذين قاموا بتغيير صورتهم تضامنا مع مسيحي العراق لهم كامل الحق في ان يفعلوا ما يريدون على صفحاتهم الخاصة بهم. ولم يرغموا احداً ان يتشبه بهم ولم يرغمهم احدٌ ان يفعلوا هذا، بل هو شعورهم بالتضامن مع اخواتهم، ان لم يعجب البعض ممن يعتقدون انهم اوصياء على الاخرين وافكارهم وراحوا يكيلون لهم الاتهامات التي وصلت الي ان كل من يغيير صورته الي "نون" ليس مسيحي على الاطلاق! والدافع عند هؤلاء هو معني الكلمة والدلالة لكلمة "نصارى" سوف اتناول هذا لاحقا في تعليقي الختامي.

ثانيا: لماذا يدين احدنا الاخر حتى لو كان مختلفا عنا في الفكر او الرأي؟ فهل بسبب الموروث الحضاري والثقافي لدينا؟ اننا نعتقد انه لدينا معرفة اكثر من غيرنا؛ حتي لو كان هذا فليس الهجوم النقد هو الاسلوب الافضل. لذلك اهدف من هذا الطرح ان نتوقف قليلا عن الادانة وكيل الاتهامات ولو هذا بدافع نقي او ديني. معظم البدع والجماعات التكفيرية السائدة وعلى رأسها "داعش" بدأت من نفس المنطلق، انهم حماة الدين والفكر والموورث. ولا يسمعون الا لأنفسهم ولا يرون الا افكارهم.

ثالثا:يظن هؤلاء المنتقدين أو المصححين ان الهدف هو المدلول اللفظي لكلمة "نصارى" المأخوذ منها الحرف "نون" لا يعني مسيحي وان حرف "النون" يجب تعديله او تغييره الي مسيحي. وهنا اقول: نعم نحن مسيحيون ويجب ان يعرف العالم هذا ويتعامل معنا من خلال الاسم الذي نطلقه نحن على انفسنا وليس كما يختاروا هم.

فانت تدعو الناس باسمائهم وليس بما تريد انت. فنحن مسيحيون ولسنا نصارى. فكلمة نصارى تشير الي جماعة منشقة عن المسيحية في الفكر وهي نفس الكلمة التي يطلقها القرآن على المسيحيين. فالنصرانية تؤمن بتعاليم غريبة منها عبادة مريم...لهم كنائس واديرة وقسوس ورهبان...عاشوا في جزيرة العرب وعاصروا بداية ظهور الاسلام ومن اشهرهم بحيرا الراهب، ورقة ابن نوفل وهو ابن عم خديجة زوجة الرسول وكان ورقة ابن نوفل قس نصراني. اذا المسيحييون ليسوا هم النصارى من خلال هذا المنطلق الفكري.

لكن يجب ان نميز بين المسيحية كديانة او المسيحية كحياة، فالايمان المسيحي اعمق من اي رمز او شعار فهي ليست إسماً نسمى به او صليبا نضعه على بيتونا وأعتاقنا من ذهب او خشب؛ المسيحية أعمق من اي  عبارات او شعارات تردد..فهي المسيح بمبادئه وتعاليمه يحيا فينا.

رابعا: الحرف "ن" هو اشارة الي كلمة "نصاري" يفهما العالم اليوم على انها تشير الي المسيحيين في الموصل. الحرف الذي وضعه الاسلاميون على عقارات وبيوت المسيحيين. فهل يقصد هؤلاء المنتقدين ان تتحول القضية والمسيرة من المناداة بحق المسيحيين وإيمانهم الي تصحيح المسمي الي "الميم" بدل "نون" مثلا؟! النون هنا صورة تعلن التضامن مع شعب مسيحي العراق ليس اكثر.

الاشياء بمدلولاتها عند اصحابها، فهناك كثير من الامور التي تختلف في المعني من بلد لاخر باختلاف المدلول، علي سيبل المثال: االزبادي عندنا في مصر شيء مختلف عنه في في العراق بالرغم من الاسم واحد. او اللبن مختلف في المدول بالرغم من الاسم واحد. نحن البشر وثقافاتنا الذين نعطي للكلمات مدولها والغة كائن حي متغير من عصر الي عصر. وبالمثل بعض المسلمين المتعصبين وايضا علماءالمسلمين يفضلون ان يطلقوا على المسيحيين كلمة "نصارى" ولكنهم يدلون بهذا الاسم ويقصدون "المسيحيين". وحتى ان كانوا يقصدون شئيأ اخر

فالمدلول اللفظي للكلمي عندي انا وكيف استقبله. اعتقد انه من الافضل الان هو الالتفاف حول جوهر القضية "حق المسيحيين وايمانهم" وليس مظاهرها التسيمية والنون ولا الميم؟
اخيرا: المسيحيون الاوائل أُطلِقَ عليهم "تلاميذ" (اع 6:  و 2 و 6)؛ شيعة الناصريين (اع 24: 5)؛ الطريق (أع 22: 4 و 24:  14 و 22)؛ شيعة (أع 24: 14)؛ مسيحيين (أع 11: 26) وليتنا كنا بحسب الاسم الاول (تلاميذ) لدينا الرغبة في التعلم والجد والبحث، الخضوع والطاعة. لكننا تحولنا استاذة وعلماء وفقدنا صفة التلمذة ومكوناتها.

بالطبع الاسم "شيعة الناصريين" جاء مرة واحدة في عند اتهام بولس انه "مقدام شيعة الناصريين" (اع 24: 5) وجاءت في ترجمة كتاب الحياة " مذهب النصارى" وهي نفس الكلمة التي اطلقت على المسيح (يسوع الناصري) (اع 2: 22) ثم بعد ذلك تم استعمال الاسم تاريخيا بشكل اخر خارج نطاق الكتاب للدلالة علي بعض اليهود المسيحيي الذين يعتقدون اراء غير اورثوذكسية اي مستقيمة وصحيحة.  فالقضية ليست في الاسم لكن في دلالة الاسم. ياليتنا نتروى قبل تجريح ونقد واتهام الناس.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter