الأقباط متحدون - التعذيب المُمنهج
أخر تحديث ١٩:٤٦ | الاثنين ١ سبتمبر ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ٢٦ | العدد ٣٣٠٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التعذيب المُمنهج

بقلم: ليديا يؤانس
وصلتني رسالة من فتاة بسيطة وفقيرة قالت فيها،  كنت أخدم عند عائلة ثرية جداً وفي يوم ما صرخت في وجهي صاحبة المنزل تتهمني بسرقة خاتمها الألماظ،أنا لم أسرق ولم أري خاتمها،  حاولت الدفاع عن نفسي ولكنها أصرت علي طلب الشرطة، أخذوني علي القسم وأنا أرتجف من شدة الخوف والرعب.
في القسم قبل أن يسألوني حتي عن إسمي بدأوا يشتموني بألفاظ بذيئة جداً،ولما قلت للضابط، 

  يابيه أنا مظلومه ضربني بالقلم علي وجهي لدرجة أنني وقعت علي الأرض،   وأخذ يضربني بقدمه وقال للعساكر إللي معاه خذوها إرموها في الحجز لما نشوف حكايتها إيه بنت ال (....)!

وقبل أن أسترد أنفاسي بعد أن رموني في حجرة فيها ستات كثير،  جاء من تحرش بي لأخسر كل شي في لحظة!
في اليوم التالي جاءت الست هانم لتقول أنها وجدت خاتمها،   وأنني بريئة ولكي تأخذني إلي المنزل ولكنني رفضت العودة معها.
مستقبلي ضاع في لحظة،  ووقفت حياتي عند هذه الحادثة وخصوصاً أننا من الصعيد،  من سيتزوجني ومن سيعطيني العُذر!

حظه النحس من تسوقه الأقدار لدخول قسم الشرطة أو السجن سواء أكان متهماً أو بريئاً!

سمعنا ومازلنا حتي الآن نسمع عن حفلات التعذيب وإمتهان آدمية الإنسان والتي قد تؤدي إلي وفاة المجني عليه أو إصابته بعاهة جسدية ونفسية وإن كانت الآثار النفسية تعتبر أكثر أهمية من الجانب الجسدي لأنها تبقي مع الشخص لفترة طويلة.

وذلك "بالرغم من توقيع مصر علي الإتفاقية الدولية لمُناهضة التعذيب في سنة 1986  إلا أن التعذيب في مصر يتسم بالطابع المنهجي لدرجة وصفه بأنه سياسة رسمية من قبل الجمعيات الحقوقية.   فطبقاً لتقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تم رصد حالات تعذيب تؤدي إلي الوفاة بأقسام الشرطة المصرية بمعدل  1.5 حالة في الشهر عام 2011" (المصدر: ويكيبديا)  

التعذيب كمُصطلح عام يُستخدم لوصف أي عمل يتسبب في آلآماً جسدية أو نفسية بإنسان ما،  وبصورة مُتعمدة ومنظمة كوسيلة لتخويف وإرهاب المجني عليه للحصول علي إعتراف أو معلومات. 
وقد يُستخدم التعذيب كشكل من أشكال العقوبة أو وسيلة للسيطرة علي شخص أو مجموعة تشكل خطراً علي السلطة.
وفي بعض الأحيان يستخدم التعذيب لفرض مجموعة من القيم أو المعتقدات التي تعتبرها الجهة المُعذبة قيماً أخلاقية. 

بعض الأحداث حدثت علي مرأي ومسمع مني في فترات سابقة بمصر ولست أعلم ما زالت تحدث إلي الآن أم لا!
كان معروفاً لدي العامة،  أن بعض الضباط المنوطين بضبط المذنبين والمجرمين يقومون بالقبض علي أشخاص وتلفيق التُهم لهم وذلك لمجرد أن يحصلوا علي عدد من القضايا تؤهلهم للترقي أو الحصول علي مكافآت مالية من الأجهزة الأمنية.
وفي هذا المضمار سمعت عن شاب لا أدري ما تهمته وما إن كان بريئاً أم مذنباً،   قاموا بتعليقه من رجليه في القسم وإنهالوا عليه ضرباً إلي أن مات المسكين!
حتي ولو كان الشخص مجرماً ويستحق أشد العقوبة أو الإعدام المفروض ألا يتم تعذيبه،  بل يجب أن يأخذ القانون مجراه وبعد ذلك يتم الحكم عليه قانونياً.

