الأقباط متحدون - فداحة الخسارة بانهيار هرم سقارة
أخر تحديث ٠٣:٤٠ | الاثنين ١٥ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٥ | العدد ٣٣٢٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فداحة الخسارة بانهيار هرم سقارة

بقلم - فاروق عطية
جاء بصحيفة المصري اليوم(الإثنين 1/9/2014) أن منظمة اليونيسكو قد أصدرت تقريرا متشائما عن أقدم الأهرامات المصرية. كشف التقرير الذي صدر لتقييم حالة هرم سقارة، أن الهرم يعاني من الإهمال ومهدد بحدوث هبوط به في أية لحظة، بسبب أعمال الصيانة التي وصفها التقرير بـ«غير الصحيحة». أكد التقرير الذي أعده العالم «جورجيو كورتشى»

مبعوث اليونسـكو فى مصر لدراسة وضع هرم (سـقارة) المدرج والكشف عن حالته الداخلية والخارجية بعد 5 سنوات من التعاقد مع شركة الشوربجى للترميم، أن الأوجه الخارجية للهرم تعانى من انعدام الصيانة على مر القرون، بالإضافة إلى الأضرار الناجمة عن إزالة بعض الكتل الحجرية بفعل الإنسان، وقد خلق هذا تجاويف كبيرة فى عدة مناطق وظهرت العديد من الكتل معلقة بشكل خطير بدون وجود أى دعائم لحملها.

وأضاف التقرير أنه لم يكن هناك مشروعا مفصلا للتدخلات والتعامل مع الأثر، وتم تنفيذ الأعمال بشكل سريع، باستبدال الأحجار القديمة بأخرى غير أصلية من أجل إنتاج الشكل الأصلى، لذلك من الضرورى إجراء مسح مفصل للحالة الراهنة للهرم.

    أوضح التقرير أن الهيكل الجديد لإعادة تنفيذ الأسطح أو لملء «التجاويف» لا يتحمل أى ثقل، وبالتالى لا يسهم فى الاستقرار العام إلى أن يحدث هبوط لجسم البناء أعلاه، وأضاف التقرير: «لمنع هذه المشكلة والعمل لتفعيل كفاءة الدعامات المستحدثة على الفور، فى بعض الحالات، عندما يتعلق الأمر بمساحة واسعة، فإنه من المفيد استحداث قوة رأسية بشكل اصطناعى على الأربطة الأفقية بين بلوكات الأحجار الجديدة والأحجار القديمة فى الموقع، التى فقدت دعائمها الأصلية وتعمل الأن ككتل ناتئة معلقة بدون حامل.

   لذلك آثرت أن أسقط حزمة من الضوء علي هذا الأثر الهام والذي يعتبر أول وأقدم هرم بني في مصر. يداية أًلقي الضوء علي صاحب هذا الأثر, الملك زوسر "نثر خت" وهي تعني جسد المعبود (2686ق.م - 2600ق.م)، ويعتقد أنه الفرعون الثاني في الأسرة الثالثة الفرعونية (بداية الدولة القديمة)، ظهر اسمه في بردية تورين باللون الأحمر، تميزا له عن باقي ملوك الدولة القديمة. ويعتبر الهرم المدرج الذي أمر زوسر وزيره المهندس إمحوتب ببنائه, أول بناء حجري ضخم عرفه التاريخ. ذكر المؤرخ الفرعوني مانيتون أن زوسر حكم لمدة 29 سنة (2640ق.م - 2611ق.م)، بينما تذكر بردية تورين أن فترة حكمه امتدت فقط 19 عام (2630 ق.م - 2611 ق.م)

