الأقباط متحدون - نجمة النجوم
أخر تحديث ١١:٢٠ | الثلاثاء ٢ سبتمبر ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ٢٧ | العدد ٣٣٠٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نجمة النجوم

نجمة النجوم
نجمة النجوم

 الكل يعرف قيمتها ويجرى خلفها بالمشوار، ملايين تلقى تحت أقدامها، المنتج يتمنى أن يحقق أعلى الإيرادات فيختار المخرج والممثلين والكاتب وكل شىء، ولكن لن يتم شىء بدونها، يلتفتون جميعاً للكاتب فى ضيق من هذا الشخص الذى يجلس منجعصاً يحكم نظارته حول عينيه ويتحدث بلغة لا يرتاحون لها، لكنهم مضطرون للتبسم فى وجهه وتحمله، فهو على علاقة أقرب بها كما يدعى، يتلذذ بتلك اللحظة وتملأه مشاعر البغددة يعرف أنهم يتحملونه الآن بالكاد يطلب الوقت الكافى للوصول إليها، يحدجه المنتج بنظرة يعرفها جيداً فيتراجع قليلاً ويرد بصوت خافت: أقصد القليل من الوقت، يمنحونه بعض الوقت للوصول إليها، يطلب بعض المزايا والإقامة فى مكان رومانسى يستحسن أن يكون فندقاً من الفنادق الراقية حتى لا يضيع الوقت فى خدمة نفسه وينشغل عن مهمته الأساسية، يتجاهل هذه المرة نظرة المنتج الغاضبة ويغمض عينيه فيوافق الرجل بعد أن يغمز له المخرج، يخرج المؤلف وهو فى قمة القلق لقد تعهد بأنه سيحضرها لهم خلال أسبوعين وها هو يواجه مصيره، حققوا له طلباته وتركوه ليحضر لهم الصيد الثمين نجمة النجوم، هو يعلم طبيعتهم جميعاً، فبعد أن يصل إليها ويلتقى بها ويصحبها للمنتج والمخرج وباقى فريق العمل ستتغير المعاملة تماماً سيتعاملون معه بضيق وحساسية، حتى حينما يأخذه الحنين ليشاهدها فى التصوير، بعد أن امتلكوها وبمجرد دخوله اللوكيشن، سيرحبون به على استحياء ويتلقون ملحوظاته عنها بضيق مستتر وستنهال آلاف القلل خلفه عند مغادرة اللوكيشن ويعود إلى بيته يحلم بأن يلتقيها مرة أخرى حتى يستعيد وضعه السابق والتدليل المؤقت، فيفاجأ برنين هاتفه ويجد المنتج يعنفه: إنت متأكد إنها هذه التى أحضرتها هى التى نبحث عنها؟؟ يرد بثقة: نعم ويسمع غمغمة المنتج قبل انقطاع الخط: هنشوف.. هنشوف.

