مينا ملاك عازر
كثيراً ما يكون البعد عن السياسة متعة، ولذا أنا أنأى بحضرتك وبعقلي ونفسي عن السياسة في نهاية كل شهر من باب الراحة ومن باب التغيير، هذا صحيح، لا يمنعني من أن أبعد عنها في وسط الشهر لكن البعد الرسمي لي عادةً يكون في نهاية الشهر كما تعودنا.
وأكتب لك اليوم صديقي القارئ، عن شهر أغسطس، حيث تحررت رابعة آخر البقاع المحتلة إخوانياً بعد أن طهرنا القصر الجمهوري نفسه من الوجود الإخواني الغاشم، واحترقت كنائس تحمل بخوراً للسماء صاعداً بصلوات وطلبات المصريين بحفظ مصر، فاشتم الله وتقبل طلبات المصريين، صحيح نال مصر ما نال من كوارث دموية على أيدي الإرهابيين نتيجة تقصير وتراخي وأخطاء ساذجة لكن كلي ثقة أنه لولا صلوات المصريين وتضرعاتهم لما أُنقذوا
وسينقذ الله مصر.
شهر أغسطس هو الذي شهد مقولة البابا الرافضة لأن ينزل المسلمون لحماية الكنائس، وأكد على أنه يمكن تعويض الكنائس لكن لا يمكن تعويض أرواح المسلمون المحبون لمصر والأقباط، البابا تواضروس فضل أن يتبع تعاليم الكنيسة بأن الله يريد رحمة لا ذبيحة، واراد الرحمة بالمصريين وبالإخوة المسلمين، وأبى أن تحدث مواجهات بسبب حماية الكنائس.
ما أروع أن يكون للكنيسة قيادة ودور في حماية البلد من فتن طائفية لكن ما أسوء ما قاله لي المحترم الباشمهندس ماجد الراهب حين أكد لي أننا قصرنا حينما لم نحافظ على تراثنا القبطي ولم نسجل القطع الأثرية والكنائس الأثرية، فلم يعد بإمكاننا ترميمها ولا حمايتها ولا استعادة المسروق منها.
الباشمهندس ماجد الراهب واحد من العظماء المهتمين بالتراث المصري بكافة صوره الإسلامي والمسيحي، ومحب وعاشق لآثار مصر وغارس لذلك في قلوب الأطفال من خلال نشاطاته كان محقاً عندما ركز على قصور الكنيسة في عدم تسجيلها للقطع الأثرية قال هذا من حبه وغيرته على آثار مصر قبل آثار الكنيسة أتمنى أن يكون ما فعلته الكنيسة تقصيراً وقصوراً متداركاً ويمكن تعويضه فيما يلي من أيام لألا تتكرر الكارثة ونجد آثارنا القبطية نهباً بين أيادي السفهاء والمجرمين.
أخيراً صديقي القارئ، أكتب لك في نهاية الشهر آملاً أن ألتقيك في شهر تسعة بموضوعات جيدة ومتجددة، نتواصل فيها بعيدا عن السياسة والاقتصاد عن صناديق التبرعات ومشاريع التنمية، وارتفاع التذاكر وتكذيبها، وأحلام البسطاء وتحقيقها وأفكار العلماء وتنفيذها ومشاريع البناء وتشييدها وكله في سبيل مصر، أتمنى أن يكون القادم أحسن وبلا دماء، أتمنى أن تكون ارتحت من مآسي، وأخذت راحة على مقاسك وأشوفك الشهر القادم في ملفات ساخنة جداً نفتحها معاً.
المختصر المفيد كل شهر وأنتم طيبين.