إلا أن الكثير من المؤرخين الحالين يذكرون أن فترة حكمة امتدت لمدة 29 عام بسبب ضخامة أعماله الإنشائية التي قام بها. وعليه فإن فارق السنوات بين الرقمين قد يعني أن زوسر هو نفسه الفرعون الأول في الأسرة الثالثة. له نقش في أحد جزر أسوان، يسرد أحداث المجاعة التي حدثت في عهده بسبب نقص فيضان النيل، حيث قدم زوسر القرابين لخنوم معبود الشلال. وذكر فيه التالي: "قلبي كان في ضيق مؤلم، لأن النيل لم يفض لسبع سنوات. الحبوب لم تكن وفيرة، البذور جفت، كل شيء كان يملكه الفرد ليأكله كان بكميات مثيرة للشفقة، كل شخص حرم حصاده. لا يمكن لأي شخص أن يمشي أكثر؛ قلوب كبار السنّ كانت حزينة وسيقانهم إنحنت متى جلسوا على الأرض، وأيديهم أخفت بعيدا.

حتى خدم المعابد كانوا يذهبون، المعابد أغلقت والملاجئ غطّيت بالغبار. باختصار، كلّ شيء في الوجود أصيب". ويأتي الرد من خنوم حسب النقش: "أنا سأجعل النيل يرتفع لك. لن يكون هناك سنوات أكثر عندما يخفق الغمر في تغطية أي منطقة من الأرض. الزهور ستورق، وتنحني جذوعها تحت وزن غبار الطلع"

يعتبر الملك زوسر من اقوي الملوك الذين حكموا مصر, اتخذ من منف عاصمة له, قام باستخراج النحاس والتركواز من سيناء مما أمّن له ثروة هائلة مكنته من القيام بأعمال إنشائية ضخمة, وسّع دولته جنوبا بعد أن بسط نفوذه على النوبيين ومد حدود البلاد إلى ما بعد الشلال الأول. ويعد "زوسر" أول فرعون بنى لنفسه مقبرتين:
المقبرة الأولى: بصفته ملكاً للوجه القبلى, وكانت على شكل مصطبة ضخمة من اللبن مجهزة بمنحدر عميق وتتبعها عدة حجرات تحت الأرض وهى واقعة فى شمال العرابة المدفونة فى بيت خلاف, وفى هذه المقبرة تم بناء حجرة من الحجر الجيرى, غير أنه على ما يظهر لم يرض بأن تكون مقره الأخير فقام ببناء المقبرة الثانية.
أما المقبرة الثانية: وهى (هرم سقَارة المدرج) فقد قام المهندس المعمارى والوزير العظيم "إمحوتب" ببنائها له عام 2800ق.م بإعتباره ملكاً للوجه البحرى, قام ببنائها على الهضبة التى فيها جبانة "منف"المعروفة الآن "بسقّارة" التى كانت تعتبر مهبط العبادة والمقر الأخير لبعض الملوك كما أثبتت ذلك الكشوف الحديثة, تم بناؤها على شكل مصاطب مربعة ومتدرجة, وهي تعد أقدم هرم عرف فى التاريخ, ويقول بعض علماء الآثار إن هذا البناء هو الحلقة المتوسطة بين المصطبة والهرم الحقيقى, وكانت على مقربة من محاجر طرة حيث كان من السهل قطع الأحجار الجميلة لبناء القبور والمعابد, وكذلك قريبة من مقر حكمه.
   ويتكون هرم "زوسر" من ست مصاطب بارتفاع 200 قدم (حوالى 60 م) مع وجود قاعدة بمساحة 358 ‮×‬ 410 ‮قدم‬ (109 ‮×‬ 125 ‮م)‬، وكان مغطى بالحجر الجيرى الأبيض المصقول الذي أتي الزمن علي معظمه. وتدل الظواهر على أنه أقام لنفسه مصطبة من الحجر الجيرى المحلى المهذب, ثم بنى فوقها مصطبة ثانبة أصغر مساحة, ثم ثالثة أقل مساحة من الثانية وهكذا, حتى بلغ عدد المصاطب سبعاً بعضها فوق بعض, غير أن تغالب الدهور قد أغار على السابقة منها فمحاها من الوجود, ولم يبق منها إلا ما يدل على أثرها.

وقد أطلق على هذا المبنى خطأ إسم (الهرم المدرج) إذ أن شكله لا ينطبق تماماً على مدلول الهرم الحقيقى. وقد رفع "زوسر" بنيان قبره إلى هذا الحد, حيث كان يريد علواً فى الممات كما كان فى الحياة. كان غرضه أن يشرف قبره على قبور رجال بلاطه وعظماء دولته التى كانت حول قبره, ويكون أول بناء ترسل الشمس أشعتها عليه من كل جوانبه عندما تشرق فى الصباح, وبخاصة إذا علمنا أن الإله الأعظم لهذه المنطقة فى ذلك العصر هو الإله "آتوم" الذى أصبح فيما بعد إله الشمس بكل معانيها.

وقد أسفرت البحوث الأثرية التى قام بها علماء الآثار فى الجزء الأسفل تحت الهرم المدرج, وما حوله عن معلومات وثروة أثرية لا تقدر بثمن. فقد عثر فى جوف الصخر الذى تحت مسطح الهرم, على حجرة الدفن العظيمة المكسوة بالجرانيت, وعلى حجرتين مرصعتين بألواح صغيرة من القيشانى الأزرق. وتعد الطريقة الفنية الحاذقة التى نسقت بها هذه الألواح فى الملاط بالغة حد الإعجاب والدهشة ودالة على ما وصل إليه القوم من المهارة الفنية فى هذا العصر, وهذه الألواح كان سطحها الخارجى مقوساً بعض الشئ, وقد أمكن بالألقاب الرسمية التى وجدت منقوشة على إطارى باب الحجرتين, أن نحدد بالضبط تاريخهما, وفى عام 1927 عثر فى الجهة الجنوبية من الهرم فى جوف الأرض, على مقبرة أخرى تحتوى على حجرة دفن من الجرانيت, وعلى عدد عظيم من الممرات والحجر المستطيلة الشكل معظمها مزين بألواح من القيشانى مشابهة لما وجد فى المقبرة الأولى, ووجد منقوشاً على إطارات الأبواب "نتر خت", وهو لقب الملك "زوسر"

ووجد فى إحدى الحجر ثلاث لوحات كل منها على شكل الباب الوهمى, ولا نزاع إذن أن هذا القبر هو لمؤسس الأسرة الثالثة.
   وما بين تقرير منظمة اليونسكو وتصريحات المهتمين بالآثار والعاملين بها تتوه الحقيفة, ولا تدري من يتحمل فداحة الخسارة لو حدث ما نخشاه. فقد أثار توقف أعمال الترميم في هرم سقارة المدرج، جدلا بين المهتمين بالاثار وحمايتها. ويخشى عدد من الناشطين في مجال حماية الاثار من تدهور حالة الهرم بسبب عملية الترميم المتباطئة بينما تؤكد وزارة الاثار أن مشروع ترميم الهرم المدرج توقف بسبب فقر الموارد المالية بعد تراجع عائدات السياحة. كما أكد مصدر مسؤول داخل إدارة هرم سقارة بالجيزة (رفض ذكر إسمه) أن ما يثار حول امكانية سقوط الهرم، ماهو إلا كلام مُرسل وليس له أساس من الصحة. وأوضح أن شركة الانشاءات الني تقوم بعملية الترميم

تسببت في تراجع عدد السائحين الزائرين للهرم مما أثر بالتبعية على مدخلات وزارة الآثار. وأن تلك الشركة لها أموال متأخرة، فلجأت إلى الضغط على وزارة الآثار لإجبارها على استكمال عمليات الترميم ودفع المبالغ المتأخرة عن طريق شائعة أن الهرم سوف ينهار. وأعرب عن خشيته أن تحاول الشركة تأكيد شائعتها عن طريق وضع حجارة بشكل معين تؤدي إلى هدم جزء من الهرم. كما نفى علاء الشحات، مدير منطقة آثار سقارة، الأخبار التي تتردد بشأن انهيار بعض أحجار هرم سقارة. وأكد أن ما تردد مناف تماما للحقيقة وعار عن الصحة. وأضاف أن عملية ترميم الهرب بدأت عام 2006 ومن ثم توقفت بسبب ثورة يناير والآن تعود من جديد بعد استقرار الأوضاع.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter