بقلم د. غادة شريف | الجمعة ١٠ اكتوبر ٢٠١٤ -
٠٥:
٠٤ م +02:00 EET
الدكتور عصفور
بقلم د. غادة شريف
أينعم التصريحات الأخيرة لوزير الثقافة لم تكن تصريحات بقدر ما كانت دحرجة أتدحرج فيها ردا على أسئلة حوارية لكن المؤكد أنها أحدثت طرطشة جامدة قوى!..
الدكتور عصفور ضد منع فيلم حلاوة روح ويؤيد تجسيد الأنبياء فى السينما وبالمرة فوق البيعة يمتدح صور الأجساد العارية ويراها تجسيدا للجمال الإنسانى..
وهكذا تكون التصريحات المفتوحة ع البحرى مع كرانيش على الصدر!.. لكنى أسأل الوزير، هل هذا التوقيت مناسب سياسيا لهذه التصريحات؟.. كل ما تحدث عنه الدكتور عصفور يحمل وجهين، فمنع فيلم سينمائى بقرار فردى من رئيس الوزراء هو أمر مرفوض تماما ولا يبشر بخير، لكن فيلم حلاوة روح
بالذات فيلم مدمر كان يجب منعه بأى وسيلة.. لقد كتبت أؤيد عودة برنامج الراقصة لأن الرقص الشرقى فن فولكلورى قديم الارتباط بثقافتنا الشرقية، لكنى أيدت منع فيلم حلاوة روح وأرفض بشدة تجسيد الأنبياء سينمائيا، ورغم ذلك فإننى أيضا أتحسر على شكل طالبات وسيدات الستينيات.
لكن الفرق كبير بين حرية التعبير وجموح التعبير الذى يؤدى للبوهيمية، وما رأيته فى تصريحات الوزير أنه يدافع عن البوهيمية لا عن حرية التعبير.. البوهيمية مثل التطرف الدينى، كلاهما لا يبنى دولة.. ألم يسمع الوزير أن الولد ذا العشر سنوات أصبح لا يخجل من أن يتحرش فى الشارع بسيدة فى عمر
والدته؟.. والأهم هو هل نحن الآن بحاجة لتصريحات يستغلها حزب متطرف مثل حزب النور ليشعل الحروب بين الهيئات الدينية ووزارة الثقافة؟... الواجب هو أن تتكامل الأدوار لا أن ندخل فى صراع.. نحن طالبنا مرارا بضرورة تعديل الخطاب الدينى وهذا يحتاج «تثقيفا» دينيا، فلماذا لا تتشارك وزارة الثقافة
مع الأزهر فى هذا الدور؟.. هل الدين عدو الثقافة؟ هل الثقافة عدو الدين؟.. العيب ليس فى الدين ولا فى الثقافة بل فى المتحدثين بهما، فالمثقف يرى المتدين متخلفا، والمتدين يرى المثقف علمانيا كافرا، والاثنان متطرفان ومرفوضان!.. سيدى الوزير، منصب الوزير منصب سياسى يجب أن يبتعد عن غشومية
إطلاق التصريحات.. ثم أين وزارة الثقافة من بناء مصر الجديدة؟.. هل سيتحقق البناء بتجسيد الأنبياء ورسم الأجساد العارية؟.. يا ألف نهار أبيض وألف نهار مبروك!.. مش كنت قلت كده من زمان يا راجل بدل ما كنا نحفر قناة سويس جديدة ونتعب قلبنا؟.. سيدى الوزير، أين وزارة الثقافة من الجامعات؟.. أين استراتيجية وزارتك للمشاركة فى إعداد الجامعات للدفاع الوطنى؟.. كيف استعددت لمواجهة التطرف الدينى هناك؟.. هل نسى الوزير أنه وزير للقوة
الناعمة؟.. أين القوة الناعمة من الاتحادات الطلابية؟.. فى الخمسينيات والستينيات كان مسرح جامعة القاهرة تحت الرعاية الأدبية للدولة وكان كبار الفنانين مثل فؤاد المهندس وكرم مطاوع يقومون بإخراج مسرحيات الطلبة على مسرح الجامعة.. كان عبدالحليم وفريد الأطرش يحيون الحفلات هناك وكان يتم هذا برعاية الدولة.. كانت ندوات بهاء طاهر وفؤاد حداد ويوسف شاهين تثرى الوسط الجامعى، فأين وزارة الثقافة من هذا الآن؟.. هل يعجب الوزير أن أفلام
السينما أصبحت امتدادا لمحلات الجزارة حيث تعرض أجساد الفنانات كلحم الذبائح وحيث تحول الفنانون لسافكى دماء مثل الجزارين؟.. لماذا لا تحاول وزارة الثقافة الارتقاء بالمستوى الثقافى للمنتجين؟... أين دورها التثقيفى مع رجل الشارع حتى يبادر هو بمقاطعة تلك النوعية من الأفلام؟.. مخطئ من
يتحجج بأن أفلام البلطجة هى مزاج الشباب حاليا، فقد رأينا بأعيننا كيف صدحت أغانى شادية وعبدالحليم وعبدالوهاب فى ميدان التحرير فى ثورتى يناير ويونيو.. المشاهد والمستمع إذا حوصر بالأعمال الراقية ولم يجد غيرها سيشاهدها ويسمعها غصب عن عينه حتى وإن تململ فى البداية، لكنه بالتدريج
سيتذوقها، ولن يرتقى الذوق العام إلا هكذا.. سيدى الوزير، دعك من التصريحات التى تثير المشاكل.. أنتظر منك أن تخلع قفازك وتشمر عن ساعدك وتنزل الجامعات لترتقى بفكرها، وتنزل الشارع لترتقى بذوقه، وإلا فوزارتك ليس لها أى لزمة!
نقلآ عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع