أكد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، في أول ظهور له بعد ثورة 25 يناير، وتعقيبه أمام هيئة محكمة "قضية القرن"، أنه مع اقتراب المحكمة الموقرة من حسم القضية أشكرها لمنحى الفرصة لأتحدث وأضيف الى ما بدأه محاميي فريد الديب.
وقال مبارك "إن عجلة التاريخ لا ترجع أبدا الى الوراء وإن أحدا لا يستطيع أن يزيف التاريخ ويطمس مقادير الرجال مهما كانت محاولات الطمس والتزييف ، وفى نهاية المطاف لا يصح عند الله والتاريخ إلا الصحيح".
وأشار الى انه تعرض هو وأسرته الى حملات من التشويه والافتراء والتشهير ولحملات أخرى من طمس للتاريخ ونسب كل نقيصة اليه وإلى عائلته ،لافتا الى أن ذلك جاء بعد ان قضي أكثر من 60 عاما فى خدمة الوطن .
وقال الرئيس الأسبق، لم أكن يوما ساعيا وراء منصب أو سلطة، وتعلمون الظروف العصيبة التي تحملت فيها مسئولية الرئاسة خلفا للرئيس السادات الذي اغتالته يد الإرهاب.
وأضاف "واجهت منذ اليوم الأول التحديات تصديت لمناورة إسرائيل في استكمال انسحابها من سيناء حتى تم الإنسحاب، ونجحت في استرداد طابا، وأدرت العلاقات مع إسرائيل كمن يمشي على سلك مشدود دون تهاون في السيادة الوطنية أو حقوق الشعب الفلسطيني.
وتابع "رفضت زيارة إسرائيل وظل موقفي متمسكا بعملية السلام راعيا للمصالح الفلسطينية، ولم أتردد لحظة في تقديم الدعم المصري للمحاصرين في غزة، وحافظت على السلام ولم انجرف لما يهدده البعض، ولم أغامر بأرواح المصريين أبدا وحرصت على تطوير القوات المسلحة تسليحا وتدريبا، لتبقي درعا للوطن يحمي أرضه وشعبه وسيادته.
وقال "انتصرت مصر في حربها مع الإرهاب في الثمانينات والتسعينات، كما سننتصر بعون الله بحكمة قيادتها وتضافر شعبها، في مواجهته، مضيفا كان علينا مواجهة تحديا آخر هو إعادة بناء بنية متهالكة واقتصاد منهك.
وأضاف "مضينا في إصلاحات اقتصادية ونجحنا في إسقاط 27 مليارا وهي نصف ديون مصر الخارجية، واستهدفت سياساتنا الاقتصادية فتح بيوت ملايين المصريين، وحقق اقتصادنا أعلى معدل في تاريخنا دون أن تتخلى الدولة عن دورها في تحقيق الرعاية الاجتماعية والعدل، وتحققت لمصر وشعبها انجازات عديدة رغم الزيادة السكانية وما تمثله من ضغط على الموارد.
وتابع لقد أقمت سياسة مصر الخارجية على الندية والتكافؤ، وسعيت لتحقيق مصالح مصر والحفاظ على امن مصر القومي، ولم أكن يوما متهاونا في الحفاظ على السيادة الوطنية، استعدت علاقات مصر المقطوعة مع الدول العربية، واستعدت مقر الجامعة العربية من تونس إلى القاهرة.
كما قال "مضينا في تطوير البنية الدستورية والتشريعية وإتاحة مساحات غير مسبوقة في حرية الإعلام والصحافة والرأي والتعبير، ونجحنا في توسيع التجربة الديمقراطية محذرين من خلط الدين بالسياسة.
وقال إننى أصدرت التعليمات بنزول القوات المسلحة عصر يوم 28 يناير لحفظ الأمن وتأمين البلاد بعد ان عجزت الشرطة عن القيام بدورها نظرا للاعتداءات المتكررة التى تعرضت .
وأشار مبارك الى أنه طرح نقاط واضحة تضمن انتقالا سلميا للسلطة فى إطار الدستور والقانون ،لافتا الى أنه اعلنها للجماهير فى بيانه الذى ألقاه فى الأول من فبراير، فسعى من أردوا الانقضاض على الدولة وزعزعوا الاستقرارا وأثاروا الوقيعة بين الشعب وقيادته بل وأيضا مع قواته المسلحة.
وأوضح مبارك أنه بعدما أصبح متأكدا من الأهداف الحقيقية وراء تلك التظاهرات وهو اسقاط الدولة وليس النظام قرر أن يتنحى عن منصبه كرئيس للجمهورية حقنا للدماء وحفاظا على الدولة والوطن ، مشيرا الى أنه اختار قراره بحس وطنى خالص ان اختار القوات المسلحة بتولى المسئولية خلفا له ثقة فى قدراتها والعبور بمصر الى بر الأمان وقد كان.
وقال مبارك إن ضميرنا الوطنى يجبرنا أن نعيد النظر فى الأحداث التى جرت منذ يناير 2011 والتطورات التى كشفت أطرافا عديدة داخل مصر وخارجها كانت تتربص بمصر وتسعى الى زعزعة أمنها والقضاء على الدولة ككل.
وتابع حديثه أنه لم يتكلم من أجل ان يستعرض عطاءه لبلاده ، قائلا:"عطاء مصر سيظل هو الأكبر لأنها هى أرض المحيا والممات وارض الوطن" ،مشيرا الى انه لا يدعى لنفسه الكمال وأنه كغيره من البشر يصيب ويخطئ وأنه تحمل المسئولية بإخلاص وأمانه قائلا:"إن التاريخ سيحكم بيننا بما لنا وما علينا".
وأكد مبارك ان التوفيق لم يحالفه فى بعض قراراته التى اتخذها أثناء حكمه وأن بعضها لم يرتق لتطلعات الكثيرين ولكنه يشهد الله ان كل ما فعله كان من أجل مصالح هذا الوطن ورفعته ،وبرغم ما تعرض له من تشويه وطعن إلا أنه لا يزال شديد الاعتزاز ببلده وبنى وطنه.
وشدد على أنه لم يكن ليأمر أبدا بقتل المتظاهرين وإراقة دماء المصريين وهو من قضى عمره فى الدفاع عن أرضها وأبنائها ، لافتا الى انه قضى حياته مقاتلا لأعداء الوطن وهكذا هى عقيدته منذ تخرجه من سلاح الطيران ،كما لم يكن له أيضا أن يأمر بإشاعة الفوضى التى حذر منها مرار وتكرارا أو أن يحدث فراغا أمنيا لنشر الذعر.
وأضاف إنني سأظل محافظا على الشرف العسكري حتى الرمق الأخير، وإني ابن من أبناء مصر، وسأظل حريصا على وطني، متفائلا بمستقبلي وواثق أن مصر لن تنسى من عمل لأجلها، ووجه التحية لرجال القوات المسلحة والشرطة.
وتابع "أثق في عدالة هذه المحكمة، فأيا كان حكمكم سأقبله بنفس راضية مؤمنا بعدالة الله الحكم العدل، وثقتي بلا حدود أن مصر ستنهض لتستعيد أمنها واستقرارها وعافيتها وتواصل بناء نهضتها من جديد بقيادة وطنية وعزة ورفعة وكرامة.
وقال: "حديثي لكم لعله آخر ما أتحدث به لكم قبل أن ينتهي العمر وأوارى في التراب، إنني وقد اقترب العمر من نهايته أحمد الله ومرتاح الضمير أني قضيته مدافعا عن مصر حربا وسلاما، وإنني بخبرة السنين أقول لكل مصري ومصرية حافظوا على وحدة الوطن والتفوا حول قيادتكم وانتبهوا لما يحيطكم من أخطار.
واختتم "مبارك" تعقيبه قائلا: "حمى الله مصر ورعاها وأعلى رايتها".