شاب آخر مثل العديد من الشباب الذين يدخنون وكان يعمل في وظيفة محترمة،  هاجموا شقته بحجة أنه يتاجر بالمخدرات وتحرزوا علي بضعة جنيهات لا تتجاوز الخمسين، ووجدوا بالمنزل قطن طبي وزجاجة مطهر (سبرتو) ومقص،  وأخذوا هذه الأشياء علي أنها حرز للقضية،  وتم سجن هذا المسكين بضعة شهور إلي أن تأتي نتيجة المعمل الجنائي،  وأخيراً أطلقوا سراحه بسبب عدم وجود أدله تُدينه،  ولكن نتيجة لهذا الإفتراء الذي وقع علي هذا الشاب فقد وظيفته ولم يستطع العودة إلي عمله مرة أخري،  لقد حطموا مستقبل إنسان بسبب إنعدام الضمير والرغبة في الكسب المادي أو المعنوي حتي ولو كان علي جثث الأبرياء.

لو ظللنا نكتب ونقول عن الجرائم التي ترتكب في هذه الأقسام والسجون لا تسعنا المجلدات لذكرها والنتيجة ظلم ودمار وهلاك نفوس قد تكون بريئة وقد تكون مذنبة ساقتها أقدارها النحسه للأجهزة التي من المفترض أن تكون أمن وأمان للمواطن أصبحت هي مصدر التعذيب والرعب والفزع للمواطن المسكين. 

لا نستطيع أن نقول كل العاملين بهذه الأجهزه ولكن الأغلبية ينهجون نفس المنهج وكأنه سمه من سماتها،  وهو تعذيب الناس وإمتهان كرامتهم والتحقير منهم،  وسبهم بأفظع الألفاظ،  لا يهم ما إذا كان الشخص من علية القوم أو أدناه،   لا يهم إذا كان بريئاً أم مجرماً، المهم أنهم يتلذذون بتعذيب الناس بأي تهمة وأي قضية.  وياحبذا لو وقع تحت أيديهم شخص له فكر معين أو معتقد معين أو منهج سياسي معين هنا يتفننون في وسائل التعذيب المختلفة التي قرأنا عنها علي مدي التاريخ.

أقول للساده المنوطين بالخدمة في الأجهزة الأمنية بكل الدرجات الوظيفية بدءاً من أمين الشرطه ووصولاً للدرجات الوزارية العالية، هل فكرتم قبل إرتكاب هذه التجاوزات والإنتهاكات اللانسانية،  ماذا لو كنتم أنتم بدلاً من هؤلاء الذين تتفننون في تعذيبهم!
هل ضمائركم ماتت ومشاعركم تبلدت لدرجة تلذذكم بتعذيب الناس حتي ولو كانوا أبرياء؟
ولكن يبدو فعلاً أن التعذيب في الأقسام والسجون أصبح سمة الأجهزة الأمنية في مصر، وذلك يستلزم تدخل رئاسي لوقف هذه المآسي التي تحدث في الأقسام والسجون وكأنها حفلات للترفيه عن طاقم الخدمة بهذه الأماكن،  ومصدر تسلية لهم وإشباع لعقد الساديه المسيطرة علي هؤلاء الذين مفترض فيهم حماية المواطنين، وأن الناس تلجأ إليهم من أجل الأمن والأمان!

سيادة الرئيس السيسي،  طبقاً للمادة (126) من الباب السادس من الكتاب الثاني من قانون العقوبات المصري تقول "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب مُتهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله علي الإعتراف يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث إلي عشر سنوات وإذا مات المجني عليه  يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً.

سيادة الرئيس السيسي هذه المادة مذكورة فعلاً في قانون العقوبات المصري وتجرم العنف أو التعذيب، وبالتالي سوف لا تحتاجون إلي سن قانون جديد بهذا الصدد،  بل فقط تفعيل هذا القانون وتطبيقه.

سيادة الرئيس السيسي،  نطلب منكم التدخل السريع لوقف انتهاكات حقوق الإنسان المصري داخل الأجهزة الأمنيه في مصر الجديدة،   وذلك في ظل دولة القانون كما قلتم سيادتكم وشكراً.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter