قالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها إن السبب الحقيقي وراء إطلاق دول الخليج وابلًا من الاتهامات تجاه قطر -وعلى رأسها دعم الإرهاب- إنما هو في حقيقة الأمر جزء من صراع على السلطة بين هذه الدول في مناطق متعددة.
وأضافت الصحيفة أن كل دولة من هذه الدول تدعم حلفاءها في كل من غزة وليبيا ومصر، وفي مصر تحديدًا قامت قطر وقناتها الإخبارية الجزيرة بدعم حكومة الإخوان السابقة، وهو الشيء الذي لم يعجب باقي دول الخليج التي لطالما رأت في جماعة الإخوان المسلمين قوة منظمة يمكن أن تشكل تهديدًا يطيح بهم من على عروشهم، وبالتالي دعموا - ما وصفته الصحيفة- بسيطرة الجيش على السلطة والإطاحة بالرئيس ذي المرجعية الإسلامية محمد مرسي.
ويقول كثير من المحللين إن قطر تسعى نحو الموازنة بين الرهان على مستقبل الإسلام السياسي كقوة في المنطقة، وبين رغبتها في عدم خسارة الدعم الغربي، فقامت في سبيل ذلك بالتغاضي عن عمليات جمع الأموال لصالح الجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا والعراق، وإرسال السلاح إلى ليبيا، ولكنها لم تفعل ذلك بشكل رسمي مؤسسي.
وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته أمس أن قطر توفر الملجأ لزعماء حركة حماس المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، كما تقدم الدعم المالي لحكومة حماس في قطاع غزة إلا أن المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين يؤكدون أنها لم تعد تدعم الحركة بالسلاح، كما تفعل إيران الآن، كما سمحت لأعضاء من حركة طالبان الأفغانية بفتح مكاتب لهم، والإقامة في الدوحة، ولكن كجزء من اتفاقية مبرمة وموافق عليها من واشنطن.
في ليبيا تدعم الإمارات جانبًا منافسًا على السلطة للجانب الذي تدعمه قطر، مما أشعل الصراع الداخلي، فالإمارات تدعم المقاتلين السابقين في جيش العقيد معمر القذافي والنخبة الحاكمة سابقًا، بينما تدعم قطر تحالف الجماعات الإسلامية المسلحة.
وخلال انتفاضة 2011 في ليبيا دعمت قطر الميليشيات الإسلامية المسلحة في بني غازي المعروفة باسم كتائب راف الله السحاتي التي تجمعها علاقات نسبية بالغرب، ولكنها مصنفة باعتبارها جماعة متطرفة، وعن هذه الجماعة انشق متطرفوها وكونوا جماعة أنصار الشريعة وهي ميليشيات مسلحة لعبت دورًا كبيرًا في اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز.
وعلى الرغم من ذلك فقطر تحاول استرضاء الغرب من خلال بعض الإجراءات فمنذ عزل الرئيس محمد مرسي من السلطة هو وحكومته، وعلى الرغم من أن قطر وفرت الملجأ لكثير من قادة هذه الجماعة فإنها رفضت أن تقدم الدعم المالي للجماعة خوفًا من إغضاب جيرانها من دول الخليج.
كثير من المحللين يعتقدون أن دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين هو ما تسبب في جلب الاتهامات لها بدعم الجماعات المسلحة في سوريا والعراق وغيرها، ولكن بول سالم الباحث في معهد الشرق الأوسط يؤكد أن الخطأ الأكبر الذي ارتكبته قطر كان في مصر، ولم يكن في سوريا، وأن دول الخليج يضغطون على قطر بسبب مصر، وليس أي شيء آخر.
ومنذ الثالث من يوليو، وعزل محمد مرسي، وقد سحبت كل من مصر والسعودية والإمارات سفراءهم من الدوحة وحتى إسرائيل التي امتدحت قطر في يوم من الأيام باعتبارها الدولة الوحيدة في الخليج التي تجمعها بها علاقات ثنائية على ما يبدو أنها تستفيد من الضغط الحاصل على قطر بسبب دعمها لحركة حماس والسفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة رون بروسور وصف الدوحة مؤخرًا بمنتجع الإرهابيين.
فقطر هي مملكة خليجية صغيرة وغنية بالبترول، ويوجد بها أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، ولكنها وافقت ضمنيًا منذ سنوات على أن يتولى الشيخ العجمي وغيره كثيرون على جمع التبرعات.
ونموذج الشيخ العجمي الذي يقوم بجمع الأموال لصالح الجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا والعراق هو نموذج لما تفعله قطر منذ سنوات من دعم للمجموعات الإسلامية في المنطقة من خلال توفير الملاذ الآمن والوساطة الدبلوماسية والمساعدة المالية بل وتقديم السلاح أيضًا في بعض الحالات.
ويستطيع الشيخ العجمي -و6 من أمثاله ممن صنفتهم الولايات المتحدة كجامعي تبرعات لفرع القاعدة في سوريا- العمل في الدوحة بحرية ويتحدث في مساجد مملوكة للدولة ويظهرون في بعض المناسبات على شاشة قناة الجزيرة، وحتى قطر نفسها قدمت على الأقل بعض أشكال المساعدات لكل من حركة طالبان في أفغانستان، وحركة حماس في قطاع غازة، ومتمردي سوريا وميليشيات ليبيا، وحلفاء جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، وذلك من خلال عدة صور سواء كانت الملجأ أو الدعم الإعلامي أو الدعم المالي أو السلاح.
ولكن -وعلى الرغم من ذلك- قطر تتعرض لهجوم عنيف من المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل الذين اعتبروها الراعي الرسمي للإرهاب في كل مكان.
والبعض في واشنطن اتهم قطر بتقديم الدعم المباشر للجماعات الإسلامية في كل من في العراق وسوريا وهي مجموعات شرسة ومتعطشة للدماء بدرجة أثارت امتعاض القاعدة نفسها، ولكن المحللون الغربيون يعتقدون أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة.
ويقول مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة في الدوحة إن هذه الاتهامات سببها نقص المعلومات، وإن كان ذلك لا يمنح قطر العذر الكامل فيما تفعله، حيث تصرفت بشكل غير مسئول فيما يتعلق بالأزمة السورية، مثلها في ذلك مثل كثير من الدول، ولكن القول بأن قطر هي من تقف وراء تنظيم داعش، فهو مجرد كلام لا أكثر ولا أقل، ويقف وراءه تعارض مصالح سياسية يعمي من يقوله عن الحلول الحقيقية.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.