بقلم: عـادل عطيـة
هناك حقائق تتحوّل إلى خرافات، كالملحد الذي لا يريد الإعتراف بوجود الله!
وهناك خرافات تتحوّل إلى حقائق، كالحديث عن أن البدر يصيب الناس بالجنون!
من هذه الخرافات، التي اتخذت، عنوة، شكل الحقيقة؛ للتعجيز والسخريّة، خرافة: "لبن العصفور"!
وقد أرادت احداهن، أن أؤمن بهذه الخرافة، عندما ارسلت إبنتي في بداية العام الدراسي؛ لتخبرني بأن المسئولة عن النشاط الرياضي بالمدرسة، طلبت منها، ومن زميلاتها، شراء: "ترنج"، يستخدم في الألعاب الرياضية، وذلك من بندين:
الأول: أن يكون "الترنج"، بمواصفات مميّزة، أكثر ما أثارني في هذه المواصفات، تحديد لونين لم اراهما قط، وقد اجتمعا معاً في عروة وثقى، وإذا حاولا ذلك؛ فسيعصفان بعمر التذوق الفني والجمالي لأطفالنا!..
ورغم ذلك، قلت: ليكن كقولها، ولا بد وحتماً أن ترتدي إبنتي ما يعُجب المُدرّسة!
فالأمر أمرها، والمثل يؤكد على طلبها، ويقول بنبرته السلفيّة: "كلّ ما يعجبك، وارتدي ما يعجب الناس"!
أما البند الثاني، فهو ضرورة شراء "الترنج" من محل معين، أفصحت المُدرّسة عنه، وعن عنوانه!
فقلت في نفسي ـ بعد مطاردة أي ظن سيء يحاول التعلّق بفكري ـ: فيها ومنها الخير؛ فهي بذلك توفّر علينا اللف والدوران، والبحث في متاهات المحلات!
وعندما ذهبنا للمحل الذي عليه العين، كانت الكميّة المتبقية من "الترنج"، قد نفذت؛ فقلنا، أنا وزوجتي وابنتي، لنلف على المحلات الأخرى!
وبعد أن أعيانا اللف والدوران، دون أن نجد ضالتنا؛ قفلنا راجعين إلى منزلنا بخفيّ حنين!
وفي الطريق قلت لابنتي، بنبّرة منكسرة: اعذريني؛ لأني لم أجد لك: "لبن العصفور".. أقصد "الترنج"!
ففاجأتني زوجتي على سبيل المزاح: وهل يوجد حقاً لبن العصفور؟!..
قلت لها: لا بد أن هذا النوع من اللبن العصافيري موجود فعلاً؛ وإلا ما طالبتنا به المُعلّمة.. ألا تعلمين أن المعلم كاد أن يكون رسولاً!
فقالت لي: نحمد الله كثيراً، أن المعلم كاد ولم يصبح رسولاً!...