بقلم: عـادل عطيـة
عندما نستقبل ضيفاً بصحبة أولاده الصغار، ويبدأ هؤلاء الصغار في ممارسة هواية التنقيب، والعبث بالاشياء، والتخريب، نفاجيء أنفسنا بالنطق بكلمات وعبارات ساخرة!
فإذا كسرت شقاوة طفل مزهريّة، مهما كانت قيمتها وثمنها، فنحن ـ على الرغم من مرارتنا الدفينة الضاغطة على قلبنا الموجوع ـ، نقول: "أخذت الشر وراحت".. مع أننا لا ندري كيف تكون هذه المزهريّة قادرة على أخذ الشر، والذهاب برفقته في نزهة أبدية إلى عالم القمامة!
ومع أن عبارة: "جات سليمة"، تقال عن الأشياء التي كدنا أن نفقدها، لولا لطف الله ورحمته بنا، إلا اننا نقول بها من باب: "أظهر غير ما تبطن"، ونحن نراها فاقدة لجمالها، ونطقها، ووجودها!
وإذا انسكبت القهوة على مفروشاتنا، وسببت لها الوسخ وربما التلف، ومع حفظنا للمثل السائر: "دلقوا القهوة من عماهم..."، نقول بمفايشة مطحونة من الغيظ المتخفي بإبتسامة صح: "دلق القهوة خير"!
ولو كان دلق القهوة خيرـ كما يدّعون ـ؛ لدلقوا آلاف الفناجين على الأرض، كل يوم، وبيدهم لا بيد عمرو!
وأحياناً، نقول: "الحمد لله انها جات على قد كدة"! ـ وكأننا لن نحمده لو زاد الأمر عن كدة ـ!
وكثيراً ما نسيء الظن في الارادة الربانية؛ فمع كل مصيبة، نقول: "انها ارادة الله"!
يقولها السائق الأرعن بعد أن قذف بضحيته أرضاً!
ويقولها الطالب الذي لم يسهر الليالي، عندما تظهر نتيجة امتحاناته، حاملة له رسوبه المبين!
ويقولها الخطيبان، عند فسخ خطبتهما.. وكأن الله ـ الذي قالا عنه أنه وفقهما ـ، هو ذاته الذي فرّقهما "شوف ازاي"!
وماذا عن الذين يرزئون بموت أحد أقاربهم، فينشرون في نهاية نعيه: "لا يريكم الله مكروهاً في عزيز لديكم"!
عبارة تظهر وكأننا نرمي إلى الاساءة إلى الذين نخاطبهم، وكأننا نطلب لهم الموت العاجل؛ حتى لا يعيشوا ليروا أحد اعزائهم مصاباً بكارثة، أو مكروه!
،...،...،...
الطريف، اننا لا نتأمل في مثل هذه الأقوال، التي نتفوّه بها كأبيات من الشعر، ونادراً ما نكتشف ان ورائها عقل ساخر!...