عرض/ سامية عياد
الانتصار الحقيقى هو الذى الذى ينتصر به الإنسان على نفسه وليس على غيره ، فلا يجوز للقاتل أن يفرح بانتصار على القتيل وسفك دمه ، فهذا القاتل فى موقف المنهزم لأنه لم يستطيع أن ينتصر عما فى نفسه من قسوة ومن حقد أو من رغبة فى الانتقام .

المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث يحدثنا عن الانتصار الحقيقى قائلا : الانتصار الحقيقى هو الانتصار على النفس وأن ينتصر الإنسان على الخطيئة والشيطان فهو بانتصاره الداخلى على كل شهوة خاطئة وكل فكر ردىء يستطيع أن ينتصر فى الخارج على كل حروب الشيطان، والإنسان الروحى ينتصر على جميع العوائق التى تعطله فى طريق البر وينتصر أيضا على الضيقات والمشاكل فلا تهزه ولا تهزمه ولا تضعف معنوياته ولا تعكر نفسيته ولا تجعله فى قلق واضطراب وشك ، أنه ينتصر على المشاكل بالإيمان وبالصلاة وبالصبر ولا يضيق قلبه بها ولا يفقد سلامه بسببها بل يفرح بها لأنها تقدم له خبرات جديدة فى معونة الرب له.

والإنسان المنتصر يعيش حالة من الفرح لأنه يقدم قدوة لغيره ومثالا على إمكانية حياة البر ، والانتصار لازم جدا فى الحياة الروحية وبدونه لا يدخل أحد الى السماء ، فالسماء لا يدخلها إلا المنتصرين الذين برهنوا على ذلك فى فترة اختبارهم على الأرض .

والتاريخ ممتلىء بأمثلة من المنتصرين فى مقدمتهم أبطال الإيمان الذين جاهدوا الجهاد الحسن ونالوا إكليل البر وفى مقدمتهم الشهداء والقديسون الذين انتصروا على كل التهديدات وعلى كل السجون وعلى ألوان من العذاب ربما تفوق احتمال البشر وثبتوا على إيمانهم ، أب الآباء إبراهيم الذى انتصر على كل عواطف الأبوة ولم يكن لديه مانع من أن يقدم ابنه ذبيحة لله وطاعة لأمره وايضا النساك والعباد والمتوحدين الذين انتصروا على كل شهوات العالم .

ولكى يدوام الإنسان على الانتصار فى حياته لابد من وجود هدف واضح محدد نقيا وتتخذ له وسائل ممكنة فى حدود قدراته وظروفه ، وأن يضع أمامه التقدم باستمرار نحو حياة البر والفضيلة ووضع برنامج روحى يسير عليه لكى يساعده على النمو الروحى ، فإن الذى يسعى الى التقدم من غير المعقول أن يرجع الى الوراء .