بقلم: فاروق عطية
قرأت مقال للصديق العزيز خفيف الظل مدحت موريس الذي أعشق قراءة مقالاته واستمتع بأسلوبه المرح بعنوان"تأملات مصرية في.. الفول والطعمية".
استمتعت بالمقال وفتح شهيتي لتناول الفول الذي أعشقه قي جميع صوره بداية من الفول الحراتي, وكلمة حراتي موروثة من القدماء المصريين وتعني أخضر لم ينضج بعد, كما أحبه مدمس التي معناها الفول المستوى فى الفرن بواسطة دفنه او طمره فى التراب الساخن وهي كلمة مصريه قديمة أيضا محرفة من "متيمس" (وليست نسية للخواجة ديموس الذي لا وجود له إلا في خيال أحد الطهاه الذي حاول ايهامنا بثقافته فابتدع هذا الإسم). كما أحبه بيصارة واسمها القديم (بيصورو) ومعناها الفول المطبوخ, وأيضا في صورته المستنبتة مسلوقا مع إضافة الخل والثوم ويطلق عليه العامة "الفول أبو زلّومة", وفي صورته مطحونا يعد النقع في الماء والخلط بالأعشاب المصرية والبهارات والقلي في الزيت في صورته كطعمية كما يسميها عامة المصريين, أو كما يسميها السكندريون بالفلافل, والفلفلة عند العامة تعني القلي مثل الأرز المفلفل أي المقلي قبل إضافة الماء, ولا علاقة لكلمة فلافل بالصحاري مطلقا, فالفلاة تعني الصحراء وجمعها فلاوات وليست فلافل.
ولولعي بالفول في جميع صوره رأيت أن ألقي بقعة من الضوء علي الفول معشوق المصريين وغذاؤهم المفضل بجميع طبقاتهم:
الفول نوع نباتي يتبع جنس البيقية من الفصيلة البقولية. اسمه العلمي باللاتينية (فيشيا فابا), وهو نبات حولي يصل ارتفاعه إلى 80 سم. الساق ذات زوايا مضلعة شبه مربعة. الأزهار بيضاء مبقعة بالأسود. الثمرة قرن يحمل بداخله عدة بذور. عرف منذ أيام الفراعنة ويعتبر مصدراً بديلاً للبروتين. يستعمل كثيرًا في المطبخ العربي، ويعتبر الأكلة الشعبية الأولى في مصر، حيث يؤكل يومياً وخاصة كوجبة إفطار وأيضًا على وجبة السحور في شهر رمضان, يقدّم عادةً مع تتبيلة من الثوم، عصير الليمون الحامض، زيت الزيتون، الفلفل الأسود، الكمون والملح.
وللفول قيمة غذائية كبيرة لاحتوائه علي العديد من العناصر الغذائية المفيدة للصحة. فهو مصدر لكثير من المعادن بما في ذلك النحاس والحديد والفسفور والبوتاسيوم والمغنيسيوم والمنجنيز كما يحتوي على حامض الفوليك, كما أنه لا يحتوي علي أي دهون مشيعة, كما يحتوي علي العديد من الفيتمينات مثل فيتامين B وفيتامين K وفيتامين A. كما يحتوي الفول على نسبة عالية من البروتينات والألياف الغذائية, أيضا يحتوي الفول على هرمون النمو، والمعروف أيضا باسم هرمون النمو البشري. والذي يساعد في حدوث نشاط وانعاش للعضلات بعد القيام بالتمرينات او أي عمل يسبب الإجهاد.
وهو نوع من أنواع البقوليات وبالتالي له من الفوائد الغذائية ما لجميع البقوليات حيث أنه يحتوي على نسبة مرتفعة جداً من البروتين ويعتبر بديلاً اقتصادياً عن اللحوم. الجدول التالي يوضح النسب المئوية للماء والمواد المغذية في الفول الطازج والجاف..
وأهم الفوائدالصجية للفول:
1 - يساعد على انقاص الوزن .
2 – يقاوم التوتر والإجهاد الذي يمكن أن يصيب الإنسان من التمرينات او العمل الشاق نظرا لأنه غني بالسعرات الحرارية .
3 – مفيد جدا للقلب والأوعية الدموية حيث أنه يحافظ على مستوى الكولسترول الجيد في الدم .
4 – يقاوم أمراض السرطان وخاصة التي تصيب الفم نظرا لإحتوائه على مركبات كيماوية مضتدة للتسرطن.
5 – يحافظ على مستوى السكر في الدم .
6 – يعمل على خفض ضغط الدم لدى السيدات وخاصة في مرحلة سن اليأس .
7 – يساعد الفول على عدم وصول المواد الضارة للمخ والتي تؤثر على إفراز مادة السيراتونين التي تسبب السعادة .
8 – يعمل على تكوين خلايا الدم الحمراء والحفاظ على عظام قوية .
9 – يدعم الفول الجهاز المناعي ومقاومة الجسم ضد الأمراض المختلفة .
10 – قشور الفول تساعد في علاج الإمساك الذي يصيب الجسم (ألياف صلبة وذائبة).
11 – يزيل اصباغ الجسم الزائدة ، وخصوصاً الكلف و النمش .
12 – تستخدم أزهار الفول في زيادة إدرار البول .
ورغم الفوائد الجمة للفول, فإن له بعض المسالب التي يجب التنبيه لخطورتها فالإفراط في تناوله كما هو شائع يسبب البلادة، حيث أنه يحتاج إلى جهد كبير حتي يهضم في المعدة. وحيث إنه من البقوليات ويحتوى على نسبة عالية من البروتين فإن الإفراط فيه قد يسبب النقرس "داء الملوك" لذلك ينصح بالإعتدال في تناول الفول للحصول على فوائده بشكل صحيح. كما ننصح بنقع الفول في الماء لمدة خمس ساعات علي الأقل وتصفيته من ماء النقع قيل التدميس للتخلص من المركبات الضارة الموجودة بالقشرة.
والفول المدس غذاء مصري أصيل منذعهد الفراعين, وقد اعتبرالفول طعاماً شعبياً منذ بداية العصر الفرعونى، فكان يؤكل بعد طهيه بواسطة طمره فى تراب الفرن الساخن لذا عرف باسم (متيمس) وحورت الكلمة إلى (مدمس) بعد ذلك, ولم يحدثنا التاريخ عن حال الموظف الفرعونى القديم حينما يذهب إلى عمله بعد تناول وجبة الفول الرهيبة وهل كان يصاب بالتبلد كحال موظف اليوم بعد تناول نفس الوجبة. ويشاهد فى مقبرة الوزير (رخ حى رع) وزير جنوب الوادى فى عهد الملك تحتمس الثالث (1504 – 1450 ق.م) رسومات لعاملين يهرسان بذور الفول فى هاون مصنوع من جذع شجرة ثم يصنعان من هذا المهروس عجينة تقطع على صورة أقراص صغيرة توضع على لوح خشبى ثم تسوى على النار فيما يشبه أقراص (الطعمية)، كذلك كان المصريون القدماء يطهون الفول ويسمونه (بيصورو) وهى نفسها (البيصارة) التى تؤكل الآن.
ولأن الفول يتسبب في الانتفاخ وكثرة الغازات فقد كان محرمأ أكله علي كهنة المعابد, ورغم ذلك فقد وجدت بردية تحكي قصة محاكمة كاهن جديد ضبط متلبسا بتناول الفول. وحين محاكمته اعترف أنه قد تناول الفول, ولكنه لم يكن بمفرده وأقر أنه أكل الفول مع الكاهن المدرب له. وعند محاكمة الكاهن المدرب أقر أنه أكل الفول مع الكاهن الأول للمعبد. وعند محاكمة الكاهن الأول اعترف أنه أكل الفول مع رئيس كهنة المعبد. واستمرت المحاكمات حتي اتضح في النهاية أن الكاهن الأعظم للإله آمون كان أيضا يأكل الفول ..!!
وفي النهاية تحضرني نكتة حدثت بالفعل بين زميل كان يعمل مدرسا بالمملكة السعودية وأحد المدرسين السعوديين, حيث سأل السعودي زميلنا عما يفطر به المصريون صباحا فقال له فول بالزيت الحار. وعندما سأله عن ما يفضلونه للغذاء: أجابه الفول بالطماطم, وساله عن العشاء فأجابه: الفول بالطحينة. قال السعودي: إذن ما الفرق بينكم وبين البهائم؟ أجابه: الفرق بيننا وبين البهائم هو البحر الأحمر.. !