بقلم: عـادل عطيـة
ما ان سمعت جارتنا بنبأ سقوط ابنها في الامتحان؛ حتى "رقعت" بالصوت "الحيّاني"!
مسكينة "أم فالح"؛ لأنها لم تستوعب ان الإنسان منذ مولده سقوطه من رأسه!
وأن اسم ابنها ـ على وجه الخصوص ـ، مجرد لقب بشري، لا تعويذة!
ولكن من يستطيع أن يعزّي أم ثكلى في مصير أبنها المستهتر، بعد سقوطه الدراسي المدويّ للعام الثاني على التوالي!
فلا أمل في أن يختشي على دمه ـ لأن الذين أختشوا ماتوا ، كما يقول المثل ـ؛ فيشعر بالخزي والعار!
ولا أمل على الاطلاق في أن تستثير هاتين السقطتين، ولا غيرهما، رأسه الخمول، فيكتشف سبب رسوبه المبين، ولو من باب الغيرة من السيد نيوتن، الذي اكتشف في سقوط التفاحة نظرية الجاذبية الأرضية!
لأنه ـ على ما يبدو ـ، مصاب بداء: "السقوط القططي"، فالقطط لا تتأذى من السقوط، ومستمرة في الحفاظ على لقب: "ذات السبعة أرواح"!
أقول، من يستطيع أن يعزي هذه الأم، وهي التي تعيش في مجتمع، يفتقد إلى الكثير من التمييز:
لا يميّز بين سقوط الوليد، وسقوط الرحم!
لا يميّز بين سقوط السهو، وسقوط القيد!
لا يميّز بين سقوط دموع الفرح، وسقوط دموع الحزن!
لا يميّز بين سقوط المطر، وسقوط أوراق الأشجار الجافة!
لا يميّز بين سقوط المباني، وسقوط الذمم!
لا يميّز بين سقوط الخصومة، وسقوط الدعوى!
لا يميّز بين سقوط الوطن، وسقوط الاستعمار!
في ذلك اليوم، وعلى صوت صراخ هذه الأم المكلومة في سقوط أبنها، مرّ عام ـ ويا للمصادفة ـ، على واقعة: سقوط إنسان، من عيني، ومن قلبي، ومن ذاكرتي!
كان رقيقاً بريئاً، فلما كبرت صداقته مع صداقتي، ظهرت طبيعته، وغريزته، فابتدأ يكشر عن خسته ونذالته، تماماً كالرجل الذي وجد ذئباً رضيعاً بلا ثدي؛ فعطف عليه، ورعاه، فلما كبر الذئب، أطاح بذئبيته، وغدره، في مراعي الرجل الذي آواه، وأطعمه!
كان السقوط، سقوطاً بلا صوت؛ لأنه سقوط أخرس لساني!...