 
يعرض العمل الفنى ويواجه الجمهور وتؤل ملكيته للمتفرج الذى يقف يتفحص عدة أفيشات متجاورة كتفحص تاجر ثرى فى العهد القديم لعدة جوارى فى سوق الرقيق وتروقه ابتسامة إحداهن فيقطع التذكرة ويدخل العمل الفنى فإذا زاد إقبال الجمهور ونجح العمل الفنى تحدثت الجرائد والمجلات وبرامج التليفزيون عن هذا العمل الناجح ونسب كل مشارك فى العمل نفسه للعمل وأنه أول من رأى تلك النجمة وهى تلمع وقدمها للسادة المتفرجين وإذا أحجم الجمهور وفشل العمل الفنى تبرأ الجميع منها وألقى كل واحد مشارك بها فى حجر الآخر فيصرخ المنتج لقد خدعنا المؤلف وقال إنه يعرفها جيداً وتبرأ المخرج من المنتج والمؤلف وقال أنا كنت أعرف من البداية أنهم يصنعون عملا يقوم على نجمة مزيفة وتبرأ المؤلف منهما وقال: أريد نقوداً ووقتاً لأحضر نجمة حقيقية، وليس أمام بخلهم فى النقود والوقت إلا أن أستعير نجمة بضوء صناعى، وهناك نوع ثالث وهو الأكثر حزناً وبؤساً فى المهنة، ذلك النوع الذى يحصل على نجمة النجوم ويتم العمل الفنى ولا ينجح العمل فى حينه، لا يشع ضوء النجمة الآن لأنها من ذلك النوع النادر الذى يشع مع الوقت وكلما مر الوقت يزداد الإشعاع سطوعاً وجمالاً وبهاء… فيشعر أصحاب العمل بالفشل ولا يدركون أنهم بعد سنوات طويلة تتجاوز أعمارهم ستأتى أجيال تشكر ذلك المؤلف الراحل وتضيف إلى وصفه العبقرى الذى استطاع مع ذلك المخرج الفذ والمنتج المجازف ذلك العمل الفنى الرائع السابق لأوانه.
 
وتظل الرحلة الأبدية المكررة فى البحث عن نجمة النجوم هى التى تشكل كل الأعمال الفنية الناجحة والفاشلة، ويظل المؤلف مكلفاً برحلة البحث والغوص والطيران والتسلق وكافة أشكال البحث للحصول عليها، هو يعلم أنها ليست فى مكان ما وليست فى حوزة أحد بل هى ملقاة على الطريق تارة وساكنة للقصور تارة أخرى على لسان ضعيف العقل وعلى لسان العالم الحكيم وفى عيون امرأة شابة جميلة فاتنة للناظرين وفى تجاعيد ثمانينية عجوز فانية، وما عليه سوى أن يؤدى تلك المهمة المستحيلة فى أقرب وقت أن يراها ويسمعها ويلتقطها ويقدمها ليكتمل العمل الفنى... فالفكرة هى نجمة النجوم.. الفكرة هى التى تصنع الأعمال الفنية بحلوها ومرها بجمهورها الضخم أو بخواء قاعات العرض.. الفكرة هى التى تملأ جيوب المنتج وكاريزما المخرج وأضواء وبريق الممثل.. الفكرة تلك البذرة القوية الصحيحة السليمة التى ستنبت وتصبح شجرة مثقلة بثمارها التى تهفو إلى الأرض وفروعها أيضا مثقلة بطيور تهفو للسماء.
 
فى سبيلها انتحر كتاب واكتأب مخرجون وأفلس منتجون وانزوى نجمات ونجوم، هذا على المستوى الفنى بالتأكيد، أما على مستوى الحياة فالفكرة أقامات حضارات وهدمت حضارات أخرى.
 
سطر من عدة كلمات فى ذهن شخص يتحول إلى قصة يطورها السرد وتدعمها رؤية مخرج حقيقى وأموال منتج وتجسيد رجال ونساء موهوبين بوجوههم وعيونهم وأجسادهم ومشاعرهم، كل ذلك وفق نظام دقيق محترف يعطى مساحات وفراغات تتحرك فيها مفاجآت المشاعر البشرية ويتم العمل فيلقى به فى وجه جمهور متعدد المذاقات والطباع.. جمهور تتغير عناصر الجذب لديه يوماً بعد يوم، فإما أن يصفق منبهراً أو يعرض بلا اكتراث. وبريق الفكرة الأول وقوتها وسلامتها وحسن مسارها هو الذى يشكل كل شىء، والفكرة تمتلك دوماً القدرة على التواضع والتوارى، فلا يقلقها أبداً أن تنسب النجومية إلى الممثل أو المخرج أو المنتج أو الكاتب لأنها واثقة من نفسها تماماً وتعرف على الدوام أنها هى فقط الوحيدة نجمة النجوم.
نقلا عن المصر اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع