الأقباط متحدون - «المراغى».. منطقة الموت بـ«الضغط العالى»
أخر تحديث ١٦:٢٢ | السبت ١١ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ١ | العدد ٣٣٥١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«المراغى».. منطقة الموت بـ«الضغط العالى»

أسلاك الضغط العالى تمر بين منازل عزبة المراغى القديمة
أسلاك الضغط العالى تمر بين منازل عزبة المراغى القديمة
أن تتحول الرغبة فى العيش فى مناطق سكنية آدمية تتمتع بكل الخدمات وتحترم آدمية من يعيشون فيها إلى الرغبة الشديدة فى العيش بمنطقة عشوائية بلا خدمات هرباً من سرطانات الضغط العالى فالمعادلة إذن مختلة.. فى منطقة المراغى، حيث الفقر والجوع والحرمان، الأحلام صارت كذلك.

تجولت «الوطن» فى منطقة المراغى، الواقعة على الحدود الشرقية لمحافظة الإسكندرية، لترصد معاناة أشخاص يعيشون تحت رحمة أسلاك الضغط العالى، التى تقصف أعمار الأهالى واحداً تلو الآخر، إن لم يكن بالصعق فبالمرض.

يعيش الأهالى فى منطقة المراغى، لا حول لهم ولا قوة، متيقنين أنهم أخطأوا عندما شيدوا منازلهم فى تلك المناطق الخطيرة، لكنه الجهل والفقر، غابت الحكومة عنهم وتركتهم يعيشون تحت وطأة صواعق الكهرباء. وكباقى المناطق العشوائية لم تخلُ المنطقة من العشوائية فى كل شىء.. اقتربنا منهم فى هذا التحقيق.
 
حكايات الخوف والمرض.. «رمضان»: «بنشوف الموت قدام عنينا كل يوم».. و«على»: «كل سنة بنفقد أرواح جديدة»
فقر وجوع واحتياج، منازل متهالكة تحاصرها مياه الصرف من كل الجوانب وتتجمع الحيوانات والذباب لتكون جزءاً أساسياً فى حياة الأشخاص الذين يعيشون بتلك المناطق،

من يعيشون فيها يشربون مياهاً ملوثة ومختلطة بالصرف الصحى، فى كل المنازل، مناطق خارج حسابات الحكومات، وأشخاص يخنقهم الفقر وقلة الحيلة والإهمال يعيشون فى منطقة المراغى الجديدة والقديمة العشوائيتين بالإسكندرية.
 
محرر «الوطن» يستمع إلى شكاوى السكان
 
فى تلك العزب التى يصعب الوصول إليها، ينتهى الطريق الممهد بآخر منطقة فى العوايد، على الحدود الشرقية لمحافظة الإسكندرية، ويبدأ بعدها طريق ترابى، على جانبيه أراض زراعية فى بداية التصحر، بها أبراج من الكهرباء، يحد الطريق الترابى أكوام من الطين، يمتلئ بأكياس من القمامة، والحيوانات النافقة، ويبدو كطريق يؤدى إلى منطقة مهجورة، لا يسكنها بشر.
 
وعلى بعد 200 متر من الطريق الترابى تظهر منازل صغيرة مشيدة من الطوب الأبيض تبدو وكأنها مهجورة سوى من بعض الأطفال الذين يلهون أمام منازلهم، غير عابئين بمياه الصرف حولهم فى كل مكان، ثم تلوح فى الأفق مجموعة من المنازل ذات الدورين والثلاثة أدوار، تتخللها مجموعة كبيرة من أبراج الكهرباء، التى تخرج منها أسلاك كثيرة، يطلق عليها اسم أسلاك الضغط العالى، وتمر من بين تلك المنازل، ومن خلفها وأمامها، وتحيطها من كل جانب، وتغذى تلك الأبراج شرق الإسكندرية بالكامل.
 
طبيب: الأهالى معرضون للإصابة بأمراض الحساسية والتشوهات الخلقية وارتفاع ضغط الدم.. والصداع المزمن
فى تلك المنازل يواجه أكثر من 5 آلاف أسرة الموت صعقاً بالكهرباء، فى عزبة المراغى القديمة والجديدة، وعزبة الزوايدة، إذ تهدد أسلاك الضغط العالى، التى تحوى أكثر من 100 ألف فولت، حياة المواطنين القاطنين بتلك الأماكن المزدحمة بالسكان، ليس فقط فى منازلهم، بل فى كل مكان يحيط بتلك المنطقة، من مساجد ومستشفيات، ومدارس.
 
أنشئ أول منزل فى تلك المنطقة عام 1999، بعد أن اشترى أحد المواطنين قطعة أرض، عندما كان المتر لا يتعدى 20 جنيهاً، أملاً فى أن يكون من أصحاب الأملاك، وكذا من اتجهوا إلى تلك المنطقة، إلا أنهم لم يكونوا يعرفون خطورة ما سيتعرضون له. ومع أول عام من بناء تلك المنازل اكتشف القاطنون بها الكارثة الكبرى، وهى أسلاك الضغط العالى، ففى البداية شعروا برنين الأسلاك، الذى بدأ يؤثر عليهم، إذ يمتلئ الجو المحيط بتلك الأسلاك بالموجات الكهربائية، مما أصابهم بالصداع المزمن، وبدأت تظهر بعض الأمراض غير المؤثرة إلى أن جاءت الفاجعة، عندما خرجت إحدى القاطنات بالمنطقة لنشر الملابس ولم تكن تبعد الأسلاك عنها سوى بضعة أمتار، وأمسكت الكهرباء بها فقتلتها.
 
دراسة لـ«القومى للبحوث»: خطوط الضغط تؤدى إلى تشوه الأجنة وتدمير البناء الكيميائى لخلايا الجسم
وقال رمضان عمران، أحد القاطنين بتلك المنطقة: «أول ما اشترينا الأرض فى تلك المنطقة كانت أسلاك الضغط العالى موجودة ولم نكن نعلم على الإطلاق مدى السوء الذى تسببه تلك الأسلاك، إلا أن حوادث الموت التى تتكرر كل عام أمام أعيننا، والتى قد تصيبنا جميعاً، أكدت لنا مدى الخطورة».
 
وأضاف رمضان: «لم تمنعنا الحكومة من البناء على تلك الأراضى، ولم تحذرنا حتى بعد البناء، حتى بعد أن ازدادت حالات الموت صعقاً بالكهرباء، كان الإجراء المتبع دائماً هو تحرير محضر بالواقعة، ثم الاختفاء من المنطقة وكأنها خارج الحدود أو من يعيش فيها بلا هوية، وبقينا خارج حساب البنى آدم فى البلد دى».
 
 
أسلاك الضغط العالى تمر بالقرب من شرفات أحد المنازل
 
وتابع: «أتمنى أن أعيش فى خرابة، وفيها الأمراض والصرف الصحى، والتلوث، بس أعيش بعيد عن الضغط العالى، اللى سبب لكل أهل المنطقة الأذى، وانتشر الصداع المزمن حتى عند الأطفال، وانتشر السرطان والكهرباء الزائدة، وبقينا بنموت بالبطىء من وقت ما وصلنا المنطقة دية».
 
وبأحد الأبراج التى تنتصف أحد شوارع المنطقة، توجد طائرة مصنوعة من الورق الملون والخشب، كانت مملوكة لطفل حاول أن يلعب بها كباقى الأطفال ولكن طائرته اشتبكت فى البرج، لم يستسلم الطفل ولم يعبأ بأى شىء، سوى أنه يريد أن يستكمل اللعب، حاول أن يتسلق البرج حتى يخلص طائرته ويحررها لكنه فشل ليصل والده ويجد ابنه منهاراً من البكاء بسبب طائرته، ويضحى بنفسه وصعد فوق أحد أسطح المنازل محاولاً أن يصل إلى الطائرة، لكنه مات بعد أن صعقته الكهرباء.
 
وقال على عبدالرحمن، صاحب أحد المنازل تحت أسلاك الضغط العالى: «كل سنة بنفقد روح جديدة بسبب أسلاك الضغط العالى، بالإضافة إلى الموت البطىء اللى بنتعرض ليه كل يوم، بسبب الأمراض التى يتم اكتشافها، مثل السرطان والصداع المزمن، والفشل الكلوى».
 
وأضاف: «عايشين فى رعب دائم خوفاً من تعرضنا للموت صعقاً بالكهرباء، أو خوفاً من احتراق منازلنا، بسبب الكهرباء الزائدة، إذ إنه فى حالة لمس سلك الضغط العالى تبدأ أسلاك المنازل فى الاحتراق، وفى بعض الأحيان تمتد تلك الحرائق إلى داخل المنازل، يعنى إحنا عايشين فى خطر دائم». وتابع: «نفسى بس أهرب بأولادى وأسرتى من المكان اللى تحت النار اللى فيه الغلطة بموتة، لو حد دايخ شوية ممكن يلمس السلك ويموت من كتر ما السلك قريب جداً من بيوتنا».
 
وقد كشفت دراسة للمركز القومى للبحوث عن أن خطوط كهرباء الضغط العالى تؤدى إلى العديد من الأمراض الخطيرة، على رأسها أمراض القلب وتشوه الأجنة وسرطان الثدى، إضافة إلى تدمير البناء الكيميائى لخلايا الجسم واضطراب الدماغ والخمول والكسل واضطراب معدلات الكالسيوم، وأن مصدر الخطر فى خطوط كهرباء الضغط العالى يكمن فى زيادة المجالات الكهرومغناطيسية التى تصاحب مرور التيار الكهربائى فى الأسلاك.
 
وقال الدكتور أشرف عبدالوهاب، استشارى الأمراض العصبية والنفسية، إنه أجريت دراسة ميدانية مقارنة على 650 حالة معرضة لأسلاك الضغط العالى ومثلهم ممن لا يتعرضون للموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من أسلاك الضغط العالى، ووجدت زيادة الإصابة بين القاطنين فى تلك المناطق بأمراض الحساسية بنسبة 200% والتشوهات الخلقية بنسبة 280% وارتفاع ضغط الدم بنسبة 1.6% والصداع المزمن بنسبة 209% وأمراض الجهاز الهضمى بنسبة 332% والتهاب المفاصل بنسبة 157% وذلك بالمقارنة بالمجموعة غير المعرضة للموجات الكهرومغناطيسية.
 
وأضاف عبدالوهاب أن الأطفال أكثر عرضة للكهرباء الزائدة فى المخ، وذلك بسبب الموجات الكهربائية التى تصدر من الأسلاك مباشرة إلى عقل الطفل. وأشار إلى أن أسلاك الضغط العالى تصدر ما يسمى بالتلوث الكهرومغناطيسى، وهو يسبب أمراضاً خطيرة جداً على السكان القريبين منها، أو يتعرضون لها بشكل مباشر، إذ إن هناك علاقة بين هذا التلوث وإصابة العديد من الأطفال بتكسير حمض DNA لديهم، مما ينتج عنه تدمير خلايا الجسم، ويعتبر سبباً كافياً للإصابة بمرض السرطان، وعلى وجه الخصوص سرطان الدم، وذلك بسبب نقص المناعة الحاد الذى يصاب به الجسم أيضاً.
 
وأوضح أن تلك الموجات التى تصدرها أسلاك الضغط العالى تؤثر على جسم الإنسان نفسياً، وعقلياً، لافتاً إلى أنه لا بد أن تكون هناك مسافة لا تقل عن 100 متر مربع، عن تلك الأسلاك حتى يقل التأثر منها.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.