الأقباط متحدون - بلد طوارىء صحيح
أخر تحديث ١٤:٠٧ | السبت ١ مايو ٢٠١٠ | ٢٣ برمودة ١٧٢٦ ش | العدد ٢٠٠٩ السنة الخامسة
إغلاق تصغير

بلد طوارىء صحيح

 بقلم: ماجد سمير
فجأة ظهر رجل ضخم الجثة عريض المنكبين أو المنكعين -حسب تعبير فنان الشعب عادل إمام في مسرحية شاهد ماشفش حاجة – استوقف شاب في العشرينيات من عمره في محطة مترو الجيزة وقام بتفتشيه ولم يتركه إلا بعد أن شاهد بطاقته الشخصية.. يُعطي قانون الطوارىء الحق لهذا الرجل التابع لوزارة الداخلية في توقيف أي شخص في أي وقت دون إبداء أي أسباب لمجرد أنه شك فيه، عقود متتالية تعيش مصر فيها تحت القانون المشئوم الذي أعطى جبروتًا لرجال الأمن، وزاد في السنوات الأخيرة الوضع بعد أن أصبحت مصر دولة بوليسية من الدرجة الأولى، واقترب الأمر من الحصول على تصريح من قسم الشرطة أو النقطة التي يتبعها محل سكنك في حالة تنفسك من أنفك، فربما الأمن يرى أن اسقرار الحكم في مصر يستدعي التنفس من الفم فقط.

ويخرج المدافعون عن قانون الطوارىء مؤكدين أنه لم يمنع الحريات والدليل – حسب تصريحاتهم- أن المتظاهرين يفقون أمام مجلسي الشعب والوزراء ليل نهار، صحيح أنه لا مجيب لهم، لكن لم يمنع قانون الطوارىء أي معترض أو معتصم، كما أن د.أحمد نظيف ترك المجلس وسوره للمعتصمين ونقل مقر عمله إلى القرية الذكية ليستمتع بالهدوء الشديد الناتج عن الصحراء الخالية تمامًا من حوله ولو ظهر مرة واحدة "صريخ ابن يومين" أو أكثر سيكون دليلاً جديدًا على أن قانون الطوارىء لم يقف مرة ضد حرية التعبير، انتقل نظيف بعيدًا عن الصخب المتسبب فيه المعتصمون من المصانع والشركات والهيئات الحكومية المختلفة كما أن الرجل عريس جديد، ويعتبر ما يزال في شهر العسل ولا داعي للعكننة والبصل.

الرجل ضخم الجثة ربما يكون اسمه "طارق" – باللهجة المصرية التي تنطق حرق القاف كأنه همزة- نسبًا لقانون الطوارىء المصري الشهير، رجل عتيد وقديم في الوجدان المصري، فطارق الذي ظهر في فيلم "الكرنك" وتسبب في رعب أزلي خلال مشهد اغتصابه لسعاد حسني، عاد ليكون طارق الذي كتم على أنفاس عادل إمام في مسرحية شاهد ماشفش حاجة لدرجة "سرحان عبد البصير "- اسم امام في المسرحية – صرخ محاولاً النطق قائلا: "الناحي....ناحي .....نات"، وأظهرت بعض النماذج في صفحات الحوادث بالصحف المختلفة متهمين في قضايا بلطجة ونصب وخلافه على خلفية استغلال النفوذ والسطوة اللتين منحها قانون الطوارىء.

وأعجبني جدًا تصريح د.نظيف لوسائل الإعلام عند الاحتفال بنزول سيارات جديدة للنقل العام الذي أكد فيه أن حل مشكلة المرور في القاهرة يكمن في تطوير النقل العام متنميًا أن يترك الناس سيارتهم لكي يركبوا المواصلات العامة، حتى تخف الزحمة، بالرغم من أن موكب تحركات نظيف فقط مكون من نحو عشر سيارات تغلق من أجلهم الشوارع والطرقات ويمنع الناس من فتح النوافذ وربما فتح عيونهم أيضًا.

كانت مصر من عقدين أو ثلاثة مثلما قال عادل أمام لسلامة الياس "النمساوي بيه" بلد شهادات صحيح، عقود من كتم الأنفاس مع قانون من المفترض أن ينفذ مثلما يتم تنفيذه في أوربا والدول المتقدمة في حالات الحرب أو الكوارث فقط، فأصبحت مصر بعدها بلد طوارىء صحيح.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter