الرئيس السوداني: عبدالناصر كان رجلا عاقلا وسحب قواته من حلايب بعد إرسال الحكومة السودانية قواتها
أكد الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير، أن العلاقة الثنائية بين مصر والسودان "معمقة" لا تعاني من أي نوع من الإشكالات، حيث ترجمت عمليًا إلى عدد من الإنجازات، منها تنفيذ الطرق البرية الرابطة بين البلدين، وهي طرق مفتوحة، وهناك تجارة مفتوحة وحركة كثيفة من المواطنين.
وأضاف البشير، في حوار لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، "لدينا اتفاقية موقعة، غير أنها معطلة من جانب الإخوة في مصر، وهي اتفاقية الحريات الـ4، وهي كفيلة بأن تلغي الحدود بين البلدين حال تنفيذها، لأن المواطن المصري له حق الإقامة والعمل والتنقل والتملّك، والحقوق نفسها يتمتع بها المواطن السوداني في مصر، ما عدا الحق السياسي فقط، لأنه يرتبط بالجنسية، وذلك إذا جرى تنشيط هذه الاتفاقية، فمن المؤكد أنها ستساعدنا في إزالة جميع العوائق التي تعطل التواصل وحركة المواطنين بين البلدين".
وأضاف البشير، أنهم يسعون لإلغاء الحدود بين البلدين بشكل عملي، موضحًا أن لديهم 3 طرق أسفلتية تربطهم بمصر، وهي طريق شرق النيل، الذي جرى افتتاحه أخيرا، وطريق غرب النيل الذي يجري العمل على نهاية مرحلته النهائية وعلى وشك افتتاحه، إضافة إلى الطريق الساحلي وهو طريق مكتمل، فقط تكمن مشكلته في الحدود، هل هي في "شلاتين" أم في "خط 2"، لافتًا إلى أنها المعضلة الوحيدة التي تحتاج إلى تفاهم حولها، لكن حركة التجارة والتنقل نشطة، ويمكن القول بأن العلاقة بين البلدين على جميع الأوجه تسير في اتجاهها الصحيح.
الحدود بين البلدين كان يرسمها وزير الداخلية المصري منفردًا وقت الحكم الثنائي
وعن النزاع الدائم حول مثلث حلايب، وكيفية تطرقه إلى الموضوع عند لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مستهل الأسبوع المقبل، أوضح البشير أنهم ينظرون دومًا إلى أن العلاقة مع مصر من أهم علاقات السودان الخارجية، نسبة للارتباطات الكثيرة والعميقة بين البلدين، أما فيما يتعلق بالنزاع القديم المتجدد، عندما بدأ في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، فهو أول من حاول ضم حلايب إلى مصر، وقتها كان في عهد حكومة عبد الله خليل، فكان رد الفعل أن الحكومة السودانية وقتها أرسلت قوات شمال القوات المصرية، ما يعني الاستعداد للصدام وقتها، حيث إن الرئيس عبد الله خليل نفسه مشي وعسكر هناك، فكان الرئيس جمال عبد الناصر رجلًا عاقلًا ولذلك سحب قواته، وفي ذات الوقت السودان قدَّم شكوى بموجبها إلى مجلس الأمن والشكوى موجودة حتى الآن، حيث إنها تجدد سنويا غير أنها لم تنشّط".
وتابع: "معروف تاريخيًا أن الحدود بين السودان ومصر قبل اجتياح محمد علي باشا للسودان كانت حدود الأخير، والتي تتمثل في الدولة السنّارية تبلغ جنوب أسوان، بمعنى أن مدينة أسوان نفسها خارج الحدود، ولو لاحظت للوقف السنّاري الموجود الآن في المملكة، وتحديدًا في المدينة المنورة ستجد خريطة توضح حدود السودان الشمالية، وبعد أن جاء محمد علي باشا وضم السودان إلى مصر إذ لم يكن يعد السودان مستعمرة وعمل الحدود حتى أوغندا، ولكن بعد أن جاء الحكم الثنائي عدَّ السودان جزءا من أملاك الخديو، باعتبار أن الإنجليز جاءوا مشاركين المصريين في حكم السودان، ولذلك كانت الحدود بين البلدين يرسمها دائما وزير الداخلية في مصر منفردًا، وتغيرت الحدود أكثر من مرة في فترة الحكم الثنائي، لكن الشاهد أن الحدود منطقة حلايب كانت على خط 22 تغيَّرت في منطقة الشرقية منها والتي سميت "بير الطويل" في منطقة النيل، وفي النيل الذي يتخذ نتوءا، وحجتنا أن هذه هي حدود السودان لأنه عندما جاء طرح النوبيين بعد أن غرقت بحيرة السد العالي المنطقة، فالسكان القاطنون في هذا النتوء هجّروا إلى داخل السودان.
مضيفًا أنه في عام 1953 جرت أول انتخابات للحكم الذاتي وقتها كانت حلايب دائرة انتخابية في ظل الحكم الثنائي، ولذلك فالحجة واضحة ولذلك فهي قوية، ولكن لماذا جاء التغيير في هذه المنطقة؟، أوضح بأنه جاء بغرض ضم قبائل العبابدة إلى مصر والبشاريين إلى السودان باعتبار أن رئاسة العبابدة في مصر ورئاسة البشاريين في داخل السودان في نهر عطبرة، ولذلك فإن "المصريين يقولون حدودهم عند خط 22 ولكن نحن نتحدث عن الحدود بشكلها المعروف به في الأطلس في كل أنحاء العالم، حيث حين تأتي مثلا على منطقة "بئر الطويل" لماذا أصبحت منطقة لا تتبع أحدًا، نحن نقول إن هذه المنطقة تتبع لمصر لأنها جنوب الخط 22 والمصريون يتحدثون عن أن حدودهم على الخط 22 ولذلك يقولون إن "بئر الطويل" تتبع للسودان، ولذلك فنحن لنا الحجة في ذلك".
وعن مدى وصول النزاع إلى حرب، أكد "البشير" أنهم لن يحاربوا مصر في هذه الحدود و"سنحاول حلّها بالتحاور والتفاوض مع إخوتنا المصريين وفي حالة العجز التام فلن يكون أمامنا إلا اللجوء إلى التحكيم وإلى الأمم المتحدة، ونحن لنا أمل بأن نصل إلى نهاية سعيدة بالتفاهم والتحاور والتفاوض المتعقّل، ولن ندخل في حرب مع الشقيقة مصر في هذه الحدود لأن ما بين البلدين والشعبين الشقيقين أكثر من تداخل، فهما كفيلان بأن يتجاوزا مشكلة الحدود".