الأقباط متحدون - الأمن القومى ونظرة جديدة على استراتيجية «أكتوبر»
أخر تحديث ٠٦:٣٥ | الجمعة ١٠ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٣٠ | العدد ٣٣٥٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الأمن القومى ونظرة جديدة على استراتيجية «أكتوبر»

حرب اكتوبر
حرب اكتوبر
 
بقلم   لواء أركان حرب محمد الشهاوى
لا تقاس عظمة حرب العاشر من رمضان ١٣٩٣هـ- السادس من أكتوبر ١٩٧٣م، أو حرب «عيد الغفران»- طبقا لتسمية العدو وأعوانه- بروعة التخطيط ودقة التنظيم وشمولية الأعداد وفدائية وشجاعة الأداء فقط، ولكن تقاس عظمة هذه الحرب المجيدة بظروف مولدها، حيث كانت الظروف السياسية والاقتصادية والعسكرية والمعنوية وموقف التضامن العربى كانت جميعها متضافرة، ليس فقط على المستوى الإقليمى، ولكن حتى على

المستوى الدولى لمنع أو الحيلولة دون مولد هذه الحرب. ولكن كان إلحاق الهزيمة بالعدو فى معركة عسكرية لأول مرة منذ بدء الصراع العربى- الإسرائيلى وعودة الروح إلى الأمة العربية وقواتها المسلحة هو نواة انتصار أكتوبر، الذى ولد ماردا عظيما أثّر وتأثرت به جميع دول العالم، وأحدث زلزالا خطيرا داخل الكيان الصهيونى، الذى لطالما روّجت قيادته أن جيشها لا يُقهر وأنها صاحبة الذراع الطولى فى المنطقة، فجاءت حرب أكتوبر لتقطع هذه الذراع وتحقق النصر العظيم.
 
وكما قال العميد أركان حرب/ محمد إبراهيم عبدالغنى، فإن حرب أكتوبر المجيدة هى:
 
■ أول حرب منذ بدء الصراع العربى- الإسرائيلى عام ١٩٤٨، تمتلك فيها الأمة العربية المبادرة والمبادأة، وتحقق المفاجأة للعالم أجمع، وتُجبر العدو الصهيونى على العمل تحت إرادتنا، وتكشف قدراته الحقيقية التى لطالما نجح فى تضخيمها حينما كان يمتلك هو المبادرة والمفاجأة.
 
■ إنها أول حرب تعمل وفقا لمنهج استراتيجى علمى وفنى مدروس وقائم على حسابات دقيقة لجميع إجراءات المعركة.
 
■ أول حرب منذ عام ١٩٤٨ تتم بتنسيق وتعاون وثيق بين قطرين عربيين شقيقين هما سوريا ومصر، كدولتى مواجهة وبمساندة كاملة من جميع الدول العربية.
 
■ أول حرب يدخل فيها البترول كسلاح ردع ناجح ويحقق أهدافه.
 
لقد جاءت حرب أكتوبر المجيدة حرب تحرير على مستوى الهدف القومى، فقد تحقق فعلا تحرير ٤٠٠٠ كيلومتر مربع بالعمليات العسكرية الحاسمة، وحرب تحريك على مستوى الاستراتيجية الدبلوماسية. ذلك أن العمل العسكرى والعمل الدبلوماسى يخدم كل منهما الآخر فى سبيل تحقيق أهداف الدولة العليا. ومن أشكال الاستراتيجيات العسكرية:
 
■ الاستراتيجية العسكرية المباشرة: وهى التى تقوم على أساس أنه يمكن بواسطة الحل العسكرى تحقيق هدف الدولة فى تحرير أرضها على مرحلة واحدة... وهذا يعتمد على مدى الإمكانيات المتاحة للدولة على مختلف المجالات الدبلوماسية، والاقتصادية، والعسكرية، وقدرتها على تحقيق الهدف، أو:
 
■ الاستراتيجية العسكرية غير المباشرة:
 
وهى أن تحقق الدولة أهدافها القومية بالعمل العسكرى، ولكن على مراحل، تتخلل كل مرحلة وقفة تعبوية... وتلجأ الدولة إلى تبنى هذه الاستراتيجية حينما لا تتوفر لديها القدرة على العمل فى ظل الاستراتيجية الشاملة، وداخل هذه الاستراتيجية يتم استخدام استراتيجية الردع المتدرج والرد المرن.. وهى فى جوهرها تعتمد على أنه عند اللجوء للعمل العسكرى يجب أن يوجه للعدو ضربة ردع محدودة كافية، لكى تفقده النقطة الحساسة والحاسمة، بحيث يمكن أن يؤدى فقده لها إلى ردعه وإجباره على التفاوض السلمى لحل النزاع القائم. وكان خط بارليف يعتبر بالنسبة للعدو النقطة الحساسة والحاسمة عند توجيه ضربة الردع الأولى، وسقوط هذا الخط فى أيدى قواتنا يمثل فقدان الكثير للعدو، وقد يبادر إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة، وبذلك تستطيع الدولة تحقيق أهدافها القومية بالمرحلة الأولى فقط من مراحل الاستراتيجية غير المباشرة.
 
استراتيجية حرب أكتوبر المجيدة:
 
فى إطار تقدير الموقف، والمقارنة بين إمكانياتنا وقدراتنا وإمكانيات وقدرات العدو الإسرائيلى، ودراسة الموقف العربى والموقف الدولى، تم التوصل إلى تبنى الاستراتيجية العسكرية غير المباشرة والمعتمدة على الردع المتدرج والرد المرن كوسيلة لتحقيق هدف الدولة القومى فى تحرير سيناء... بحيث يتم تحقيق هذا الهدف على مراحل متتالية تتخلل كل مرحلة وقفة تعبوية ويتحدد على ضوء نتائجها مواصلة الحل العسكرى فى ظل الاستراتيجية العسكرية العامة للانتقال إلى المرحلة التالية فى حالة عدم ارتداع العدو. وهكذا حتى يتم تحرير سيناء واستعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ٥ يونيو ١٩٦٧... وهو الهدف الذى من أجله رفض الشعب المصرى الهزيمة والاستسلام.
 
ولقد تم وضع خطة حرب أكتوبر واستراتيجيتها العسكرية فى عهد الرئيس السادات، أما فترة الزعيم عبدالناصر فكانت مرحلة الإعداد الكامل والتدريب الشاق للقوات وإعادة تنظيم وهيكلة القوات المسلحة، فلولا التدريب والإعداد ما خرجت الخطة التى نُفذت وانتهت بهذا النصر العظيم، والتى عكف المسؤولون فى جميع أنحاء العالم على دراستها والخروج منها بدروس مستفادة عالميا فى جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية.
 
وفى النهاية، وفى الذكرى الحادية والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة، نتذكر شهداءنا الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم لتحقيق النصر وللحفاظ على تراب هذا الوطن، ونستلهم منهم الأمل فى بناء غد مشرق حتى تتبوأ مصر ريادتها ودورها على المستويين الإقليمى والدولى.
 
نقلآ عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع