عرض/ سامية عياد
قد يتسلل الى الكثيرين مرض روحى خبيث دون أن يدروا ، هو مرض المحرقات المجانية ، لكن ماذا يعنى هذا المرض وكيف يصيب الإنسان؟
يجيب علينا نيافة الأنبا يوسف أسقف تكساس فى مقاله "محرقات مجانية" قائلا : مرض المحرقات المجانية هو أن تبقى الذات على نصيبا لها فى العطية المقدمة لله ، فبينما تكون لدى الشخص رغبة فى اكرام الله بتقديم عطايا المال والممتلكات والوقت والجهد والمشاعر إلا أن مبدأ العطاء المطلق يبقى فى كل حين فى تضاد مع الذات التى تسعى للآخذ دون العطاء ويأتى الحل الوسط بتقديم محرقات مجانية ويبقى الشخص مخدوعا حيث تصور له ذاته أنه قد أعطى الكثير بالفعل ، بل قد يتباهى أمام نفسه وأمام الآخرين بما أعطاه.
والكتاب المقدس به أمثلة على المحرقات المجانية قرابين قايين التى لم يحسن اختيارها ووليمة سمعان الفريسى التى صنعها ليسوع وماء لرجليه لم يعط ولا زيتا لرأسه ، وايضا حقل حنانيا وسفيرة الذى اختلسا من ثمنه ، وفى حياتنا اليومية أمثلة من المحرقات المجانية منها شخص يكتفى بحضور القداس قبل قراءة الإنجيل وليس من بدايته وأخر يصوم الصوم الكبير محتفظا لشهوة جسده بالأسابيع الأولى منه وشخص يخرج الى الرهبنة تاركا العالم بجسده بينما يبقى قلبه هناك فيما ترك وغيرها من محرقات مجانية لا تمط الى محبة الرب من كل الفكر والقلب والنفس والفكر.
لقد اشترانا الله بثمن كبير كلفه أن يخلى ذاته وآخذ صورة عبد وهو الإله العظيم ، فكيف بعد هذا الحب الكبير الذى احبه الله لنا أن نستخسر فيه عطايا حقيقية فيها اخلاء للذات ونستبدلها بعطايا زائفة تتحكم فيها الذات وتصبح شريكة مع الله فى هذه العطايا ، ونتذكر ما قاله داود عندما رفض أن يعطى له أرونة البيدر مجانا لكى يبنى مذبحا للرب "لا، بل أشترى منك بثمن ، ولا أصعد للرب إلهى محرقات مجانية".